أكد اللواء أركان حرب د.وائل ربيع، مستشار مركز الدراسات الإستراتيجية بالأكاديمية العسكرية، ان مصر رفضت تهجير الفلسطينيين وستظل ترفضه رفضا قاطعا، مشهد المصريين أمام معبر رفح رسالة لا تخطئها عين بأنه لن يقبل ما يخالف ثوابته. وان الرئيس السيسى وصف تهجير الفلسطينيين ظلم لا يمكن أن تشارك مصر فيه، كان يوجه رسالة الى العالم بموقف مصر الحاسم لانها لا تقبل تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى مصر أو إلى أى دولة أخرى»، وأنه لا يمكن أبداً التنازل عن ثوابت الموقف المصرى التاريخى للقضية الفلسطينية، وهى تصريحات نابعة من رجل دولة لديه حكمه وفهم عميق لأبعاد القضية الفلسطينية، ونابعة من غيرته على حقوق الشعب الفلسطينى وأن الحل هو إقامة دولة فلسطينية بحقوق تاريخية على الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لذا فإن خروجهم سواء طوعيا أو قسريا هو اعادة احتلال لأراضيهم والاستيلاء عليها وتنفيذ مخططات استيطانية عليها، مما يعنى اللاعودة وتكرار نكبة 1948، ولكن الفلسطينيين استوعبوا الدرس، وتمسكوا بأرضهم بالرغم من التنكيل الإسرائيلي، والقصف والقتل والتدمير والتجويع والتعطيش والابادة الجماعية فى قطاع غزة، والاعتداءات والاعتقالات فى الضفة الغربية.
والمشهد اليوم سوف يكتبه التاريخ الفلسطيني، بعودة النازحين إلى شمال غزة بعد تهجيرهم، إلى بيوتهم المهدمة وعائلاتهم المكلومة، ولكنه حق العودة إلى أراضيهم بمئات الآلاف من الفلسطينيين المتمسكين بأرضهم، يعودون مشيا على الأقدام من محور رشيد ويقطعون مسافة تتجاوز عشرة كيلومترات، بعد استبعادهم اكثر من 15 شهرا، وبعد نزوحهم أكثر من مرة من وسط وشمال وجنوب غزة، وتعرضهم للمهالك، واليوم يعودون بفضل جهود الوسطاء مصر وقطر والولايات المتحدة، وبعد الأزمة التى اختلقها نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، بسبب المجندة فى برنامج الفضاء الإسرائيلى اربيل يهودا، وواصلت مصر وقطر جهودهما لاستمرار الاتفاق، وفتح محور رشيد، ومرور المركبات بعد التفتيش من محور نتساريم.
يقول اللواء أركان حرب وائل ربيع ان اشارة البدء لما يحدث حاليا فى الضفة الغربية هو قرار بإلغاء قانون نص على فرض عقوبات على المستوطنين والمجموعات الإسرائيلية المتورطين فى أعمال عنف فى الضفة الغربية ضد الفلسطينيين ووضعهم فى القوائم الامريكية السوداء.
وهى نقطة مهمة فى إطار حماية الأمن القومى المصرى والقضية الفلسطينية هى قضية محورية لنا.
>> لماذا عاد حديث التهجير من جديد وبلغة فيها إصرار؟
> لأن التهجير مخطط لم ينته هم يصرون عليه ويحاولون الضغط من أجله، لكن مصر موقفها واضح وعبر عنه الرئيس السيسى عندما قال ان التهجير ظلم للفلسطينيين لن تشارك فيه مصر.
>> لكنهم يضغطون.
> ونحن أيضاً لن نستسلم والقضية ليست رئيسًا فقط، بل شعب بالكامل يرفض هذا الأمر، فهو موقف وطنى يجتمع عليه الجميع ومهما فعلوا نستجيب لهم، لن نفعل سوى ما يحمى أمننا القومى ويحمى القضية فنحن قيادة وشعبًا نرفض التهجير حتى يوم القيامة وهذا ما قاله المصريون.
