منذ ألف عام بل يزيد قامت فى مصر، منشأ الحضارات الإنسانية، ومهبط الرسالات السماوية، منارة سامقة، تبعث بأضوائها الهادية إلى أطراف العالم كله.
إنه الأزهر، معقل العلم والعلماء، وليس الأزهر مجرد معهد عريق، أو جامعة عالمية هى الأقدم فى تاريخ الإنسانية، من حيث تواصل عطائها دون توقف، طوال هذه القرون العديدة إلى اليوم، وإنما فى جوهره: رسالة، ومنهجا، وخطابا فكريا متميزا.
فالأزهر الذى يحمل مسئولية الجانب العلمى والدعوى من رسالة الإسلام خاتمة الرسالات الإلهية إلى البشر كافة، رسالة السلام العالمى والمساواة والعدالة والكرامة الإنسانية والتحرر من الآصار والقيود التى تثقل كاهل البشرية وتؤمن بكل ما أرسل الله من رسول، وما أنزل من كتاب، ويسلك الأزهر فى فهم هذه الرسالة وتعليمها والدعوة إليها منهج أهل السنة والجماعة، كما تتمثل فى فكر الإمام أبى الحسن الأشعري، ويتبنى أصول الأئمة المتبوعين من فقهاء الأمة دون تعصب أو إقصاء، وما يلقاه الخطاب الأزهرى الوسطى المعتدل الآن من قبول فى العالم الإسلامى وخارجه، إنما يرجع إلى هذه الروح التى تمزج الفكر العملى بالروح الصوفية وتتمسك بالحد الأوسط الذى وصف فى مجالى العقيدة والعمل والذى يعكس الروح الإسلامية الأصيلة التى تسود العالم الإسلامى بصرف النظر عن بعض الأصوات الهامشية هنا أو هناك.