نتحدث اليوم عن الإستراتيجية الوطنية للسكان فى إطار الاستراتيجيات التى تقوم بها مصر من أجل تحقيق أهداف الجمهورية الجديدة…
منذ انتهاء فعاليات المؤتمر العالمى للسكان الذى استضافته مصر بحضور ورعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، خرجت عنه عدة توصيات لتكون محل اهتمام الدولة بكل أجهزتها ومحاولة تطبيقها على أرض الواقع.
ويأتى ذلك فى الوقت الذى تعمل الدولة فيه أيضا على تحديث إستراتيجيتها الوطنية للسكان والتنمية لتحقيق أهداف تلك التنمية الكبرى والمبادرات الرئاسية، بتنفيذ عدد من المشروعات الكبيرة والمختلفة بجميع المجالات، لتوفير السكن المناسب والحياة الكريمة التى ينشدها كل مصري.
إن تحديث الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية «2015-2030» يرجع إلى تحقيق أهداف المبادرات الرئاسية الحالية التى تهدف إلى تحسين مستوى معيشة الفرد من خلال تنمية الأسرة المصرية،ومنها برنامج تكافل وكرامة، ومبادرة حياة كريمة، والمبادرات الصحية بما فيها التأمين الصحى الشامل، ولتتماشى أيضا مع أهداف الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030، واستراتيجية الطفل، كما تم إعداد الاستراتيجية استنادا لنتائج المسح الصحى للأسرة المصرية 2021، الذى أظهر ضرورة إجراء تدخلات وتعديلات جديدة على الخطط الخمسية للاستراتيجية الوطنية للسكان 2015-2030 لتتمكن من تحقيق مستهدفات 2030، وكذلك إطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية ليكون بمثابة النواة الرئيسية لتحديث الاستراتيجية، وليمثل قاطرة تنفيذ الاستراتيجية المحدثة.ويأتى ذلك استنادا إلى التزام الدولة إلى المادة 41 من دستور 2014 والتى تقضى بالآتي»تلتزم الدولة بتنفيذ برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، فى إطار تحقيق التنمية المستدامة»، وفى ضوء المتغيرات والتحولات الديموجرافية وجب التحديث، وأيضا استنادا إلى أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030 القائمة على العدالة والاندماج الاجتماعى والمشاركة لتحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بجودة حياة الأجيال القادمة، بالإضافة الى استكمال برنامج عمل المؤتمر الدولى للسكان والتنمية (ICPD) الذى تم الاتفاق عليه فى القاهرة فى عام 1994 بما فى ذلك التمديد اللاحق وإعلان القاهرة 2013.
وتداعيات القضية السكانية ترتبط بشكل وثيق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ضمن المفهوم الشامل لمبادئ حقوق الإنسان، وترتبط بصفة خاصة بحقوق المرأة والطفل، ومواكبة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ولا سيما أيضا التغيرات الدولية التى أثرت على المجتمع المصرى والتى كان أبرزها جائحة كورونا والوضع الاقتصادى العالمى وتداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتغير المناخ، وتحقيق التوازن بين معدل نمو السكان ومعدل النمو الاقتصادى فى إطار ضمان الحقوق والخيارات الإنجابية والصحة الجنسية.
كما أن محاور عمل الإستراتيجية هى ضمان الحقوق الإنجابية، والاستثمار فى الطاقة البشرية، وتدعيم دور المرأة، والتعليم والتعلم، والاتصال والإعلام من أجل التنمية، و»التغيرات المناخية وديناميكية السكان»، وحوكمة الملف السكانى «وتفعيل دور الأطر التشريعية، وإقامة إطار مؤسسى متكامل الأدوار وفعال، وتفعيل اللامركزية، وضمان استدامة التمويل، والتوافق المجتمعي، وإتاحة البيانات والمعلومات، المتابعة والتقويم».