وأعتقد أن مشهد المصريين أمام معبر رفح وإعلانهم التوحد خلف القيادة السياسية فى موقفها الرافض للتهجير أكبر دليل على أن هذا موقف شعب وليس قيادة فقط والشعب المصرى من أمام المعبر وجه رسالة لا تخطئها عين بأنه لن يقبل ما يخالف ثوابته مهما كان الثمن.
>>فى هذه الاجواء تقع على مصر مسئولية كبيرة من أجل مساعدة قطاع غزة لتثبيت الاتفاق وإدخال المساعدات وإعادة الإعمار فما آليات التواصل للمستهدف؟
> الاتفاق واضح ومراحله الثلاث يمكن تنفيذها ومن يقول إن بنوده غير واضحة ليس صحيحا وهناك خمس نقاط رئيسية وأولها تبادل الأسرى من كلا الجانبين وفق جدول زمنى والنقطة الثانية انسحاب القوات الإسرائيلية تدريجيا حيث تنسحب فى الأسبوع الأول من محور رشيد فى الشمال وبناء على هذا الانسحاب يتم دخول النازحين إلى هذا المحور والتحرك نحو الوسط والشمال وهو ما يحدث وفى المرحلة الثانية الانسحاب من محور نتساريم وهذا يعنى إخلاء شارع صلاح الدين وتصبح المحاور مهيأة لعودة النازحين بيسر إلى شمال ووسط غزة وفى نهاية الـ42 يوما من المرحلة الأولى للاتفاق سوف تكون كل القوات الإسرائيلية انسحبت إلى منطقة أمنية فى القطاع طولها 600 متر على كامل الحدود.. وإسرائيل خلال المفاوضات كانت تريد الانسحاب فى شريط أمنى على كامل الحدود كيلومترا و200 متر ومصر رفضت تماما هذا الأمر لأن ذلك يعنى أن الشريط الحدودى والذى يمتد لـ61 كيلومترا يتم فيها فرض شريط أمنى كيلو متر و200 متر يعنى حوالى 610 كيلوا مترات مربع من إجمالى مساحة غزة وهذا رقم كبير رفضته مصر وتم التوافق على الـ600 متر على كامل الحدود.
وكل المتواجد على محور نتساريم أربعة كرفانات تم فكها بسهولة ونقلها من المحاور وجرها بعربات وإخلاء المحاور ولم يتم بناء أبراج أمنية كما كان يقال وقواعد عسكرية وأسوار ولا يوجد هذا وإنما أنماط يمكن فكها ونقلها وهى كرفانات اتصالات ولا توجد هذه المعدات كما يشاع فى محور فيلادلفيا وإنما هناك قوات سوف تنسحب تدريجيا من المحور فى حد أقصى 50 يوما.
وعلى الرغم من أن بعض الأمور عطلت التوصل إلى الاتفاق وكل جانب كان يريد أن يقول إن له اليد العليا فى اتخاذ القرار داخل الاتفاق لكن تم التوصل إلى آلية واضحة بفضل جهود الوسطاء خاصة مصر.
وعلى الرغم من الإبادة الجماعية التى قامت بها إسرائيل وعدد الشهداء الذى تجاوز الخمسين ألفا ومازالت عمليات الانتشال من تحت الأنقاض للشهداء مستمرة وعدد المصابين الذين تجاوزوا مائة ألف والإجراءات التعسفية الإسرائيلية التى تسببت فى نزوح وتجويع شعب غزة وهدم المنازل وهدم البنية الأساسية وقتل المدنيين من الأطفال والنساء وكبار السن إلا أن إسرائيل لم تحقق أهدافها من هذه العملية العسكرية بل حققت فشلا.
