أثناء عمليات “الفك والتركيب” الجارية للإقليم البائس الذى نعيش فيه من أجل الوصول إلى خريطة جديدة للشرق الأوسط برمته ، لا يجب أن نغفل الملف الكردى بكل تفاصيله وخطوطه ومنحنياته، فالشعب الكردى الذى يصل تعداده إلى أكثر من 40 مليون نسمة يتوزعون بين تركيا “20 مليونا” والعراق “8ملايين” وايران “12” وسوريا “3.6 مليون” هذه الملايين من البشر الذين يؤمنون بقوميتهم ويحلمون بنجاح مشروعهم الضخم فى إنشاء دولة كردية او حتى الوصول إلى صيغة للحكم الذاتى كما فى كردستان العراق فهم جزء أساسى من معادلة الشرق الأوسط الكبير.
>>>>>
وهناك معلومات مؤكدة تدور فى الأروقة السياسية الدولية عن مفاوضات مباشرة يقودها الرئيس اردوغان مع زعيم حزب العمال الكردستانى عبدالله اوجلان المحبوس فى سجن أميرلى منذ ربع قرن وحتى هذه اللحظة لا يعرف احد تفاصيل هذه المفاوضات ومخرجاتها، لكن الشيء المؤكد والمثير للاهتمام والانتباه هو الحدث المهم الذى سيحدث يوم 15 فبراير القادم حين يخرج على العالم الزعيم التاريخى للكرد عبدالله اوجلان فى بث مباشر يحدد فيه ملامح المرحلة القادمة والتى يمكن استشراف خطوطها العريضة فى النقاط التالية:
اولاً: زعيم الحزب سيطالب الكرد بإلقاء السلاح ووقف الحرب مع الدولة التركية خاصة فى منطقة جبال قنديل.
>>>>>
ثانيا : بعدها سيعلن عبدالله اوجلان حل حزب العمال الكردستانى المصنف ارهابيا فى تركيا وأوروبا والولايات المتحدة.
ثالثا : سيجتمع البرلمان التركى لمناقشة هذه الخطة التاريخية للمصالحة بحضور الأب الروحى للحزب فى سابقة لم تحدث من قبل.
رابعا : سيكون هناك عودة تدريجية للقيادات الكردية الموجودة فى السجون إلى الحياة السياسية مجددا.
خامسا : الضغط على أكراد سورية لوقف العمليات العسكرية والانخراط فى مباحثات جادة مع الادارة السورية الجديدة للوصول إلى صيغة مقبولة تحافظ على وحدة الأراضى السورية مع منح كرد سوريا قدرا من الحكم الذاتي.
>>>>>
خامسا: الدفع فى اتجاه تكرار النموذج الكردستانى المطبق فى العراق بمساعدة ومشاركة مسعود برزانى الذى يقوم بدور شديد الأهمية فى هذه الملفات ، بيد أن هذه الخطوات التى تبدو تاريخيّة وغير مسبوقة من اردوغان تجاه الكرد والتى تأتى فى أعقاب نجاح الترتيبات التركية للملف السورى والذى وصفها البعض – من داخل حزب العدالة والتنمية – بأنها فتح جديد يصب فى مصلحة اردوغان السياسية والانتخابية ، هذه الأجواء الإيجابية ربما تدفع أردوغان نفسه إلى الدعوة لانتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة يعقبها اجراء تعديلات دستورية تستهدف تحقيق امرين ، أولهما تمرير الاتفاق مع الأكراد بشكل دستورى وثانيهما السماح لأردوغان بالترشح فى انتخابات الرئاسة لمدد مفتوحة على ان تجرى الانتخابات من جولة واحدة.
>>>>>
نعود إلى المسألة الكردية التى لا يجب إغفالها فى جميع الترتيبات الإقليمية إذا اردنا ان يستقر هذا الإقليم ودون الوصول إلى تسوية مقبولة للمسألة الكردية ستستمر الصراعات والتوترات فى جنوب وشرق تركيا وشمال سوريا والعراق وايران ولا يجب ان ننسى دور كرد سوريا فى هزيمة داعش ودورهم كذلك فى حماية وإدارة سجون الدواعش الذين تقدر أعدادهم بعدة آلاف، بالإضافة إلى معسكر الهول الشهير الذى يوجد به نساء وأطفال وأسر الدواعش والذين تقدر أعدادهم بعشرات الآلاف، كذلك هناك علاقات أمريكية وثيقة مع المكون الكردى فى شمال سوريا والعراق تستدعى الانتباه لما هو قادم من ترتيبات.