بركة بنت ثعلبة الحبشية كانت حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمها الحقيقى بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن» وكانت تكنى بـ «أم أيمن» وهاجرت الهجرتين، الهجرة الأولى الى أرض الحبشة، والثانية من مكة الى المدينة. وكانت «بركة» وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهى من الحبشة، وصارت للنبى ميراثا بعد وفاة أبيه. فكانت تتميز تلك الصحابية الأم بالعاطفة والحنان الصادق، وحظيت بالتكريم من الحبيب المصطفي، وحظيت بمكانة عالية بين النساء، وأصبحت حرة جليلة القدر، يشار اليها بالبنان، وتغبط مكانتها المتميزة من سائر بنى جنسها، وكيف لا؟ ورسول الله كان يقول لها: «يا أماه»؟، وكان يقول فيها: هذه بقية أهل بيتي.. وهذا يدل على مكانة أم أيمن عند رسول الله وحبه الشديد لها حيث اعتبرها من أهل بيته. كانت أم أيمن مع آمنة بنت وهب أم النبى حين ذهبت إلى المدينة لزيارة بنى النجار أخوال جده عبد المطلب، ولما عادت إلى مكة مرضت آمنة فى الطريق، وتوفيت، فعادت أم أيمن بالنبى صلى الله عليه وسلم وأصبحت حاضنته، وأوقفت نفسها لرعايته والعناية به، وغمرته بعطفها، كما غمره جده عبد المطلب بحبه، وعوضه الله تعالى بحنان جده وأم أيمن عن حنان الوالدين، وكثيراً ما كان عبد المطلب يوصى الحاضنة أم أيمن قائلاً لها: يا بركة، لا تغفلى عن ابني، فإنى وجدته مع غلمان قريباً من السدرة، وأن أهل الكتاب يزعمون أن ابنى هذا نبى هذه الأمة. وشب النبى وهو يقدر أم أيمن ويكرمها، لأنها كانت رضى الله عنها تقوم على أموره وشؤونه، وترعاه رعاية حسنة، وقد روى عن أنس رضى الله عنه قال : قال أبو بكر رضى الله عنه بعد وفاة الرسول وسلم لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله يزورها، فلما انتهينا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله. فقالت: ما أبكى لأنى لا أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكى أن الوحى قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء. توفيت أم أيمن بعدما توفى الرسول بخمسة أشهر وقيل ستة أشهر رضى الله عنها وأرضاها.