إذا كان الرئيس الامريكى ترامب قد هدد الشرق الأوسط كله بجهنم.. فإن هناك رئيسا آخر وعد شعبه بجهنم.. واستطاع أن يحقق ذلك فعلا.. هو الرئيس اللبنانى السابق ميشال عون الذى انتهى عهده غير مأسوف عليه من غالبية شعبه فى أكتوبر 2022.. بعد أن رهن حكمه بما يريده حزب الله.. لا ما يريده لبنان.. وكان تحالفه مع هذا الحزب كارثة استمرت طوال حكمه واقترن بها انصياعه لرغبات زوج ابنته..
وقد تأخرت فى الكتابة عن لبنان وما أسميه ثورة أعلنها الرئيس المنتخب العماد جوزيف عون.. رغم اعتزازى به كبلد شقيق.. كان يعتبر سويسرا الشرق من حيث جمال طبيعته وأرزه وثلوجه.. إلى جانب فنه وثقافته وحضارته.. وارتباطه بمصر منذ بداية العصور الأولى للحضارة المصرية.. بل وأسطوريا أيضا من خلال أسطورة إيزيس وأوزوريس.. ثم الهجرات المتبادلة بين الساحل اللبنانى والساحل المصرى فى منطقتى صور وصيدا على وجه التحديد ومدينة دمياط فى مصر.. حيث نجد فى لبنان أسماء بعض العائلات والأسر تتسمى باسم المصرى والدمياطي.. وتكثر فى مصر أسماء الشامى وهى أسماء تدل على تبادل سكاني.. حتى وإن لم يقتصر على ساحل لبنان فقط ولا دمياط فقط.. وإنما امتد إلى كل الشام بتعريفه التاريخي.. والداخل المصرى فى القاهرة ومدن كثيرة كالمنصورة مثلا.
اعتزازى بلبنان تصاحبه أيضا صداقات بالكثيرين فيه.. وإلى زيارات لا حصر لها.. أو بمعنى ادق لا اذكر عددها.. قمت بها الى لبنان سواء من القاهرة مباشرة إلى بيروت.. أو برا من دمشق وصولا إلى بيروت..
هذا كله جعلنى متابعا دقيقا لكل أحوال لبنان وأخبارها.. وأيضا لكل أزماتها وحروبها.. واغتيالات رجالها وزعمائها.. ثم الحادث الأكبر فى انفجار مرفق بيروت.. وأخيرا وحدة الساحات التى جرت لبنان إلى العدوان الإسرائيلى عليه.. كما أننى التقيت أيضا كثيرا من زعمائها ورجالاتها فى زيارات متعددة كان بينهم اثنان من رؤساء الجمهورية هما إلياس الهراوى وميشال سليمان.. ورئيس برلمانه نبيه بري..
لقد كنت أستمع الى العماد جوزيف عون وهو يرسم خطى لبنان الجديد.. كما يتمناه كل لبنانى وكل عربي.. وأدعو الله أن يوفقه.. وأقارن بين كلمته وكلمات ميشال عون عندما سأله الصحفيون خلال انتفاضات لبنان.. إلى أين سيذهب لبنان؟.. فيجيبهم.. «ذاهب إلى جهنم «.. والحقيقة أنه صدق فيما قال.. لأن لبنان فعلا فى عهده ذهب إلى جهنم.. بتحالفه مع حزب الله.. وترك الحكم لزوج ابنته جبران باسيل.. ليصطدم بالجميع.. ويتعالى على الجميع..
ومن الصدف أن يكون ميشال عون هو الرئيس رقم 13 فى ترتيب رؤساء لبنان.. وهو رقم تعارف عليه الكثيرون أنه رقم نحس وشؤم.. وقد كان حكم ميشال عون نحسا وشؤما على لبنان.. لكثرة ما وقع به من أحداث وصدمات.. لعل أشهرها حادث انفجار مرفق بيروت.. الذى عادل قوة قنبلة ذرية.. وكانت ضحاياه بالآلاف.. وكانت أصابع حزب الله فيه واضحة.. فهو صاحب المواد الكيماوية التى كانت مخزنة به وانفجرت بعد أن استمر تخزينها سنوات.. ومع ذلك رفض عون التحقيق الدولي.. ونامت التحقيقات اللبنانية..
والجميع يعلم أن حزب الله كان مسيطرا على الميناء والمطار.. ويجبى هو الرسوم لصالحه فى ظل دولة خضعت لابتزازه.. واحتكاره قرار الحرب والسلام.. وسيطرته على الحكم فى لبنان.. إلى جانب ما كان يسمى بالثلث المعطل.. وهو كان يملك كتلة الأصوات التى يمكن تعطيلها لأى قرار.. بل تعطيل أى شيء فى لبنان.. انتهاء بتعطيل تشكيل الوزارات.. وتعطيل اجتماع مجلس الوزراء.. وبالتالى أصبح حزب الله هو المعطل لكل لبنان.. وليس الثلث المعطل فقط..
ولعل من أشهر ما عطله حزب الله تطبيق القرار الأممى رقم 1701.. الذى عاد ورضخ له.. بعد الضربات الإسرائيلية الكاسحة التى نالته بداية من اختراق أجهزة البيجر.. التى سببت العمى لنحو ألف وخمسمائة عضو من أعضائه.. بالإضافة إلى آلاف آخرين بين قتيل وجريح..
وبعد أن استعدى هذا الحزب اسرائيل على لبنان أخرجت اسرائيل ما فى جعبتها لتدمير حزب الله.. وتدمير لبنان وعلى رأسه الجنوب.. وتهجير أكثر من مليون من أبنائه.. مازالوا حتى الآن لا يستطيعون العودة إلى قراهم المدمرة.. مع أكثر من خمسة آلاف شهيد وآلاف من الجرحي..
مع كل الضربات التى نالها حزب الله فإنه مازال يعتبر نفسه منتصرا.. ربما لأنه تسبب فى الدمار والخراب اللذين عانتهما لبنان.. ومازال نعيم قاسم، خليفة حسن نصرالله، يكابر ويهدد بأن صبره سينفد.. وهو يذكرنى على الفور بالعبارة الكاريكاتيرية «شيلوه من فوقى لأموته «..
شيء يبكى ويضحك معا.. على الحزب الذى تسبب فى تدمير لبنان أكثر من مرة ويدعى المقاومة.. بعد أن قذفت به إسرائيل بعيدا من الجنوب إلى شمال نهر الليطاني.. وهو كذلك يعرف أن نزع سلاحه آت.. آت.. ليس فقط بشروط المجتمع الدولي.. إنما أيضا لأن كل اللبنانيين المخلصين لبلدهم.. وولائهم للبنان فقط يطلبون هذا..
وقد آن أوان تحقيق هذا المطلب بعد أن أعلن العماد جوزيف عون فى خطابه التاريخى والثورى احتكار الدولة للسلاح.. كما أعلنه رئيس حكومته نواف سلام فى خطابه بعد تكليفه بتشكيل الوزارة الجديدة..
إن غالبية الشعب اللبنانى وراء مشروع العماد جوزيف عون: لبنان جديد.. بدأت إرهاصاته منذ انتفاضات لبنان التى حاول الرئيس السابق ميشال عون قمعها بالرصاص.. ورفض تنفيذ ذلك قائد الجيش اللبنانى الذى أصبح الآن رئيسا للبنان..
إن الدولة اللبنانية الجديدة قادمة.. ولن يستطيع أحد منعها.. تحية إلى الرجل الذى جاء لينقذ بلده وشعبه العماد جوزيف عون..