وكانت من أهداف هذه الحرب القضاء على حماس وأن لا تحكم وتدير قطاع غزة مرة أخرى ولكن ما شاهدناه عند إطلاق سراح الأسرى فى أول أيام الهدنة من تماسك قوات حماس والحاضنة الشعبية كان له أثر كبير وتداعيات فى الداخل الإسرائيلى والذى اتهم نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل بأنه كذب على الجمهور الإسرائيلى وقال يائيرلابيد له أن يوافق على وقف إطلاق النار وأنه سوف يحمى الحكومة من اسقاطها فى حال انسحاب بن غفير وسموتريتش ولكن عندما ظهرت قوة حماس أمام الشاشات علنا وتأكد الجميع أنه لم يتم القضاء على حماس، حيث ظهرت على عربات وعدد العساكر كبير وسيطرتهم على القطاع، هنا ظهر الفشل الذريع وتجلى أمام أنظار العالم ولذا قدم رئيس الأركان للجيش الإسرائيلى استقالته وقائد المنطقة الجنوبية وكذلك لابيد طالب الحكومة بالاستقالة بالرغم من وعده بحماية الحكومة من السقوط.
>> كيف ترى تبعات اتفاق أوسلو فى الضفة الغربية؟
> الضفة مقسمة إلى ثلاث مناطق وهى (ألف وباء وجيم) والمنطقة ألف سيطرة أمنية ومدنية فلسطينية وهذه تمثل 12 فى المائة من أراضى الضفة الغربية والمنطقة (ب) سيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية وتمثل 22 فى المائة من أراضى الضفة والمنطقة (ج) وهى سيطرة مدنية وأمنية إسرائيلية ومساحتها 66 فى المائة من أراضى الضفة وهذا هو اتفاق أوسلو المجحف.
إسرائيل لها يد فى عدم حدوث مصالحة وطنية فلسطينية فلسطينية ومصر بذلت جهودا غير طبيعية لتوحيد الصف الفلسطينى ولكن عدم وجود إرادة سياسية فلسطينية هو ما عرقل هذه الجهود وكان هناك اتفاق فلسطينى فى بكين بالصين منذ شهور ووقع 14 فصيلا فلسطينيا على اتفاق ينص على تشكيل حكومة وفاق وطنى، تدير الضفة وقطاع غزة وتنفذ انتخابات محلية لانتخاب شرعية ووقعت حماس وحركة الجهاد ولم يتم تنفيذها فى حين أنها أفضل طريقة للوفاق ومصر طرحت آلية مشتركة لادارة قطاع غزة ولم تنفذ أيضا من الجانبين وما تعمل عليه مصر حاليا غرفة اللجنة المشتركة لتنفيذ اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار وادخال المساعدات بها مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية وحركة حماس والسلطة الفلسطينية.
ومصر قامت بتجهيز معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية ولكن مع عدم وجود القوات الإسرائيلية على الجانب الآخر من المعبر وتصر على تواجد فلسطينى وليس إسرائيلى وتم الرجوع إلى اتفاقية المعابر 2005 والتى تنص سيطرة مصر الكاملة على الجانب المصرى من المعبر وفى الجانب الآخر عناصر من السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي.
>> لماذا بعد كل هذه الحرب التوجه نحو الضفة الغربية بعملية عسكرية؟
> العملية العسكرية فى الضفة الغربية المقصود منها ضمها إلى إسرائيل.. وهناك نقطة مهمة وهى أن الضفة الغربية بالكامل هى أرض محتلة و الحقيقة أن القرار 181 بتاريخ 7 نوفمبر 1947 الخاص بتقسيم أرض فلسطين إلى دولتين دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية وكان منصوصا فيها أنه من ضمن أراضى الدولة الفلسطينية الضفة الغربية بالكامل والتوغل الإسرائيلى داخل الضفة وبناء المستوطنات هو احتلال وهو أمر مخالف للشرعية الدولية والقانون الدولى ولأن هناك احتلالا لابد أن تكون هناك مقاومة ومن حق الشعب الفلسطينى طبقا لقرارات الأمم المتحدة أن يقاوم المحتل بالسلاح.
