بعد أحداث 25 يناير 2011 وما تلاها من مؤامرات كانت تستهدف إسقاط الدولة المصرية وتفتيت مؤسساتها الوطنية وطمس هويتها وتسطيح عقول أبنائها، ظن الجميع أن مصر ضاعت كغيرها من دول المنطقة حولنا خاصة بعد وصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى سدة الحكم ، ولكن الله سلم وسخر لمصر شعبا وفيا وجيشا وطنيا وشرطة ابية وقائدا مخلصا التفوا جميعا حول الوطن وبحق كان فضل الله علينا عظيما بل و عظيما جدا إذ أنقذ البلاد والعباد مما كان يحاك ضدهم فى إطار ما كانوا يطلقون عليه الشرق الأوسط الجديد وتحت ستار ما أسموه الربيع العربى !! .
فقامت ثورة 30 يونيو 2012 التى كانت نقطةً مفصليّة، ولحظةً تاريخية فارقة، فمنها تبلورت الإرادة الشعبية على أرضية واضحة، واضطلعت المؤسَّسة العسكرية بمهمّة وجودية، لم يكن مأمولاً أن نخرج من النفق ما لم تُبادر بها، ولعب الفريق أول عبدالفتاح السيسى القائد العام وزير الدفاع حينئذ دور القيادة والتوجيه بحسمٍ واعتدال، تبعته أدوارٌ بالغة الدقّة والتأثير من أجل وقف النزيف، وتكملة استئصال الورم، وترشيد كُلفةِ العبور الآمن، وصولاً إلى استعادة الاستقرار وتطبيع الحياة اليومية لملايين المصريين؛ بعدما كانوا مُهدّدين بالقمع ماديًّا ومعنويًّا، وبالوصاية الأُصوليّة الغاشمة واتّخاذهم رهائن لصالح مشروع رجعى يتجاوز هويّة مصر ومصالحها وأمنَها القومي.
وبالغعل كان الانتصارُ لإرادة المصريين أوّلَ النجاحات وأهمَّها، لكنّه لا ينفصل عن تثبيت تلك الإرادة. حدث ذلك عبر معركةٍ طويلةٍ خاضتها مصر ومُؤسَّساتُها ولا تزال مقابل حروب دعائيّة وسياسيّة مُمنهجة، لم تنفصل عن موجات العنف والإرهاب المدفوعة والمُموّلة من القوى نفسها. هكذا يُمكن النظر الآن إلى قوة الدولة ومُكوّناتها، وثبات مواقفها دون تهاونٍ أو انصياع، واستعادة علاقاتها الطبيعيّة على المستويين الإقليمى والعالمى وفق شُروطها أو بما لا يتصادم مع عقيدتها، وتوطيد الروابط وترقيتها، والتداخل العميق والواعى مع الملفّات الساخنة، علاوة على لعب أدوار رشيدة وحاسمة على جبهات مُلتهبة وفى محافل ومؤسَّسات راسخة أو مُستحدَثة، من زاوية أنها استكمال للنجاح نفسه عبر ترميم ما تركه الإخوان وسابقوهم من شروخ فى جسد مصر، ثم تثبيت هذا الجسد، وتغذية طاقة الدفع لتتحرّك به إلى الأمام رغم ضخامته وثِقَل ميراثه، وصولاً إلى إيجاد مسالك واتّجاهات مُستقبليّة صالحة لإعادة إنتاج الواقع على وجهٍ أفضل، ووضع لَبناتٍ أُولى فى معمار المستقبل وفق رؤيةٍ مُنسجمة مع السياق الراهن داخليًّا وخارجيًّا، وقادرةٍ على استكشاف الطاقات الظاهرة والباطنة ، وحسن توظيفها بما يُحقّق لمصر ما أعجزها سابقًا، ويهضم ميراثَها القديم، ويستوعب ما يتشكّل أو يُستجدّ من تحدّيات!
كلنا يعلم أن الرئيس عبدالفتاح السيسي تسلم بلدًا مُنهكًا وفق كلّ المُؤشِّرات والأرقام وما رأيناه وعشناه. خسائر أحداث يناير 2011 وما تلاها تجاوزت وحدها 6 تريليونات جنيه، فضلاً عن نزيفٍ اقتصادى وتراجُعٍ فى الإنتاج وزيادة كُلفة المعيشة مع تراجع كبير جداً فى الاحتياطى النقدي ، وتجاوزت البطالة 13 ٪، وتقلّصت الرقعة الزراعية بأكثر من 90 ألف فدان بسبب التعدِّيات والمُمارسات الجائرة، مع تراجع النمو والاستثمار المُباشر وزيادة مُؤشِّرات التضخّم والفقر والأمراض واهتزاز التصنيف الائتمانى وثقة الأسواق والمُستثمرين، وتهالك البنية التحتيّة فضلاً عن تشوُّهاتٍ فى الصرف والمالية العامّة، كما اتّخذ الدَّيْن العام مسارًا صاعدًا لتغطية الاستهلاك واستخدامات الموازنة الضرورية، من دون نموٍّ ملموسٍ فى المشروعات العامّة والاستثمارات الحكوميّة، وعانت الموازنة نفسها من عجزٍ أوّلى بنسبة 3.5 ٪ فى 2014 وعجزٍ إجمالى 12 ٪ فى العام السابق عليه.