رحل ميمى الشربيني، آخر جيل عمالقة التعليق فى كرة القدم، وأحد أعضاء قائمة الأساتذة فى المدرسة المصرية التى علمت ونشرت فنون المهنة وتفاصيلها هنا وهناك، بعدما فضل الابتعاد وقضاء أيامه الأخيرة فى هدوء.. ولم تحمل تصريحات الشربينى أيا من أنواع أو صنوف الرضا على ما وصل إليه حال التعليق الكروى فى وقتنا الحالي، ولم يخف الراحل قلقه فى كل مرة يطل فيها علينا بتصريحات وتعليقات مختلفة عن التعليق وواقعه وما ينتظره فى القريب ..
لم تخل تعليقاتنا من درجات الخوف المختلفة حيال مدرسة التعليق المصري، بعد أن انتزع أخرون الآهات من معلقين عرب وأجانب، وارتبط صغارنا بالشوالى وحفيظ وغيرهما وهم يستحقون بلاشك.. ولكن أن تأتى المخاوف ومعانيها من عملاق وصاحب مدرسة خاصة فى التعليق، عليك التسليم بصعوبة الموقف وخطورته..
وصلت درجة الإنبهار والتعلق بمعلقين غير مصريين إلى درجة سعى معلقينا الصاعدين لتقليدهم والوصول لنفس درجة الصوت ومؤثراتها المختلفة، واعتبارها جواز المرور المناسب لهم حتى يحظى كل منهم بفرصة التعليق هنا وهناك.. ولم يجد أى منهم خجلا فى التصريح بذلك والجهر به فى أى مكان..
الكثيرون من معلقينا السابقين لم يخف أى منهم الانتماء لناد أو لفريق ما، بل أن معظمهم كانوا لاعبين ونجوما فى فرق جماهيرية وهذا معلوم للجميع، ولكن لم يتأثر أى منهم بهذه الحقيقة فى يوم من الأيام، وظل الجمهور متعلقا بهم فى كل الأحوال، يتقبل منهم انتقاد لاعب أو مدرب حتى إذا كان هذا اللاعب أو المدرب يمثل فريقهم المفضل..
أما اليوم فترى أحدهم يتعمد الميل ناحية فريق بعينه، طمعا فى دعم جماهيره وسعيا وراء الوصول السريع، ولا يتردد فى التحامل على منافس فريقه بكل أشكال التحامل والقسوة، تحقيقا لنفس الغرض وإرضاء لمن يعتقد قدرتهم على مساندته وإعانته على استكمال طريقه فى التعليق ..
دعونا نستفيق وننظر إلى مستقبل التعليق المصري، فى فترة لم يعد التأثر الجماهيرى قاصرا على الشوالى وحفيظ دراجى فقط بل تعداه لغيرهما من المعلقين العرب فى منطقة الخليج، بل امتد ليشمل من يجيد تقليد هؤلاء.. ودعونا نأخذ بيد من يمتلك الموهبة الحقيقية، ومساعدته على تسلق الجبل والوصول لقمته دون مضايقة أو تزييف.. فهذا أفضل سبيل لإعادة فتح مدرسة التعليق المصرية، بعد سنوات من الغلق وتسريح من بها.. رحم الله معلقينا الكبار.