وحول المبادئ التى تتبناها الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023 – 2030، هناك عدة مبادئ منها النظر إلى السكان باعتبارهم أحد عناصر القوة الشاملة للدولة، على ألا تتعدى معدلات الزيادة السكانية قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية بالجودة المناسبة، وعلى ألا تؤثر معدلات الزيادة السكانية على متوسط نصيب الفرد من الموارد الطبيعية، لاسيما المياه والطاقة والأرض الزراعية، وعلى أن تتناسب معدلات الزيادة السكانية على قدرة الاقتصاد الوطنى فى تحقيق مستوى مرتفع من التنمية البشرية، وتحقيق خفض فى معدلات البطالة وتوعية أفراد المجتمع بأخطار معدلات الإنجاب المرتفعة على الصعيد الوطني، وأخطار الإنجاب المتكرر والمتقارب على صحة الأم والطفل، ومسئوليتها عن توفير خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بجودة مرتفعة لمن يطلبها، مع توفيرها بالمجان. وفى هذا يرى الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، أن المؤتمر العالمى للصحة والسكان والتنمية 2023، يعد حدثاً هاماً ناقش القضية السكانية، والتى تعد أهمية قصوى بالنسبة لحاضر ومستقبل الحياة على كوكب الأرض أمام دول وشعوب العالم.
كما أن مشكلة الزيادة السكانية التى تواجهها الدولة المصرية هى التحدى الأكبر الذى يواجه العمل الوطنى فى الحاضر والمستقبل، حيث انها تعرقل عجلة النمو الاقتصادى وتلتهم كافة عوائد التنمية مما يؤثر على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ومستوى معيشتهم، مما يحتم علينا العمل على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادى والنمو السكاني، بما يضمن تحقيق الرفاهية للجمبع والعمل على قدم وساق لتنفيذ توجيهات الرئيس لحل أزمة القضية السكانية.
وفى مؤتمر الشباب بالإسكندرية عام 2017 «قال الرئيس إن الزيادة السكانية تحد كبير وأكبر خطرين يواجهان مصر فى تاريخها الإرهاب والزيادة السكانية وهذا التحدى يقلل فرص مصر فى التقدم إلى الأمام»، كانت هى الحافز والدافع الرئيسى فى العمل على قدم وساق لوضع استراتيجية وطنية متكاملة للسكان والتنمية للوصول بالوطن إلى الأفضل وتحقيق الحياة الكريمة لمواطنيه.
والعمل وفقاً للمادة 41 فى الدستور المصرى التى تنص على أن «الدولة تلتزم بتنفيذ برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النـمو السكانى والموارد المتاحة وتعظيم الاستثـمار فى الطاقة البشرية وتحسين خصائصها وذلك فى إطار تحقيق التنـمية المستدامة».
وأوضحت المؤشرات أن معدل الإنجاب الكلى عام 2021 كان 2.85٪، وفى عام 2023 بلغ 2.1٪، بينما كان معدل استخدام وسائل تنظيم الاسرة عام 2021 66.4٪ وفى عام 2023 بلغ 75٪، كما أن نسبة الأمية بين السكان 10 سنوات فأكثر عام 2021 كانت 25.8٪، وفى عام 2023 بلغت 12.6٪، وفيما يخص نسبة الالتحاق بالتعليم عام 2021 كانت 94٪ وفى عام 2023 بلغت 98٪.
كماأن نسبة الزواج قبل بلوغ سن الـ18 عاماً فى 2021 كانت 15.8٪ وفى عام 2023 بلغت 8٪، بينما نسبة السيدات اللاتى شاهدن أو سمعن رسائل عن تنظيم الأسرة من خلال وسائل الإعلام المختلفة فى عام 2021 كانت وبلغت فى عام 2023 -75٪.
والمعروف أن تجارب ونجاحات الدول فى تخفيض معدلات الإنجاب من خلال تحقيق عوامل نجاح تلك التجارب من خلال الإرادة السياسية المستدامة وتوفير التمويل اللازم والتنمية الاقتصادية والسياسات العامة الفعالة والعمل من خلال سياسة سكانية تقوم على التحفيز وتعزيز العرض والتعاون الوثيق مع القطاع الأهلى والعمل من خلال إطار مؤسسى فعال ودمج الخطط السكانية فى الخطط التنموية الخمس للدولة.
كما أن الاستراتيجية تستهدف النظر إلى السكان باعتبارهم أحد أهم عناصر القوة الشاملة للدولة، فضلاً عن حق الأسرة فى تحديد عدد أبنائها، ومسئولية الدولة عن توعية أفراد المجتمع بأخطار معدلات الانجاب المرتفعة، لافتاً إلى العمل على دمج المكون السكانى فى خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير البيئة المحفزة على مشاركة الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص، وتحقيق اللامركزية فى إدارة البرنامج السكاني، مؤكداً التزام الدولة بتنفيذ برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة بالدولة ،وتعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، وذلك فى إطار تحقيق التنمية المستدامة.
«وللحديث بقية»