فى مشهد مهيب، تدفق أمس آلاف النازحين الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة، عائدين إلى «أرضهم» .. فقط أرض دون منازل أو مبان أو بنية تحتية، لكنه حق العودة الذى كفلته الدساتير والأعراف الدولية والإنسانية، والتمسك بالوطن الذى يصر عليه أصحاب الأرض، ضاربين عرض الحائط بمخططات التهجير الخبيثة التى تصدت لها مصر والأردن معلنين أن اقتراح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بإخلاء قطاع غزة لن يرى النور مطلقا.
بدأ النازحون بالعودة إلى مناطقهم فى محافظتى غزة والشمال، وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من 15 شهرا، عبر شارع الرشيد، غربى القطاع، حيث تدفق أكثر من 200 ألف فلسطينى إلى شمال غزة خلال ساعتين فقط. وعلى محور نتساريم، ومن خلال شارع صلاح الدين، بدأ دخول المركبات لعودة النازحين إلى شمالى قطاع غزة.
قالت حركة حماس إن عودة النازحين إلى الشمال تشكّل انتصارا للشعب الفلسطينى وإعلان فشل وهزيمة لإسرائيل، مثمنة الدور المصرى الذى فتح الطريق أمام تلك العودة. وقالت الحركة فى بيان إن عودة عشرات آلاف النازحين شكل «انتصارا لشعبنا، وإعلان فشل وهزيمة الاحتلال ومخططات التهجير». وقال القيادى بحماس عزت الرشق إنّ مشهدَ العودة تتحطمُ أمامه أحلام وأوهام إسرائيل فى تهجير الشعب الفلسطيني.
كما اعتبرت حركة الجهاد الإسلامى أن عودة النازحين هى «رد على كل الحالمين بتهجير شعبنا».
كان مسئولون فى قطاع غزة قد أشاروا إلى أن العائدين إلى محافظتى الشمال يواجهون أوضاعا صعبة حيث بلغت نسبة الدمار فى المحافظتين أكثر من 90 ٪ من المبانى والبنية التحتية، وأكدوا أنهم بحاجة إلى 135 ألف خيمة وكرفان بشكل فورى وعاجل.
من جانبه، قال أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمس إن هناك فرقًا كاملة منتشرة على الأرض لمساعدة الأسر النازحة من جنوب غزة إلى شمال القطاع، مؤكدا أنه يتم العمل على توفير خيام للنازحين وتقديم المزيد من المساعدات الغذائية، وكذلك العمل على توفير مستلزمات الإيواء والمواد الطبية اللازمة لهم.
فى المقابل، أثار مشهد عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة انتقاد الإسرائيليين، بعد فتح جيش الاحتلال محور نتساريم وانسحابه منه، حسب اتفاق وقف إطلاق النار.
قال وزير الأمن القومى الإسرائيلى المُستقيل إيتمار بن غفير إن عودة السكان إلى الشمال انتصار لحماس وإهانة «للصفقة غير الشرعية». وأضاف نقلا عن القناة الإسرائيلية السابعة «ليس هذا ما يبدو عليه النصر المطلق بل هو الاستسلام التام، جنودنا لم يقاتلوا ولم يضحوا بحياتهم فى غزة للسماح بهذه الصور ويجب أن تستمر الحرب». كما قال إن الصفقة مع حماس غير شرعية وكارثية، وذلك فى جلسة للجنة الخارجية والأمن بالكنيست حيث نشبت بينه وبين عائلات الأسرى خلافات إذ اتهموه بالتسبب فى إراقة دماء الإسرائيليين.
وقالت إذاعة جيش إسرائيل إن حماس حققت ما تريد صباح أمس بعودة السكان لشمال القطاع. وأضافت أنه يصعب على إسرائيل العودة إلى القتال فى الشمال بعد اكتظاظه بالسكان.
بينما نقلت يديعوت أحرونوت عن مصادر عسكرية إسرائيلية أنه كان يجب بقاء الجيش فى محور نتساريم للتفاوض به نظرًا إلى أهميته الواضحة لحماس، وأضافت أن إسرائيل لم تجن شيئا فى مقابل فتح المحور.
وفى أول تعليق له بعد انسحاب الاحتلال وعودة النازحين غزة، لا يزال نتنياهو يصر على «هزيمة حماس».