البحث عن المواهب فى القرى والنجوع!!
تحدثت في الحلقتين الماضيتين ضمن نصائحي لاتحاد الكرة عن منظومة الناشئين وكيف إنهارت في مصر بالشكل الذي أصبحت معه المواهب فقيرة للغاية.. والعجيب أن ذلك جاء تزامنا مع تألق أثنين من النجوم المصريين الآن في أوروبا، الأول بتألقه منذ سنوات مع ليفربول محمد صلاح وهو قائد الجيل الحالي، والثاني بعد انتقاله لأكبر أندية العالم وهو عمر مرموش في مانشستر سيتي، بما يعني بأن المواهب لم تنضب على أرض مصر وأنها موجودة بكثرة في شعب تعداده تجاوز 110 ملايين نسمة، وأنها تنتظر فقط من يكتشفها. وطالبت اتحاد الكرة بوضع استراتيجية للبحث عن تلك المواهب.
وقد يقول قارئ لهذا المقال: وما دور إتحاد الكرة وهذا الأمر من إختصاص الأندية التي يجب ان تبحث عنها كما كان يتم في الماضي في القرى والنجوع النائية عن طريق الكشافين وهو ما لم تعد الأندية تقوم به الآن، وأصبحت تبحث عن اللاعبين الأجانب الجاهزين.
والحقيقة أن اتحاد الكرة له دور ضليع في تلك القضية لأنه يجب أن تكون لديه خطط طويلة الأمد للبحث عن المواهب عند بدء مشروع تكوين منتخبات الناشئين والشباب ومن المدربين الذين كانوا يبحثون عن المواهب عند توليه مهمة المدير الفني للمراحل السنية الكابتن ربيع ياسين الذي كان يقوم بعمل فردي حيث كان يجوب الأقاليم للبحث عن المواهب وكان يطلب من المناطق تنظيم تجمعات للناشئين في مناطق مختلفة للذهاب إليها والبحث عن المواهب بينها، ولكنه كان في النهاية جهداً فردياً إنتهى بتركه للمهمة.
وفي هذه الحلقة أحاول توجيه النصيحة لاتحاد الكرة بالبدء في وضع مشروع قومي تشارك فيه كل الجهات الكروية بما فيها الأندية والمناطق التي لم يعد لها أي دور إيجابي في أي مشاريع للكرة.
وقبل أن أضع مقترحا لمشروع كبير للكرة المصرية أحب هنا أن أوضح بالإحصائيات أن أغلب المشاريع والأكاديميات تبحث عن الناشئين المتوفرين في المناطق المختلفة والذين تكون أسرهم قادرة على دفع مبالغ مالية لإنضمامهم إلى الأندية أو الأكاديميات التي تطلب مبالغ كبيرة لقيدهم ومشاركتهم في مسابقات المراحل السنية، وهؤلاء يخرج منهم موهبة حقيقية من كل مائة ألف لاعب يتم اختياره، بينما اختيار اللاعبين من الأسر الفقيرة التي لا تستطيع تحمل تلك الالتزامات المادية من القرى النائية يكون فرصة ظهور الموهبة الحقيقية فيه واحد من كل ألف فقط وهي نظرية ربانية تنتج عن روح الإصرار والعزيمة عند هؤلاء الفقراء لتحسين أوضاعهم المادية، وكانت تلك سبب في اتجاه أوروبا الآن للبحث عن المواهب في قارة أفريقيا من هذه الأسر الفقيرة التي خرج منها أغلب النجوم الأفارقة المنتشرين في أوروبا الآن.
اتحاد الكرة يمكن أن يضع خطته عند تأسيس أي منتخب للمراحل السنية بطريقة علمية بوضع مجموعة من المساعدين يتقاضون أجورا ولكنها ستعود بشكل إيجابي جدا على الكرة المصرية بعشرات المرات القيمة التي يتم صرفها على تلك الأجهزة عندما يخرج سنويا عدد كبير من الناشئين للاحتراف الخارجي في أوروبا أو على الأقل إذا خرجت المواهب للعب داخليا في الدوري المصري لتوفر ملايين الدولارات التي تنفق في الكرة المصرية على شراء لاعبين جاهزين من جانب الأندية، وقد نكتشف أن أغلبها بعد أن تلعب فعليا في مصر لا تساوي هذه المبالغ، وأنها لو أنفقت على قطاعات الناشئين لخرجنا بعشرات اللاعبين من الممكن أن يقدموا للكرة المصرية الكثير.
ويجب ان تقوم الأجهزة بجولاتها في الأقاليم وفي المدارس في المناطق الفقيرة وكذلك في الساحات التي يلعبون فيها كما كان يفعل الكشافون في الماضي، ويذهبون بتلك المواهب للأندية مباشرة.
ولكن الآن يمكن أن تكون اختياراتهم للمنتخبات وبعدها ستلهث الأندية وراءهم للتعاقد معهم وسيكون للكرة المصرية شأن آخر، وإلى نصيحة أخرى أقدمها لاتحاد الكرة، فهل نفعل؟؟
أفلح إن صدق!!