ستظل مصر المدافع الأول عن القضية الفلسطينية منذ نكبة 1948 وحتى الآن، لأن هذا دورها الطبيعى والتاريخى وكل الشواهد تؤكد ذلك عبر التاريخ، وكم تحملت مصر الكثير من أجل تلك القضية وضحت بالغالى والنفيس سواء لحماية حدودها الشرقية والتى هى مطمع اليهود، أو للحفاظ على وحدة الشعب الفلسطينى وتماسك أركانه وتثبيت أركانه ومنع أى عمليات إسرائيلية لمحاولة تهجير أهالى غزة بالذات لأنها البوابة الشرقية لحدودنا.
الحقيقة بمجرد الجهود التى بذلتها مصر وقطر وأمريكا منذ عملية طوفان الأقصى والتى تكللت بالنجاح فى وقف إطلاق النار فى غزة المدمرة شبه كلياً.. بادرت على الفور بإدخال المساعدات الإنسانية كإجراء أولى وهام حيث قامت بإدخال المئات من الشاحنات الإغاثية كالأغذية والأدوية والخيام وغيرها، لتعويض شعب صبر على القتل والتجويع أكثر من عام و3 أشهر وتحمل ما لا يتحمله شعب فى التاريخ ولا حتى أيام الحربين العالميين الأولى والثانية ولم تكتف مصر بذلك وإنما وعدت بالمشاركة فى عمليات إعادة الإعمار لقطاع تم تدمير 96 ٪ من أبنيته وبنيته التحتية وهذا ليس بغريب على مصر فهى السند ليس للشعب الفلسطينى فقط وإنما للبلدان العربية أيضاً والتاريخ يشهد.
صراحة ضرب الشعب الفلسطينى المثل فى الصمود والمقاومة رغم شراسة الآلة الإسرائيلية وعملياتها الوحشية، وفرض المقاومون كلمتهم فى النهاية حتى رضخ الأعداء وقبلوا بشروط فصائل المقاومة ونالوا إعجاب العالم أجمع حتى من الإسرائيليين أنفسهم فقد لفت نظرى افتتاحية الهآرتيس الإسرائيلية بعنوان «الحلم انتهي».. وأكدت فيه أن الفلسطينيين شعب من أفضل الشعوب الذين هبوا للدفاع عن حقوقهم بعد 75 عاماً وكأنهم رجل واحد، وأن الفلسطينيين هم فعلاً أصحاب الأرض وتساءلت: من غير أصحاب الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده بهذه الشراسة وهذا الكبرياء والتحدى وأكد كاتب الافتتاحية أنه كيهودى يتحدى أن تأتى إسرائيل بهذا الانتماء وهذا التمسك والتجذر بالأرض ولو أن شعبنا متمسك بأرض فلسطين «لاحظ كل أرض فلسطين» فعلياً لما رأينا ما رأيناه من هجرة لليهود بهذه الأعداد الهائلة منذ بدء الحرب وبعد أن أذاقنا الفلسطينيون ويلاتنا، وأنه طالما أن تل أبيب ذاقت صواريخ المقامة فمن الأفضل أن نتخلى عن حلمنا الزائف بإسرائيل الكبري.
الحقيقة الافتتاحة عبرت عما يتم فى أذهان كثير من الإسرائيليين من إعجاب خفى بالمقاومة الفلسطينية وإنذار للقادة فى تل أبيب بأن يفيقوا وأن يتخذوا من الفلسطينيين دولة جارة تسالمهما معاً وفق بقية الافتتاحية التى انتهت إلى أن أمة الإسرائيليين لو استطاعوا الاستمرار لعشرة أعوام قادمة كدولة يهودية فلابد أن يأتى اليوم الذى يدفعون فيه الفواتير وإلا سيأتى الفلسطينى راكباً فرسه متوجهاً نحو تل أبيب ليتأكد بالفعل أن الحرب أثبتت أن لهذه الأرض أصحاباً وأنها باقون عليها ويموتون فى سبيلها.
لقد أعادت مشاهد الأسيرات الإسرائيليات الثلاث كأول دفعة يتم تسليمها.. ما شاهدناه أول مرة من تسليم الدفعة الأولى من الأسرى بوساطة مصرية يجب الثناء عليها، ولولا الأطماع الإسرائيلية وظنها فى ضعف المقاومة وعدم صمودها لتم وقف الحرب الظالمة التى هدفها إبادة شعب بأكمله وتهجيره إلى سيناء لولا الوقفة المصرية بفضل القيادة السياسية الرشيدة والواعية.
وللتأكيد على وقوف مصر كدولة مع الفلسطينيين نجد عدداً كبيراً من الأهالى كدور شعبى بقرية جوجر التابعة لمدينة طلخا بالدقهلية يقررون جمع مساعدات غذائية وبطاطين وأدوية وإرسالها فى 8 شاحنات كبيرة إلى الأهالى فى غزة فما بال بقية الشعب ممثلين فى بعض الأحزاب والتحالف الوطنى والمجتمع المدنى وهم بالمئات تعاطفاً مع الشعب الفلسطينى الذى تحمل ما لم يتحمل شعب من قبل، وليس هذا فحسب فقد استعدت وزارة الصحة بتجهيز نقاط طبية بشمال سيناء لاستقبال الجرحى من غزة ونقل الحالات الحرجة للمستشفيات المصرية، بالإضافة إلى استضافة مصر لمؤتمر دولى بشأن إعمار غزة ودعوة المجتمع الدولى لدعم الجهد الإنسانى وتقديم المزيد من المساعدات والبدء فى عمليات الإعمار بعد إزالة 42 مليون طن تقريباً من الركام كذلك الآلاف من الألغام التى زرعها الاحتلال والقنابل التى سقطت ولم تنفجر.. وهذا بالطبع سيحتاج إلى سنوات طويلة إذا لم يتكاتف المجتمع الدولى لتشريع تلك الأعمال وتوفيراً للوقت، خاصة أن مصر لها خبرات هائلة فى ذلك كى ينعم أهالى غزة بالأمان والاستقرار، وفى النهاية نقول لأهالى غزة خاصة الشعب الفلسطينى عامة.. مصر ستظل بجواركم وسند لكم حتى زوال الاحتلال.
>> وأخيراً:
> الحمد لله.. توقفت أطول حرب فى التاريخ بقطاع غزة.. هنيئاً لشعب غزة.
> نتمنى حرص المجتمع الدولى على استمرار وقف إطلاق النيران وسرعة إعادة إعمار غزة والذى يحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات.
> لقد كشفت الحرب الظالمة عن وحشية الاحتلال وأطماعه ولكن بفضل الله أولاً ثم بفضل المقاومة الباسلة تم وأد تلك الأطماع والتى كانت سبباً فى ملاحقة نتنياهو جنائياً واستقالة الوزراء إيتمار بن جفير وزير الأمن القومى الإسرائيلى ويتسحاق فاسرلاوف وزير تطوير النقب والجليل وعميحاى إلياهو وزير التراث وجميعهم من حزب عوتسما يهوديت.
> نقابة الأطباء تعلن فتح باب التطوع لعلاج الجرحى الفلسطينيين.. برافو.
> اليوم.. يفتح معرض القاهرة الدولى للكتاب أبوابه أمام الجماهير.