>> ما الهدف من العملية العسكرية الإسرائيلية السور الحديدية فى الضفة؟
> هدف إسرائيل فى الضفة الغربية هو ضم واحتلال الضفة الغربية ولتنفيذ هذا الهدف الإستراتيجى ومن أجل تحقيقه يقوم بالقضاء على المقاومة المسلحة فى الضفة الغربية وهى موجودة فى مخيمات اللاجئين وعددها 19 معسكرا ومنهم معسكر جنين ومعسكر طولكرم والبيرة والقدس وبيت لحم وليس كلها بها عناصر مسلحة وتم تسمية هذه العملية السور الحديدية والقوات الإسرائيلية منذ أكثر من 50 يوما تقاتل فى معسكر جنين فقط ولم يحقق أى نتائج والنقطة الأخري.
>> والسؤال أنه حتى لو ضم الأراضى فى الضفة كيف سيديرونها؟
> الإجابة أنه لن يستطيع إدارتها لأن التوازن الديموغرافى هنا لصالح الفلسطينيين حيث ان هناك 3 ملايين و400 ألف فلسطينى فى مقابلهم 460 ألف يهودى والفرق هنا كبير جدا ولذلك تحاول إسرائيل طوال الوقت أن تعمل توازنا ديموغرافيا فى المناطق المهمة مثل القدس عدد الفلسطينيين فيها حوالى 400 ألف وعدد اليهود 300 ألف ولذا أقول إن إسرائيل سوف تفشل فى إدارة الضفة الغربية لأن التوازن الديموغرافى لصالح الفلسطينيين ولذا نجد انه يخطط لتهجير الفلسطينيين لكى يسيطر عليها بالكامل وهذا أمر خارج المعقولية والمنطق أنه ينفذ هذا الأمر وبهذا الشكل.
>> لو تم الاعتداء على أهل الضفة بنفس وحشية الاعتداء على أهل غزة هل من الممكن أن يتم تهجيره إلى دول الجوار؟
> الشعب الفلسطينى لن يقبل ولديه تجربة مريرة 1948 عندما تم ارتكاب المجازر فى حقه من الجانب الإسرائيلى وتم تهجير 760 ألف فلسطينى إلى معسكرات اللاجئين فى لبنان وسوريا والاردن وعانوا لعشرات السنين على أمل حق العودة وتم عمل قانون العودة وإنشاء منظمة الأونروا لمساعدتهم وهى المنظمة التى تريد إسرائيل ايقافها وسحبت الولايات المتحدة الدعم لها ولكن الفلسطينيين لم يستطيعوا أن يحققوا حلمهم بالعودة ولذا لن يكرر الفلسطينيون نفس المأساة ورأيناه فى غزة وقد شهدنا مسيرات العودة من النازحين إلى أرضهم فى مشهد يؤكد تمسك الفلسطينيين بأرضهم.
وكان هناك تماسك برغم الأهوال التى عانوا منها إلا أنهم متمسكون جدا بالأرض وهذه نقطة قوة للشعب الفلسطينى التى اعتقد انها ترعب إسرائيل وهذا التمسك تم الإشادة بها فى الصحف الإسرائيلية وذكروا أن الشعب الفلسطينى لديه قدرة غير طبيعية على التمسك بأرضه والمشكلة هنا فى الحكومة المتطرفة والغرب الذى يدعمه ولكن هناك دولا بدأت تتراجع بعد حرب الاعتراف بالدول الفلسطينية على غزة، والواضح أن هناك موقفا للإدارة الأمريكية الحالية والسابقة مؤيد لإسرائيل بشكل أو آخر، والشعوب العربية ترفض التطبيع قبل الاعتراف بالدولة الفلسطينية وزاد رفضها أكثر حاليا لذا لن يكون سهلا تنفيذ مشروع ترامب والاتفاق الابراهيمي.
