عندما تكون الحكمة أساس القيادة.. والحوار والشفافية والتواصل ركائز بناء الوعى الحقيقى والفهم الصحيح، لذلك فإن حرص الرئيس السيسى على الحديث مع المصريين وفى القلب منهم الشباب هو منهج يرسخ قيمة وطنية، ويبنى وعياً حقيقياً هو صمام الأمان للحفاظ على مصر فى ظل حروب الأكاذيب والشائعات والتشويه والتشكيك ومحاولات تزييف الوعي، وتشويه المواقف الشريفة لذلك جاء حديث الرئيس السيسى مع طلاب الكليات العسكرية والشرطة شاملاً ومركزاً على قضايا تمثل شواغل واهتمامات المصريين.. بالإضافة إلى توضيح كامل لكافة الحقائق.. ولعل كلام الرئيس عن الأوضاع فى غزة، والتحذيرات المصرية المتواصلة، والثوابت والمواقف التى يقودها الرئيس السيسى فى الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وعلى كافة المسارات السياسية والدبلوماسية والقانونية والإنسانية، والعمل على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة دليل على حكمة القيادة المصرية.
تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى زيارتين الأولى للأكاديمية العسكرية المصرية، والثانية لأكاديمية الشرطة إلى طلاب الكليات العسكرية والشرطة بمناسبة انتهاء فترة التدريب والإعداد والتأهيل للطلبة المستجدين بشكل مستفيض رغم أن الحديث لم يستغرق طويلاً ولكنه كان شاملاً، مركزاً على أهم القضايا والتحديات الداخلية، وما تحقق فى مواجهة هذه التحديات والمتغيرات والأزمات الإقليمية والدولية، سواء لطمأنة الشباب المنوط به حماية هذا الوطن وأمنه واستقراره، أو للمصريين بشكل عام، أو لبناء وعى حقيقى نحن فى أمس الحاجة إليه خاصة انه السلاح الأهم فى مواجهة حروب شرسة تستهدف الدولة المصرية، وتسعى إلى تزييف وعى شعبها بالأكاذيب والتشكيك والنيل من عزيمة وإرادة المصريين وهز ثقتهم وإضعاف روحهم المعنوية.. أو تأليب المواطن على الدولة، لكن هذا الحديث يعد نموذجاً للمواجهة الحاسمة والقاطعة لدابر الأكاذيب، ورفع مؤشر الثقة والتفاؤل والأمل، وشرف المواقف المصرية تجاه ما يحدث فى المنطقة وثوابت لا نحيد عنها، وجهود مكثفة لإنقاذ الأشقاء الفلسطينيين، من كارثة إنسانية مؤلمة، بسبب العدوان الذى يشنه الكيان الصهيونى بلا رحمة، أو أدنى اهتمام بالقانون الدولى أو القانون الدولى الإنساني، فى حرب إبادة شاملة ضد الفلسطينيين ومحاولات خبيثة لسلب حقوقهم المشروعة، ووأد قضيتهم وتصفيتها، ومجازر ومذابح يومياً ترتكب فى حق الفلسطينيين حتى تجاوز رقم الشهداء الـ 30 ألف شهيد وأكثر من 70 ألف مصاب وجريح وتدمير متعمد وممنهج لجميع مقومات الحياة فى غزة حتى وصل حجم التدمير إلى 70٪ من المؤسسات والمنشآت والمنازل والمستشفيات وغيرها فى القطاع.
الرئيس السيسى أكد فى حديثه أن الدولة المصرية تمضى فى التطوير والتنمية على مسارات مختلفة فى توقيت واحد، أبرزها بناء الإنسان المصرى وبناء شخصيته المتوازنة بحيث يكون قادراً على مواجهة التحديات ومتسلحاً بما يشهده العالم من تطور ينطلق من هدنة وخصوصية مصرية، ومواجهة حاسمة للأزمة الاقتصادية، بدت ملامح التحسن تظهر لكنها فى الطريق إلى الانحسار وعدم تكرارها فى ظل توجه الدولة المصرية إلى خلق تدفقات مستدامة للدولة، وكذلك توقيع الاتفاق المبدئى مع صندوق النقد الدولى والاتحاد الأوروبي، وفرص الاستثمارات الكبرى التى جاءت أو مازالت فى الطريق إلى مصر.
