نعم العالم العربى فى حاجة شديدة لطوفان من الوعى الحقيقى بقضاياه المصيرية وأمنه القومى فمنذ أكثر من مئتى عام تقريبا سقط العالم العربى كله سقوطا مدويا فى بئر الجهل والتخلف، حينما فقد الطريق إلى القوة الحقيقية وهى الأخذ بأسباب العالم والتفكير ووجه بوصلته نحو الجهل والتخلف بالشكل الذى تحولت فيه الأسطورة إلى حقيقة وحدث التراجع الكبير بالشكل الذى جعله نهبا للشعوب الجائعة والطامعة فى ثرواته وأولها العلوم العلمية والاجتماعية التى باتت اساس نهضة الغرب التى بنى عليها نهضته وثورته العلمية التى تنامت وتضخمت بحيث أصبحت تقود العالم وتبنى منجزات حضارية وتكنولوجيا فائقة السرعة.
فى تلك الفترة السوداء من التاريخ سقط العالم العربى فريسة لاستعمار غربى سرق موارده الطبيعية، كما سرق مكتباته وأغلى ما قدمته عقوله ومجلدات علومه فقامت عليها الحضارة الغربية وباتت مؤلفات الرازى وابن سينا وابن ماجة والفراهيدى وابن الهيثم والإدريسى والبيرونى والخوارزمى وابن النفيس وابن حيان وغيرهم المئات من العلماء الأوائل الذين تتردد اسماؤهم فى الجامعات الغربية باعتبارهم أصل العلوم والتى تتطور يوما بعد يوم بالشكل الذى جعل الغرب يقود العالم علميا واقتصاديا وفكريا واجتماعيات.
حينما غادر الاستعمار أرض العرب ترك أخطر آفة يمكن أن تعانيها الشعوب وهى التفريق بين أهلها وإغراقها فى مشاكل الحدود السياسية والاجتماعيةمثلما ترك فيها جماعة الإخوان الإرهابية التى تصنع الفتن وباتت العديد من البلدان العربية مسرحا لنزاعات طائفية وفصائلية تتقاتل بين الحين والآخر حتى تحول دون أن تجتمع كلمتها وتتوحد عزيمتها فتصبح لقمة سائغة فى كل يد تتلقفها.
وحينما زُرع الكيان الإسرائيلى فى أرض فلسطين فى قلب العالم العربى أمده بكل أسباب القوة التكنولوجية والعسكرية والاقتصادية ليضمن له التفوق على كل من حوله وأن تكون له اليد الطولى على كل من حوله ليحول دون أن يجتمع العرب ويوقفون تمدده السرطانى وتغلغله وسط الأشقاء فيمارس سطوته بالآلة العسكرية ويسيطر بالقوة العسكرية.
هكذا أصبحت أرض فلسطين قلب العرب وجوهرته نهبا لهذا الكيان يقتل ويدمر دون أن يوقفه أصحاب القضية، فإذا ما أراد العرب أن يكونوا قوة حقيقية ذات تأثير فعليهم بالنفير إلى الأخذ بأسباب القوة المتمثلة فى الوحدة والعلم وهو ما سيحقق لهم النهضة الحقيقية والنصر والنجاح والحفاظ على أمنهم القومي.