ونحن نحتفل بعيد الشرطة المصرية فى يومهم التاريخى 25 يناير 1952م نتيجة لدورهم البطولى فى مواجهة الاحتلال الإنجليزي.. ذلك الدور الثابت عبر التاريخ، لا شك أن الشرطة المصرية فى ظل التطور التكنولوجى الكبير أصبحت أمام تحديات غير مسبوقة، ومع ذلك، فإن تاريخ الشرطة المصرية، ونجاحها المستمر فى الحفاظ على الأمن الداخلي، يؤكد قدرتها على التكيف مع التغيرات الكبيرة فى العالم الرقمي.
لكى يقوم الجهاز الأمنى بدوره بهذا الاتقان وتلك الحرفية يتطلب التطور الدائم على مستوى الأدوات والوسائل والفكر أيضاً وهذا ما تقوم به الشرطة المصرية باستمرار، فإن الشرطة لم تكن مجرد أداة للقانون فقط، بل كانت أيضًا محورًا أساسيًا فى الحفاظ على الاستقرار الاجتماعى والوحدة الوطنية.
اليوم ونحن فى زمن التحولات التقنية الكبري، فالتكنولوجيا لا تقتصر على تقديم حلول مبتكرة فحسب، بل هى أيضًا تفتح أبوابًا جديدة لتهديدات قد تكون فى أحيان كثيرة أكثر تعقيدًا وخطورة مما يمكن أن تتصوره الأنظمة الأمنية التقليدية، ومع التطور الكبير فى وسائل الاتصال، من الإنترنت إلى التطبيقات الرقمية، أصبحت الجرائم على الشبكة العنكبوتية تتطلب أساليب أمنية جديدة لم تكن فى حسابات المؤسسات الأمنية فى الماضي، وفى تلك المساحة لا نهدف – فقط – إلى الإشارة إلى تطور دور الشرطة المصرية، بل أيضًا إلى تحليل هذه العلاقة بين القوة الأمنية والتكنولوجيا فى سياق دور الشرطة فى الحفاظ على الاستقرار الوطنى فى ظل هذا التحول التاريخي.
فى كل مرحلة من مراحل التاريخ المصرى الحديث، كانت الشرطة دائمًا تلك اليد القوية التى تستجيب لأزمات الدولة وتُعيد الأمور إلى نصابها.
مع مطلع القرن الواحد والعشرين، بدأت تظهر قوى جديدة، أكثر تشعبًا، وأكثر صعوبة فى المواجهة وهى «الجرائم الإلكترونية، الإرهاب الرقمي، والانفلات الإعلامى على الإنترنت» والتى كانت تحديات جديدة تمثل تهديدًا غير تقليدى للأمن الوطني.
فى ظل هذه التحولات، كانت أولى الخطوات التى اتخذتها الشرطة المصرية هى إنشاء إدارة مختصة بالجرائم الإلكترونية، لمواجهة الجرائم التى صاحبت الثورة الرقمية التى جلبت معها انفتاحًا على تحديات كانت مستحيلة فى العصور السابقة، فمقابل كل تقدم فى سبل الاتصال والتواصل، هناك اختراقات جديدة للخصوصية، أو نشر للأخبار الكاذبة والشائعات التى يمكن أن تفتك بالاستقرار الاجتماعي.
يبقى الأهم هو أن تكون هناك ثقافة أمنية واعية تزرعها الدولة فى نفوس المواطنين، إذ أن الوعى الرقمي، هو السلاح الأقوى فى وجه التهديدات التى تأتى من الفضاء الإلكتروني.