الرئيس السيسى تطرق إلى الأوضاع فى غزة، وموقف مصر الثابت منه، والوضع الإنسانى الكارثى فى القطاع، فى رسائل واضحة كالتالي:
أولاً: مصر حذرت من خطورة عدم دخول المساعدات الإنسانية والغذائية والإغاثية للأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة فى كل هذا الوضع الكارثى والمأساة الإنسانية، حيث تجاوزت أعداد الشهداء الـ 30 ألف شهيد ثلثيهم من الأطفال والنساء، والـ 70 ألف مصاب وتدمير البنية الأساسية فى غزة وهدم منشآت ومؤسسات القطاع بنسبة تصل إلى 70٪ واستخدام الغذاء والتجويع من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلية كسلاح فى مواجهة المدنيين، وما حذرت منه حدث بالفعل حيث يعانى الأشقاء من حصار وجوع وحرب إبادة رغم أن مصر جاهزة تماماً لإدخال أى حجم من شاحنات المساعدات بمعبر رفح مفتوح على مدار الساعة فى ظل عدم كفاية عمليات الإسقاط الجوى لأطنان من المساعدات بالتعاون مع بعض الدول مثل الأردن والإمارات وقطر وفرنسا وأمريكا لكنها لا تمثل نقطة فى بحر احتياجات الأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة لآلاف الأطنان.. المطلوب إدخالها وإنفاذها يومياً لإنقاذ 2.4 مليون مواطن فلسطينى يعيشون فى غزة يعانون الجوع والحصار وتردى الأوضاع الصحية والإنسانية، وهو ما يتنافى من مبادئ القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى موقف مصر شديد الوضوح، وشديد الشرف، لم تدر ظهرها للقضية الفلسطينية أو محاولات تصفيتها ورفضت المساومة فى مبادئها، واتخذت موقفا حاسماً برفض تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير أهالى غزة خارج أراضيهم، وحفاظاً على قضيتهم وأرضهم ووطنهم، رفضت توطينهم فى سيناء، على اعتبار ذلك «خط أحمر» وتهديداً مباشراً لأمن مصر القومى بالإضافة إلى أنه إعلان رسمى بتصفية القضية، ووأد الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
مصر تبذل جهوداً استثنائية ومتواصلة من أجل إنقاذ الأشقاء وإغاثتهم فى ظل هذه المحنة، من خلال مسارات عديدة سياسياً ودبلوماسياً وقانونياً وإنسانياً وبذل الجهود والضغوط من أجل إنفاذ المساعدات الإنسانية للأشقاء فى قطاع غزة.
ثانياً: مصر تبذل جهوداً هائلة فى كافة الاتجاهات، وتحاول بشكل مخلص الوصول إلى وقف إطلاق النار أو هدنة فى قطاع غزة يمكن من خلالها إنقاذ الأشقاء الفلسطينيين بإدخال أكبر حجم وقدر من المساعدات الإنسانية، وإيقاف النزيف المستمر فى أرواح الشهداء ودماء المصابين، وتدمير المنشآت الذى حول غزة إلى أطلال، وهنا فالأرقام مرعبة ومخيفة حول تكلفة إعادة الإعمار لقطاع غزة وأيضاً ما تستغرقه عملية إعادة الإعمار من سنوات.
تحذير مصر من استخدام سلاح التجويع ضد الفلسطينيين كان ومازال رسالة إلى ضمير العالم وإلى المجتمع الدولى العاجز عن إيقاف حرب الإبادة والحصار والتجويع وهناك بعض الدول الكبرى تتعامل مع ما يحدث بوجهين، تقدم السلاح لإسرائيل، وتدعى تقديم الغذاء للفلسطينيين، فأى تناقض وازدواجية معايير وفشل وتخاذل دولى يكشف معاناة ومأساة هذا العالم، وغياب العدل والرحمة والإنسانية، وسقوط لكل المؤسسات والمنظمات الأممية بل سقوط للنظام العالمى الذى لم يعد له دور الآن.. سوى الصمت المطبق على ما يحدث من إبادة ضد شعب أعزل، وقتل متعمد وممنهج للأطفال والنساء.
ثالثاً: مصر تحذر من خطورة وكارثية قيام إسرائيل باجتياح أو هجوم برى على مدينة رفح الفلسطينية التى يعيش فيها مليون ونصف المليون فلسطينى معظمهم من النازحين من الشمال والوسط، وإن هذا الاجتياح، سيؤدى إلى خسائر فادحة فى الأرواح والدماء، ويهدد بتوسيع نطاق ودائرة الصراع، وينذر بتدخل أطراف إقليمية واشتعال الموقف بما يهدد بحرب شاملة، لذلك تطالب مصر وبقوة بعدم الإقدام على هذه الخطوة التى تفاقم الوضع، وتهدد الاستقرار فى المنطقة.
