المواقف المصرية الثابتة تجاه دعم القضية الفلسطينية لم ولن تتغير فمصر بذلت جهوداً مكثفة على المستوى السياسى أو الدبلوماسى للتوصل إلى اتفاق تبادل الاسرى ووقف الحرب فى غزة، التى دخلت حيز التنفيذ ويتضمن ثلاث مراحل، وساهمت فى أكثر من 70 ٪ من المساعدات التى دخلت غزة واستقبلت مصر الجرحى وعائلاتهم، وواجهت القاهرة خلال 15 شهراً تحديات كبيرة ومن نعم الله استطاعت تخطيها وما زالت تواجه الكثير والكثير من أجل القضية الفلسطينية ومنع انهيار المنطقة العربية، ومصر استطاعت منع مخطط تصفية القضية الفلسطينية، وغيرت بوصلة مواقف بعض الدول من الدعم الكامل للاحتلال إلى تأييد القضية الفلسطينية.
اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير- المستشار بكلية القادة والأركان- يؤكد ان الدور المصرى لا يمكن ان يكون له بديل، وستظل مصر دائماً وفية لعهدها، داعمة للسلام العادل، وشريكاً مخلصاً فى تحقيقه، ومدافعة عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لحين تحقيق السلام المستدام من خلال حل الدولتين، ولكى تنعم المنطقة بالاستقرار والأمن والتنمية فى عالم يتسع للجميع.
وفى الوقت نفسه مصر الحارس الأمين للقضية الفلسطينية، منذ أكثر من 77 عاماً ومازالت هى الراعى الحقيقى للتمسك بحقوق الفلسطينيين ولا أحد يستطيع المزايدة على دورها، كانت ومازالت فى القلب من كل الأحداث كمفاوض وراع لكل الجولات، واستطاعت مصر التوصل الى اتفاق الهدنة الأول بنوفمبر 2023، وتم اطلاق عدد من الأسري، وواصلت مصر جهودها فى جولات التفاوض من أجل وقف الحرب على غزة وإبرام الاتفاق النهائي.
اللواء أسامة أكد انه ومنذ السابع من أكتوبر أعلنت مصر سياستها بوضوح برفضها تصفية القضية الفلسطينية، ورفضت التهجير القسرى والطوعي، ووضعت الخطوط الحمراء لكل من كانت تسول له نفسه بالاقتراب من ثوابتها السياسية والتاريخية، كما أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى بداية الأحداث وعلى الهواء خلال مؤتمر صحفى اننا ضد التهجير وضد تصفية القضية الفلسطينية، وأن أرض مصر لشعب مصر، وهذا كله كان هدفه الحفاظ على الحق الفلسطينى وتعرضت مصر للعديد من الضغوطات السياسية والاقتصادية ورغم ذلك لم تتردد مصر فى أن تمد يدها لرفع معاناة الشعب الفلسطيني، وتدفع بالمساعدات الإنسانية والإغاثية وتقوم بمعالجة الجرحى حتى وصلنا لاتفاق بوقف إطلاق النار والانسحاب للقوات الاسرائيلية من غزة، وهى صاحبة المبادرة الأولى فيها وقدمتها فى أواخر أبريل 2024، ورفضها بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، واستمر فى استكمال الحرب والآن تقوم مصر بالإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق بمشاركة قطر والولايات المتحدة الأمريكية حتى تنتهى هذه المأساة الإنسانية.
> الدور المصرى فى هدنة غزة ووقف إطلاق وتبادل الأسرى كان هو الأبرز.. كيف نجحنا فى الوصول إلى هذه الخطوة التى حقنت دماء الأشقاء؟
>> مصر بذلت جهودًا كبيرة منذ بداية الحرب فى 7 أكتوبر 2023 لوقف استهداف المدنيين بين حماس وإسرائيل والعمل على وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات لقطاع غزة والدور المصرى لا أحد يستطيع المزايدة عليه حتى الوصول إلى إقناع الأطراف للدخول فى هدنة واليوم الذى دخلت فيه المساعدات هو يوم جديد لغزة وليس يوما آخر فى الحرب على غزة.
