لطالما كانت القضية الفلسطينية قضية محورية بالنسبة للأمة العربية والمجتمع الدولى على حد سواء، ولم تغب عن مواقف مصر الثابتة الداعمة للشعب الفلسطينى فى سعيه لاستعادة حقوقه المشروعة، وعلى مر السنين، كان موقف مصر فى هذا الصدد صريحاً وقوياً، حيث تمسكت بالثوابت والمحددات التى تحدد مسار التسوية السياسية لهذا النزاع المستمر. هذه الثوابت تتجسد فى الرفض القاطع لأى محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وكذلك التأكيد على ضرورة تطبيق حل الدولتين الذى يضمن حقوق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة على حدود ٧٦٩١ وعاصمتها القدس الشرقية.
إن موقف مصر ليس مجرد تعبير عن التزام سياسى بقدر ما هو موقف إنسانى وأخلاقى يستند إلى القيم العادلة التى تؤمن بها مصر. فهى تعتبر أن القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع إقليمى أو مشكلة جغرافية، بل هى قضية شعب يقاوم الاحتلال ويطالب بحقوقه التاريخية التى لا يمكن التنازل عنها. ولطالما كانت مصر سباقة فى الدعوة إلى احترام مبادئ القانون الدولى وحقوق الإنسان، رافضة كل أشكال الاستيطان وضم الأراضى الفلسطينية أو تشجيع أى محاولات لتهجير الفلسطينيين من ديارهم سواء كانت تلك المحاولات مؤقتة أو دائمة.
وقد أكدت مصر مراراً وتكراراً أن استمرار الاحتلال الإسرائيلى وتأخر التسوية السياسية للقضية الفلسطينية يشكلان أحد العوامل الرئيسية لعدم الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط فتأجيل الحلول السياسية يعمق التوترات ويزيد من احتمالات التصعيد العسكرى مما يؤدى إلى تهديد الأمن الإقليمى بشكل عام. كما أن تجاهل حقوق الفلسطينيين والمساس بها من خلال محاولات تهجيرهم لا يهددهم وحدهم، بل يهدد استقرار المنطقة بأكملها. وهو ما شدد عليه مجلس النواب المصرى فى أكثر من مناسبة، حيث عبر عن رفضه القاطع لأى ترتيبات أو محاولات لتغيير الواقع الجغرافى أو السياسى للقضية الفلسطينية.
من جانب آخر أكدت مصر مراراً على أن الحل الوحيد لتحقيق السلام الدائم فى المنطقة هو تطبيق حل الدولتين الذى يضمن للفلسطينيين إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ويكفل كذلك الأمن والاستقرار للإسرائيليين ولتحقيق هذا الهدف لابد من إطلاق عملية سياسية جادة وشاملة تتضمن تمكين السلطة الفلسطينية من إدارة شئونها فى غزة والضفة الغربية ودعم مشروعات إعادة الإعمار وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة.
لقد أظهرت مصر دورها القيادى فى جهود الوساطة خلال الأزمة الأخيرة فى غزة حيث عملت بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وقطر على إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل مما يعكس التزامها الدائم بقضية الشعب الفلسطينى ورغم التحديات الكبيرة تواصل مصر جهودها لضمان تنفيذ هذا الاتفاق بشكل كامل وتحقيق تطلعات الفلسطينيين فى العيش بسلام وأمان على أرضهم.
إن ما يواجهه الشعب الفلسطينى من انتهاكات متواصلة بحقوقه بما فى ذلك القتل الجماعى والتدمير الممنهج للبنية التحتية فى غزة يتطلب تحركاً دولياً جاداً لضمان وقف هذه الانتهاكات وتحقيق العدالة للفلسطينيين. ولا يمكن للعالم أن يقف مكتوف الأيدى إزاء هذا الظلم المستمر. إن مصر، التى قامت بدور كبير فى صنع السلام فى المنطقة منذ عقود، ستظل حاضرة بقوة فى دعم قضية فلسطين، ولن تتوانى عن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى على مختلف الأصعدة.
يتعين على المجتمع الدولى أن يتحمل مسئولياته التاريخية تجاه القضية الفلسطينية. إن الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط لن يتحققا إلا من خلال تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، وهى التسوية التى تضمن حقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة. وبما إن القضية الفلسطينية هى قضية إنسانية قبل أن تكون قضية سياسية، فإن دعم الحق الفلسطينى فى الأرض والمقدسات هو دعم للعدالة والسلام فى العالم أجمع.