>> هل سوف يثبت اتفاق الهدنة فى غزة؟
> ان اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مصر هى التى صاغته وعرضته فى آخر شهر مايو العام الماضى وبعدها عرضه الرئيس الأمريكى السابق بايدن على أنه مبادرة أمريكية بنفس البنود والمراحل ورفضه نتنياهو لأنه كان يريد تحقيق أهداف الحرب المعلنة وغير المعلنة ولكنه فشل بعد أكثر من 15 شهرا وقبل إبرام الاتفاق بأسابيع كان هناك خسائر كبيرة لدى إسرائيل فى عدد القتلى فى الجنود وشعر أن قوة الدفع لدى الجيش ضعيفة والخسائر كبيرة واضطر على الموافقة ومن سوف ينفذ هذا الاتفاق بكل جوانبه بالتأكيد مصر والسؤال أين دور الدول العربية والموضوع ليس موضوع مظاهرات احتجاجية ومن المفترض أن يشاركوا فى إعمار غزة لانه سوف يكون على مدار سنوات حتى 2040 وسوف يكلف أكثر من 50 مليار دولار ويحتاج مساهمة عربية ولن يكون الأمر متوقفا على المساعدات الإنسانية والإغاثية ولذا مصر تدعو لعقد مؤتمر دولى وإنشاء صندوق لإعمار غزة.
ولابد أن نعلم أن قرار ترامب بالعفو عن المستوطنين والتوقيع عليه كان إشارة البدء للعملية العسكرية التى تحدث فى الضفة الغربية وهى نقطة هامة فى إطار حماية الأمن القومى المصرى والقضية الفلسطينية هى قضية محورية لنا وبالرغم من تصريحات والمواقف الأولية للرئيس ترامب بأنه لا يريد حروبا فى المنطقة، وقام بالعفو عن المستوطنين وقال إنه سوف يغير اسم الخليج المكسيكي، وأنه لا يريد حروبا ولكنه يريد الاستيلاء على قناة بنما، وكل هذه المواقف تعكس استراتيجية دولة تريد ان تجمع أكبر قدر من الأموال .
>> ما رؤيتك للوضع الحالى فى سوريا بعد بشار الاسد؟
> الإدارة السورية الحالية امامها تحديات غير طبيعية لاعادة بناء ما تم تدميره خلال سنوات الحرب واعادة هيكلة الدولة، كما ان هناك مشكلة ادماج الفصائل الموجودة ومنها هيئة تحرير الشام فى الجيش السورى النظامي، وهو موضوع ليس بهذه البساطة، ولا يتوقف على تسليم السلاح والانضمام للجيش، والحصول على رتبة عسكرية، والنقطة الأخرى ان الرئيس السورى أحمد الشرع صرح بأنه لن يسمح بوجود سلاح خارج سلاح الدولة، بما فيها قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، ومحاولة دمجها ضمن الجيش السوري، وهو موضوع صعب وتحدي كبير ، حيث ان لديهم شروطا أبرزها الحفاظ على السلاح إلى حين التوصل إلى صيغة توافقية تضمن حقوق الأكراد ضمن دولة موحدة، والأكراد يدركون أن التخلى عن السلاح يعنى فقدانهم لإحدى أهم أدوات الضغط فى أى مفاوضات سياسية، خاصة مع استمرار التهديدات من احدى دول الجوار والتوترات فى مناطق الشمال الشرقي، وهو من اكبر التحديات بالاضافة إلى دمج قوات الجيش السورى الحر المتواجد ايضا فى الشمال داخل الجيش.
وهناك تحد آخر، يتعلق بما قاله الشرع بأنه لا يوجد سلاح خارج الدولة، وهو تحد كبير دمج قسد والجيش السورى الحر وهم ضباط انفصلوا عن الجيش فى عهد الرئيس السابق بشار الأسد وهم من السنة حيث كانت هناك مشكلة فى الجيش فى حقبة الأسد أن غالبية الجيش من أهل السنة والقيادات فى الوحدات من العلويين ويتم منح المراتب العليا لهم وحرمان بقية الطوائف وكانت هذه تفرقة غير عادلة فى الجيش.