واجتماعات اللجنة الفنية المختصة بالقاهرة لمتابعة تنفيذ الاتفاق بمشاركة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية وايضاً اسرائيل تؤكد قيمة وأهمية الدور المصرى وقد عقدت اللجنة منذ اللحظة الأولى التى كان يجتمع فيها مجلس الحكومة الإسرائيلى المصغر (الكابينت) للتصديق على الاتفاقية من أجل وقف إطلاق النار وتبادل الأسري، وهذه تعد نقطة انطلاق لاستكمال الهدنة دون ان يحدث اى نوع من التكسر او التهشم لهذه الاتفاقية.
> برأيك أنتتهى مخطط التهجير أم يمكن أن تحدث ضغوط أخرى ؟
>> الضغوط على مصر لن تتوقف وإن كانت تأخذ أشكالا، والعالم كله يضغط على بعضه البعض، من أجل الطاقة والهيمنة، ولكن قد تتغير أشكال الضغوط وفقا لمستجدات الأوضاع، وعندما تم عرض صفقة القرن على الدولة المصرية رفضتها القيادة السياسية جملة وتفصيلاً، وهذا الرفض تم بوضوح على مرأى ومسمع من العالم أجمع، قضية التهجير ليست فقط تصفية للقضية الفلسطينية وإنما تفكك للوحدة العربية ولهذا مصر ترفضها لأنها ستنهى القضية تماماً.
ومهما حدثت من ضغوط فمواقف مصر لا تتغير وفترة ترامب الأولى كان هناك تناغم وانسجام بين القيادتين، ولكن ترامب متقلب الفكر، ويبدو هذه المرة مختلفا بفضل الحصانة السياسية التى يتمتع بها عن المرة السابقة، كما انه اصبح مختلفا وفى تقديرى فوزه جاء نتيجة إخفاق الديمقراطيين لكن لننتظر ونرى وأيا كان توجه ترامب فالمهم هو موقفنا نحن كعرب وبالنسبة لمصر موقفنا معروف ومحسوم وثابت.
> كيف يمهد اتفاق الهدنة وهذه الاجتماعات المنعقدة بالقاهرة لاستكمال باقى بنود الاتفاق؟
>> الرئيس السيسى قالها بوضوح ان العالم رفع يديه بشكل مخجل وان ما حدث فى غزة لن يمر، وهذا هو قانون الانسانية وربما يحدث ما لا تعرفه، بالقتل العشوائى للأبرياء من الأطفال والنساء وموتهم بكل الأشكال، من قلة الغذاء والبرد والحرق، فهذا القتل البشع وتلك الجرائم لم نرها منذ التسعينيات فى حرب البوسنة والهرسك بقيادة سلوبودان ميلوسيفيتش، الذى قام بالإبادة الجماعية والاضطهاد والتطهير العرقي.
والهدنة الحالية تراكمية، بمعنى لا نستطيع فتح مجال للمرحلة الثانية, إلا إذا نجحت المرحلة الأولي، وتعد الـ 42 يوما ليست بالفترة الزمنية القليلة، إذن هى هدنة ملغمة، وحتى الأن نسير بشكل جيد لكن قد تشتعل الأوضاع فى اى وقت، وهناك تغييرات حدثت فى الداخل الإسرائيلى وعلى رأسها استقالة رئيس الأركان هيرتسى هاليفي، وتنفيذها يوم 6 مارس، وتقدم عدد من القيادات العسكرية العليا فى الجيش باستقالتهم من منصبهم, بسبب الفشل الذريع فى أحداث السابع من أكتوبر ويمكن أن تكون هذه المتغيرات لصالح استمرار الهدنة ونجاحا للمرحلة الأولى لأن نتنياهو قبل الهدنة أصلا لأنه ادرك منذ ٦ اشهر ان القضاء على حماس امر غير واقعي، وجعل المتحدث العسكرى يقول نصا ان القضاء على حماس (كذر الرماد فى عيون الناس)، اضافة الى ان اسرائيل لا تستطيع الاستمرار فى حرب طويلة الأمد، لأنها ليست دولة لها جيش بل جيش له دولة، وذلك خوفا من اشتعال الحرب مرة أخرى أو تستكمل لأى سبب أو ان تصدر بحقه مذكرة اعتقال مرة أخري.