رابعاً: مصر حذرت من اتساع دائرة ورقعة الصراع باستمرار العدوان الإسرائيلي، وأن الوضع يزداد تعقيداً فى ظل احتمالية ارتفاع وتيرة الضربات المتبادلة على جبهات مختلفة مثل الشمال، وأيضاً انعكاس العدوان الإسرائيلى على الاضطرابات فى البحر الأحمر وتأثر الملاحة البحرية، وتأثير ذلك على قناة السويس وآثاره الصعبة على حركة التجارة الدولية، لذلك فإن وقف إطلاق النار يحول دون تفاقم الأوضاع الإنسانية واتساع دائرة الصراع ووقف نذر الحرب الشاملة والاضطرابات الإقليمية.
خامساً: المجتمع الدولى أمام فرصة حقيقية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ٤ يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية تعيش بجانب إسرائيل بكرامة، تدير شئونها بما يراه أبناؤها الفلسطينيون ويحول دون تكرار تجدد الصراع ويعيش الجانبان فى أمن واستقرار وهو أمر يستلزم الاعتراف الدولى من خلال الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية المستقلة، تعترف بدولة فلسطينية كاملة العضوية لذلك من المهم اعتراف الدول الكبرى بالدولة الفلسطينية لإنهاء هذا الصراع المدمر وما له من تأثيرات وآثار كارثية وقتل ودماء وتأثيرات اقتصادية صعبة، واضطرابات وعدم استقرار فى المنطقة، فالاعتراف الدولى بفلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية عزاء وثمناً لأرواح الشهداء.
الحقيقة أن حديث الرئيس السيسى لطلبة الأكاديمية العسكرية المصرية، وأكاديمية الشرطة جاء فى توقيت بالغ الأهمية، وهو ما يحرص عليه الرئيس السيسى دائماً لخلق مساحات من الوعى الحقيقى والفهم الصحيح لما يدور ويحاك ضد الوطن وما يواجه سيرته من تحديات، وما يحققه من نجاحات، لذلك أقول وبثقة إن أحاديث الرئيس السيسي، وتواصله مع شعبه من كافة الفئات ساهم بالقدر الأوفر فى صلابة الوعى والفهم، لدى المصريين، خاصة ان الكلام يخرج من القلب وبصدق، وهو منهج رسخه السيسى حتى قبل توليه مسئولية قيادة مصر، فقد حرص فى خطاب ترشحه للرئاسة فى 2014 على مصارحة المصريين بكل شيء، وعرض أمين وصادق لكافة التحديات والعقبات، وحقيقة الوضع وأن الطريق شاق وصعب، وأن النفق المظلم يمكن عبوره والوصول إلى الضوء الكبير فى نهاية النفق يستلزم اصطفاف القيادة والشعب والعمل والإرادة والصبر والتضحية.. لم يجمل الواقع، ولم يعد بشيء سوى العمل والصبر، ولم يبع الوهم للمصريين فى ذات الوقت حقق نجاحات وإنجازات فاقت كل التوقعات، لذلك فإن النهج الذى رسخه الرئيس السيسى فى التشاركية فى تحمل مسئولية بناء الوطن والحفاظ عليه، وكذلك مبدأ الشفافية والمصارحة، والاطلاع على كافة التحديات والنجاحات، هو أمر حقق جدواه فى دعم ركائز الأمن والاستقرار والإنجازات والتقدم، وصناعة الفارق، فكما قال الرئيس إن القيادة والشعب قادران على عبور أى أزمات أو تحديات.
الحقيقة أيضاً وعلى مدار 10 سنوات، حقق حرص الرئيس على الحديث بشفافية وصدق وبلغة بسيطة وسهلة وعميقة وشاملة تصل إلى العقل والقلب، وتبنى جدراناً صلبة من الوعى الحقيقى فى ظل ما يستهدف مصر وشعبها من أكاذيب على مدار الساعة طوال أكثر من عشر سنوات لم تستثن مجالاً أو قطاعاً أو قراراً، لذلك أكرر أن نجاح الرئيس فى التواصل مع شعبه، هو أهم أسباب وعى واصطفاف المصريين، فالرئيس لا يتنازل أو يفرط فى المصارحة والشفافية والحديث عن كل ما يواجه البلاد وهذا ما حقق صلابة الاستقرار، وعدم نجاح حملات الأكاذيب والتشكيك خاصة ان الواقع يطابق ما تقوله الدولة.
مصر تتعامل بشرف وصدق فى الداخل والخارج لذلك تجنى ثمار ذلك احتراماً ومصداقية ووعياً، واستقراراً.
تحيا مصر