وقوات قسد تدعمها دول كبرى تسليحا وتدريبا وتمويلا لان من مصلحتها التواجد فى شرق سوريا حيث إن فيه معظم الثروة النفطية والبترول السورى والمسيطر عليه حاليا أمريكا وتقوم ببيعه وتمويل قوات قسد وهذه المعادلة منذ زمن طويل وفى عهد بشار وتوجد أيضا 6 قواعد عسكرية أمريكية فى هذه المنطقة والقاعدة الأمريكية الرئيسية هى التنف على الحدود ما بين سوريا والاردن والعراق وباقى القواعد العسكرية شرق منطقة دير الزور وتحديدا شرق الفرات والولايات المتحدة تعترف بالدولة الكردية المسماة كردستان.
وفى شمال سوريا يتواجد الجيش السورى الحر وهو مدعوم من احدى الدول تسليحا وتدريبا وتمويلا لأن لديها مصلحة بأن تكون لديها منطقة أمنية مع الحدود السورية عازلة لكى تتجنب أى تحركات من أعضاء منظمة bkk اى الأكراد لأنهم يعتبرونهم أكبر خطر لأنهم يريدون إقامة دولة كردستان على جزء من الأراضى الحدودية.
وكل هذه التحديات أمام الإدارة السورية الجديدة وهناك جدال كبير بين أحمد الشرع والأكراد ولا يريد التدخل الأمريكى وقائد قسد أعلن موافقته على الاندماج فى الجيش بشرط الاحتفاظ بسلاحهم والشرع رفض هذا الأمر باعتبار أنها سوف تكون وحدة داخل الجيش معها سلاح خاص بها ولن تأخذ أوامر من القيادة العليا وهذا لن يكون ممكنا.
والتحدى الثانى فى بناء الجيش السورى هو العناصر الإسلامية الأجنبية الموجودة فى هيئة تحرير الشام لأن السوريين لن يقبلوا هذا.
>> وماذا عن احتلال إسرائيل لبعض الأراضى السورية فور تغيير السلطة؟
> وهذا تحد آخر أمام إدارة احمد الشرع، وهو الاحتلال الإسرائيلى فى غرب سوريا حيث قام بإلغاء اتفاقية 1974 الخاصة بالمنطقة العازلة فى الجولان واحتل جبل الشيخ واحتل عشرة كيلومترات فى عمق الدولة السورية منطقة درعا ومنطقة القنيطرة بما يعادل 600 كيلو مربع وهى مساحة كبيرة تم احتلال عشرة كيلومترات عمقا و60 كيلومترا بطول الحدود السورية مع إسرائيل.
هذه النقطة مهمة لأنه أصبح هناك أراض سورية محتلة حديثا من إسرائيل وفى الأساس الجولان أراض محتلة ضمتها إسرائيل لها عام 1983 بقرار من الكنيست والرئيس ترامب فى عهد إدارته السابقة اعتراف بالجولان أراضى إسرائيلية.
الإشكالية أن هذه الأراضى المحتلة هى التى تسيطر على المياه الداخلة إلى سوريا والعراق والأردن وتسيطر على عشرة سدود فى هذه المنطقة.
بداية من سد المنطرة فى الشمال والامتداد جنوبا إلى سد الوحدة الذى يسيطر على مياه نهر اليرموك وهما أكبر السدود فى سوريا.
بالإضافة إلى الإجراءات التى اتخذها الاحتلال داخل الأراضى السورية حيث تم إخلاء جميع المقار الحكومية السورية فى درعا والقنيطرة وتم تفتيش كافة المقار الحكومية وإخلاؤها من الأسلحة والاستيلاء عليها.