وفى البداية مصر أصرت على دخول المساعدات، وبذلت فى إدخالها جهداً كبيراً وثمنته كل الأطراف الدولية والإقليمية, لان إجمالى المساعدات التى قامت مصر بادخالها يصل لـ 87٪ تقريباً من الإجمالى الكلى لأى مساعدات دخلت القطاع، وهذا حجم لايقارن بأى دولة اخري، هذا من جانب وعلى الجانب الآخر دور الوساطة المصرية وهو دور كبير فمصر قدمت أطروحة هذه الهدنة بنفس البنود الحالية فى نهاية إبريل 2024، وهى نفس المبادرة التى قدمها الرئيس جو بايدن فى مايو من نفس العام، إذن الدور المصرى محورى ورائد للحفاظ اولاً على القضية الفلسطينية وثانيا الحرص على مقدرات الشعب الفلسطينى والتمسك بثوابته وتحقيق السلام، وليس متصورا ولا ممكنا ان يقفز أحد على الدور المصرى لانه لا أحد يستطيع القيام بهذا الدور غير مصر.
> وهل يمكن ان تسمح الولايات المتحدة الأمريكية بمحاسبة نتنياهو؟
>> لا نعتقد، لأن إسرائيل هى البذرة التى تحافظ عليها الولايات المتحدة الأمريكية للحفاظ على مصالحها فى المنطقة، وهى رأس الحربة، وقد يحدث شيء آخر لا نعرفه، ولكن القانون الإلهى لا محالة منه، ولكن ترامب جمهورى ونتنياهو يمين والاثنان خط تماس مع بعضهما البعض فلا اعتقد ان يسمح ترامب بذلك.
> وماذا يعنى التصعيد العسكرى فى (جنين) بالضفة الغربية ولم يمر على اتفاق الهدنة بغزة سوى قليلة؟
>> هذا التصعيد الجيوسياسى يعود لأيام حملة الرئيس ترامب، عندما اعلن ان اسرائيل دولة صغيرة على الخريطة، وانه آن الأوان لها ان تتوسع, وفى تقديرى هذا الكلام لم يكن للاستهلاك الجماهيري، بل كان يعنى ان الهدنة فى غزة شيء والضفة الغربية موضوع آخر، الضفة الغربية منذ اتفاقية أوسلو 2 عام 1995 حسب بنود الاتفاق كان من المفترض أن تفرغ من الاسرائيليين الذين كانوا يمثلون 71 % فيها على مدار 5 أعوام أى حتى عام 2000 حسب خطة ممنهجة، ولكن الواقع ان ما حدث عكس ذلك فقد زادت المستوطنات وتم بناء الجدار العازل، أى حبس الفلسطينيين داخل الدولة، والآن يوجد 750 ألف إسرائيلى يعيش بالضفة، ويوجد 400 مستوطنة كما يوجد 300 بؤرة استيطانية والمستوطنون لهم حق حيازة السلاح.
الضفة الغربية أخطر من غزة بمراحل, لأنها الهدف الأهم والأساس لدى إسرائيل, وعندما تصرح اسرائيل بانها قامت بالعمليات العسكرية فى جنين لأنها تخضع ذراع ايران، فهذا تصريح يحمل السخف السياسى الاسرائيلي، فهى تتكلم بمنطق القوة وتقول ما تشاء، ذراع إيران تم تفكيكها لان حزب الله تراجع شمال الليطاني، والفصائل العراقية كان لها دور محدود وانتهي، وجماعة الحوثى قاموا بعمليات الإسناد وتوقفت تماما، إذن ما تقوله لا معنى له، الحقيقة ان إسرائيل تريد الضفة الغربية لاسرائيل وهى الهدف الرئيسي.
