إذا تأملت وراجعت فكرة وأسباب وحيثيات الأعياد الدينية والوطنية تجد أن وراءها حدث جلل، يرتبط بالخير والتفانى والتضحية والطاعة، والفداء والنصر، ولكن يستحيل أن ترتبط الأعياد بالخراب والدمار والفوضى والإرهاب، وهدم الأوطان ومحاولات إسقاطها، لا يمكن أن تحتفل بالذكريات المأساوية والمؤلمة والمتعلقة بجريمة فى حق الوطن، فهل يمكن أن يحتفل الإنسان بذكرى حريق اشتعل فى منزله، ويعتبره عيدًا، وهل يمكن أن نعتبر أن الفشل، والهدم والخسارة، مناسبة سعيدة نحتفل بها سنويًا.
فى شهر رمضان يحرم الإنسان نفسه من الطعام والشراب، ويمتثل لأوامر المولى عزوجل، ولا رقيب عليه سوى رب العالمين، ويجتهد فى العبادات والتقرب إلى خالق العباد، ولذلك فإن جزاء وثواب هذا الامتثال للواحد الأحد، والذى كرم عباده الصائمين بعيد لمدة ثلاثة أيام، وفى عيد الأضحى يختص بذكرى طيبة وهى أيضا امتثال العبد لتعليمات وأوامر ربه، إنى أرى فى المنام أنى اذبحك هكذا قال سيدنا إبراهيم لابنه إسماعيل وكان الجواب يا أبتِ أفعل ما تؤمر.. تلك هى الطاعة والخضوع والامتثال لأوامر المولى عزوجل، فكان الجزاء والثواب ففديناه بذبح عظيم.. الاعياد وراءها معان سامية ونبيلة وفضائل عظيمة، وقيم رفيعة، وفى الأعياد الوطنية والقومية تحتفل الدول والشعوب بأمجادها وانتصاراتها على الأعداء، وتفخر بما قدمه أبناء هذا الشعب من بطولات وتضحيات فداء لكرامة وتراب هذا الوطن ضد الأطماع ونحن نحتفل فى 6 أكتوبر 1973 بذكرى النصر فى ملحمة العبور، واستعادة الأرض والكرامة والثأر، وهى مناسبة ومصدر فخر لكل المصريين، وتجسيد حقيقى لعظمة الإنسان المصرى وقدرته على عبور المستحيل، وتحويل الانكسار إلى أعظم انتصار، ودائمًا نحتفى بالشهداء وأصحاب البطولات الفذة.. رمز التضحية والتفانى والفداء من أجل الوطن لذلك هناك عيد أو يوم الشهيد فى 9 مارس من كل عام وهى ذكرى استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض «الجنرال الذهبي» الذى استشهد على الجبهة وسط رجاله ومقاتليه من الضباط والجنود وعلى مسافة امتار من العدو، تلك شجاعة منقطعة النظير، تبرز وتجسد عظمة الجيش المصري، وهو من أبناء هذا الشعب، وإننا أمة عظيمة تنجب الأفذاذ والأبطال وفى ذكرى معركة الإسماعيلية فى 25 يناير عام 1952 نحتفى ونحتفل كل عام على مدار 73 عامًا بعيد الشرطة المصرية الوطنية، التى تصدت للمستعمر الإنجليزى بشجاعة وبسالة فريدة، رغم قلة أعداد رجال الشرطة وضعف وبساطة تسليحهم ببنادق عادية فى مواجهة قوات من جيش المستعمر مدججين بأحدث السلاح ومدرعات وآليات، رغم هذا التفوق رفض رجال الشرطة تسليم مبنى المحافظة، وأنفسهم لقوات الاحتلال، وخاضوا معركة شريفة من أجل الحفاظ على شرف وكرامة الوطن، مهما كانت التضحيات وسقط منهم 50 شهيدًا و80 مصابًا وكانت ملحمة عظيمة، انصهرت فيها بطولة الشرطة مع الشعب ولذلك فإن هذه المعركة سطَّرها التاريخ بحروف من نور، وتم تخليدها كعيد للشرطة المصرية التى تتكون من أبناء المصريين ورمزًا للفداء والتضحية من أجل كرامة الوطن، وهى معان تستحق أن يقدم الإنسان روحه ودمه فداء للوطن ليعلم الأجيال تلو الأجيال المعنى الحقيقى للوطنية، والحقيقة أن الاحتفال بالعيد الـ73 للشرطة المصرية والذى شرَّفه بالحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى جاء حافلاً بالمعانى السامية، ويجسِّد دور وتضحيات وبطولات رجال الشرطة والشرفاء فهم دائمًا فى ضهر الشعب ولكننى توقفت أمام مشهد عظيم يكشف ويجسد عقيدة هؤلاء الرجال من خلال كلمات عظيمة للشهيد البطل عمر القاضى وكان برتبة ملازم أول يخدم فى سيناء فى ذروة الإرهاب الآثم.. وهو فى عمر الزهور سنًا وعملاً وفى إحدى الهجمات الإرهابية على الكمين الذى يؤدى مهمته فيه، وكانت أعدادهم كبيرة، قال لقائده، دك الكمين غربل الكمين أى بكل ما فيه من رجال الشرطة الشرفاء والبواسل والإرهابيين السفلة المجرمين، هل عرفتم هذا المعنى هل وصلت الرسالة للجميع لذلك أقول إن هذه الأمة التى انتصرت فى ملحمة أكتوبر العبور 1973 وتصدت لقوات المستعمر الإنجليزى فى معركة الإسماعيلية عام 1952 وبطولات أحمد المنسى ورفاقه فى كمين ومعركة البرث وعمر القاضى وهناك آلاف النماذج بالطبع هى أمة لا يمكن أن تسقط أو تموت بل هى أمة كتب لها رب العالمين الخلود إلى يوم الدين، تلك هى عقيدتنا، وأرجو من القائمين على الدراما المصرية، والسينما، تاريخنا حافل بما يشبعنا فخرًا ويعلم أولادنا فأرجوكم قدموا هؤلاء الأبطال فى مئات الأعمال حتى الفدائيين المدنيين من أبناء مصر الذين كافحوا وناضلوا فى معارك وحروب الوطن مع البطولات الفذة لأبطال جيشنا العظيم وشرطتنا الوطنية.
العيدالحقيقى عندي، والاحتفال بالمناسبات الوطنية، يعنى العطاء والفداء والتضحية من أجل والوطن والحفاظ على أرضه وكرامته ورايته، ولا يمكن أن يكون للهدم والدمار والتخريب والفوضى والإرهاب والتآمر على إسقاط الوطن أى عيد أو معنى احتفائي.. فاليوم والنهارده هو عيد الشرطة.