>> ما أهداف إسرائيل من هذه العمليات فى سوريا؟
> بعد 24 ساعة من دخول أحمد الشرع دمشق كانت القوات المسلحة السورية تم تدميرها بالكامل بواسطة الطيران الإسرائيلى ومنها القوات البحرية والدفاع الجوى ومخازن الصواريخ والاسلحة ومصانع الأسلحة والكيماويات داخل سوريا وهدف إسرائيل أن الدولة السورية الجديدة بقيادة الشرع ضعيفة وأن تكون بدون جيش وقد نجحت فى هذا وسوريا أصبحت عبارة عن مجموعات من العناصر الإسلامية التى كانت تقاوم نظام بشار الأسد.
>> ما الذى يجب ان تقوم به الادارة السورية الجديدة؟ وماذا عن الزيارات المتلاحقة من الاتحاد الأوروبى والدول العربية للإدارة السورية الجديدة؟
> على الإدارة السورية الإسراع فى استعادة شكل الدولة وإعادة هيكلة مؤسسات الجيش، واستعادة قدرات الجيش السوري، بعد الاعتداء الإسرائيلي، كل الزيارات للدول الغربية والعربية للإدارة السورية الجديدة تستهدف التأكد بأن هناك دولة سورية لا تسيطر عليها الميليشيات الإسلامية المسلحة، وجميع المستويات التى قامت بزيارة دمشق هى على المستوى الامني، بهدف التأكد من انها لا تهدد الامن والسلم فى المنطقة.
وكل هذه الزيارات تستهدف أن تطمئن بأن الدولة السورية لا يسيطر عليها الفصائل الإسلامية المسلحة وأنه سيتم السماح لباقى الطوائف والفئات بقيادة المرحلة.. فكل الدول الغربية تريد أن تتأكد ان الدولة السورية الجديدة لن تسيطر عليها العتاصر المسلحة أو يمكن أن تهدد الأمن والسلم فى المنطقة.
>> لكن توجهات الدولة المصرية واضحة بالنسبة للوضع فى سوريا وتستهدف الاستقرار؟
> هذه هى ثوابت مصر عدم التدخل فى شئون الآخرين، ودعم الأشقاء من أجل الاستقرار وهناك اكثر من تصريح لوزير الخارجية بدر عبدالعاطى ان مصر تريد دولة سورية مستقرة ومستقلة وتضم جميع طوائف الشعب السوري، وانه من مصلحة مصر استقرار سوريا، ومصر لديها مطالب من الإدارة السورية لإثبات حسن النوايا منها ألا تتحول سوريا إلى مكان لايواء الإرهابيين وألا تكون مكانا يصدر منه عمليات ثؤثر على الأمن القومى المصرى بواسطة العناصر الإرهابية، وهو مطلب غاية فى الأهمية، والبديل فى تواجد العناصر الإرهابية الموجودة فى سوريا انتقالها إلى مصر أو ليبيا، وبالفعل تم القبض على عناصر منهم فى ليبيا تم سفرهم بواسطة طيران احدى الدول، ولا نستبعد أن هذه العناصر ممكن ان تحاول التحرك نحو مصر وهذا تهديد للأمن القومى المصرى بلا شك.
>> هذا يدفعنا للسؤال عن التحركات المصرية لتأمين الأمن القومى وتهدئة بؤر الصراع فى الإقليم؟
> هناك تحركات طوال الوقت على مستوى القيادة السياسية، من أجل الأمن القومى المصرى والعربى وتحقيق الاستقرار فى المنطقة وعلى المدى القريب كان هناك لقاء بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والفريق حفتر للتنسيق والترتيب الأمنى فى ليبيا وهناك تنسيق أيضا بين مصر والرئيس البرهان فى السودان وقام بعمل زيارة مهمة وزير الخارجية المصرى وهذه التحركات تستهدف احتواء التوترات الموجودة فى حدودنا الإستراتيجية، الجنوبى والغربي، بالإضافة إلى المجهود الخارق للمفاوضين المصريين من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى غزة بين حركة حماس وإسرائيل، وكل هذه التحركات الرئاسية والسياسية والدبلوماسية من أجل احتواء التوترات فى المنطقة ومواجهة ما يهدد القومى المصري.