> ما الخطوات الضرورية التى يجب اتخاذها من أجل استكمال بنود اتفاقية الهدنة دون ان تحدث أى انتكاسة تمنع استكمالها؟
>> أولاً دخول المساعدات كما يحدث منذ بداية الاتفاق وعلى مدار الأيام الماضية، لان فتح البوابات لدخول هذه المساعدات المدنية، ووضع آليات التنفيذ وعبور هذه المساعدات عبر معبر رفح البري، يعنى أنه اصبح هناك دوله لها عناصر بالداخل تحت بند الإغاثة الانسانية، وهذا يعد ضمانا مبدئيا لعدم استمرار القصف الجوى والعشوائى وتوقف نزيف الدماء، ودخول المساعدات لا يمكن ايقافها وتعطيلها من حكومة نتنياهو المتطرفة، ولن يفكر أو يتجرأ فى استهداف هذه المساعدات او التعرض للشاحنات المتوجهة لقطاع، وهذه المرحلة من الصعب اختراقها ونأمل ان تكتمل بنجاح وسلام، لان الشعب الفلسطينى يحتاج الآن لكل أنواع المساعدات الإنسانية من دواء وغذاء ومساعدات إغاثية اضافة الى ان هناك رقابة دولية تشرف على وصولها إلى غزة ولها عناصر تأمين ومراقبة.
> بعد كل هذا الدمار.. هل نجحت إسرائيل فى تحقيق أهداف الحرب؟ وهل هناك فائز وخاسر فى هذه الحرب؟
>> نتنياهو فشل فى تحقيق أهداف الحرب التى أعلنها، وهى القضاء على الذراع العسكرية لحركة حماس، وغلاف غزة حتى الآن غير آمن وشمال اسرائيل لم يعد به سكان، وعلى المستوى السياسى فشل ايضاً أمام المعارضة التى طالما ضغطت عليه لقبول الهدنة، وها هو الآن قبل بالهدنة التى رفضها عندما قدمتها مصر فى أبريل الماضي، ثم من بعدها الرئيس بايدن، ثم قبلها الآن بضغط من الولايات الأمريكية عندما ذهب له مبعوث الرئيس الأميركى ترامب المسئول عن ملف الشرق الأوسط ستيف ويتكوف واضطر نتنياهو إلى الدخول فى مسار الهدنة.
> وماذا عن الانسحاب إسرائيل من ممر فيلادلفيا؟
>> هذا الانسحاب يعد من الشروط الأساسية التى تمسكت بها مصر فى بنود الاتفاق، والذى من المنتظر ان يتم الانسحاب منه خلال الـ 50 يوما القادمة حسب نص الاتفاق، وكانت رسائل الرئيس السيسى واضحة تماما فى كلمته بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة عندما أشار إلى ان اتفاق وقف إطلاق النار بغزة شاهد حى على جهود مصر للتهدئة بالمنطقة، وأن مصر ستعمل على دفع اتفاق وقف إطلاق النار بغزة قدما وترفض محاولات التهجير.
هذا الممر الذى جاء فى بنود الاتفاق والانسحاب الاسرائيلى منه, يعد دليلا على فشل نتنياهو، لأنه طالما تكلم عن استمرار سيطرته على هذا الممر، مبررا ذلك بخشيته من تسريب الأسرى منه إلى دول أخري، ولكنه خرق اتفاقية عام 2005 للمعابر وايضاً اتفاق فيلادلفيا، لأنه يعد شريطا عازلا المفترض ألا توجد عليه قوات عسكرية كما انه يعد شريان الحياة بالنسبة لغزة، وأراد نتنياهو بدخول قوات به ان يوسع دائرة الصراع، ويحدث اشكالية مع مصر، كما ادعى انه يوجد به أنفاق، فى حين أن مصر قامت بخطة موسعة لـ إغراق الأنفاق, وقام بتنفيذها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من الجانب المصري، وها هم الأسرى يتم الإفراج عنهم عبر هذه الاتفاقية, وايضاً الهدنة الأولى وهم كانوا أكبر خطر يهدد مستقبل نتنياهو السياسى والأمني.
> هل متوقع أن يشهد عام 2025 تحسنا فى حركة التجارة فى البحر الأحمر وعودة قناة السويس للعمل بكامل طاقتها، وتهدأ التوترات فى هذا الشريان الحيوى ليس فقط بالنسبة لمصر ولكن للعالم؟
>> أتصور هذا بالفعل، لأن الرئيس الأمريكى ترامب يريد أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية، والتجارة عبر الطرق والمنافذ الأخرى غير قناة السويس فيها كلفة كبيرة، وهذا لايصب فى مصلحة بلاده، ورغم ان ترامب قال جملة أزعجتنى كثيرا عندما قال «انه سيغنى الشعب الأمريكى بأموال من الخارج»، وهذا تصريح مقلق ومزعج جدا ولكن يظل الممر الوحيد الذى سيساهم فى استقرار المنطقة واستقرار الحركة التجارية هو قناة السويس وأعتقد ان ذلك أمر بالغ الأهمية لنا وللعالم.
> وهل يمكن ان يكون هناك تحرك دولى فى إعادة الإعمار فى غزة وجهود الدولة لرعاية مؤتمر إعادة الإعمار؟
فى كل الأحوال مصر من أول الداعمين لسرعة البدء فى الدعوة لعقد مؤتمر دولى لإعادة الإعمار فى غزة، وعمل صندوق لإعادة الإعمار تشرف عليه الأمم المتحدة، كما ان وزير الخارجية والهجرة بدر عبدالعاطى كان له تصريح حول أن «مصر مستعدة لاستضافة مؤتمر دولى لإعادة الإعمار بالقطاع»، ومصر قامت بالفعل ببناء المدن والطرق بعد الحرب الإسرائيلية السابقة على القطاع، واعلن الرئيس السيسى فى 2021 بمنحة كبيرة لإعادة إعمار غزة بحوالى 500 مليون دولار، وتم تنفيذها على مرحلتين فمصر لا تتأخر عن دعم غزة وفلسطين فى أى وقت، وهى تدعو العالم من أجل التعاون فى إعادة الإعمار وتتمنى ان يستجيب العالم.
> وكيف ترى مستقبل سوريا فى ظل الإدارة الأمريكية الجديدة ومصر خطواتها بهدوء فى التعاطى مع التغييرات السياسية الجديدة ؟
>> نتمنى أن تستقر سوريا، وندعم كل ما يحقق ذلك مصر تقترب برفق المتمكن لأن الحراك الدولى والإقليمى الذى حدث فى الحالة السورية ملفت للانتباه, ومصر لديها تحفظات ومعها كل الحق لان المشهد الذى تم يشى بأن هناك سيناريو ما تم بين اللاعبين الرئيسيين والقلق المشروع لدى الجميع ان يكون هذا على حساب سوريا ووحدتها ولذلك مصر واضحة فى ثوابتها ومواقفها وأكدت عليها لصالح الاستقرار السوري.. فمصر ترفض التدخل فى شئون الأشقاء والشعب السورى هو الذى يحدد مستقبله، وكل ما تريده مصر هو الاستقرار لسوريا، وهذا سيتحقق من خلال مشاركة الجميع فى القرار وان تتوقف التدخلات الخارجية فى الشأن السورى وألا تتحول سوريا إلى مصدر للإرهاب وألا تكون مكانا لايوائهم وهذه رؤية هدفها الصالح السورى وسلامة أراضيها.
مصر تتعامل بما تراه لصالح السوريين ولكنها ليست بعيدة فوزير الخارجية بدر عبدالعاطى حضر بالرياض لجنة الأوضاع الخاصة بسوريا وهذا يعنى حضور مصر المدروس.
> لدينا جالية سورية كبيرة.. وهناك بداية لعودة البعض منهم إلى بلادهم؟
>> مصر دولة تفتح أبوابها لكل الأشقاء وليسوا كلاجئين وانما كضيوف ولدينا 9 ملايين ضيف ولهم كل الدعم، دون تقصير طالما احترموا القوانين والقيم المصرية، وفى الوقت نفسه نحن حريصون على استقرار كل الأشقاء. والأمل ان يكون المواطن فى بلده ومسانداً لها، ولذلك فنحن نيسر لكل ضيف سبل العودة لبلاده طالما استقرت أوضاعها.
> وكيف تقيم الوضع الراهن فى ليبيا بعد مرور 14 عاماً على تغيير نظام الحكم وقيام الثورة فى عام 2011 وعلاقة مصر بالمتغيرات القائمة بها؟
>> مصر لديها حدود 1000 كم مع ليبيا، وهذه الحدود أمن قومى وتنظر مصر بكثير من الاهتمام واليقظة لحدودها الغربية، لان من مصلحتها الحفاظ على الاستقرار السياسي، والأوضاع بها معقدة ومتشابكة ويوجد على ارضها اكثر من دولة، وهذا لا يعنى التضاد بينهم بل التنسيق فى مناطق السيطرة والنفوذ، علاوة على ذلك قد تكون روسيا سحبت بعض من قواعدها بسوريا وأدخلتها فى ليبيا, لأنها دولة لديها ثروة نفطية هائلة وهى الهلال النفطى وحقلى الشرارة والفيل اى انها تكاد تنافس (Gcc)، اى مجلس التعاون الخليجى فى الثروة النفطية، والصراع بالداخل الليبى متشابك ومتفكك باستثناء خليفة حفتر قائد الجيش فى شرق البلاد بشكل كامل مع معظم مناطق الجنوب وما حدث بسوريا يلفت النظر كثيرًا إلى ليبيا لأن الحركات والجماعات التى كانت فى ليبيا هى من اطاحت بنظام القذافى وكانت متعددة الأشكال والأيدولوجيات الدينية والعقائدية، ومنها كانت داعش والقاعدة وانتشرت انتشارا كبيرا وليبيا مساحتها كبيرة وبها الثروة النفطية كما ذكرنا وأقطاب العالم أمريكا وروسيا وغيرهما متواجدون وحاضرون فى ليبيا، وهذا بكل تأكيد له تأثير سياسى كبير على المنطقة وفى القلب منها مصر والرئيس ترامب ينظر بعين الاهتمام لليبيا، وعلينا ان ننتبه لتغييرات الجيوسياسية التى اصبح العالم يتعامل بها ومصر مدركة لكل هذا، وتتحرك بالتعاون مع الأشقاء بما يحفظ استقلال أراضيهم وهذا ما أكد عليه الرئيس خلال استقباله المشير خليفة حفتر وأن النجاح سيكون من خلال اتمام المسار السياسى وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة.
> ما تقييمكم لتحركات الجيش السودانى لفرض سيطرته مرة أخرى على كافة الجبهات ودور مصر فى إرساء الاستقرار فى السودان؟
>> توجهات الدولة المصرية انها دائما مع النظام الأساسى المتمثل فى وحدة الدولة، وتقف مع الجيش السودانى لفرض سيطرته الكاملة لان ما يعرف بقوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات بحق الشعب السودانى من عمليات سلب ونهب واستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة وبعض الداعمين لقوات الدعم السريع بدأوا فى وقف هذا الدعم, وحدثت انشقاقات داخل صفوف الدعم السريع وعلى رأسهم انشقاق أبوعقلة كيكل، وعاد إلى صفوف الجيش السودانى وبدأت عمليات التكسر والانهيار فى الهيكل التنظيمى لها, ومن ثم بدأت الانشقاقات تتوالى والان الجيش مسيطر على اكبر ولاية وهى الجزيرة, التى تعد أكبر الولايات فى وسط وشرق السودان كما فرض سيطرته على القضارف وكردفان وواد مدني, كما أعلن الجيش بداية التحرك نحو العاصمة الخرطوم, وكلها بالفعل جهود مشكورة من القوات المسلحة السودانية لإرساء النظام وإعادة الانضباط على كافة الأراضى السودانية.