الفلسطينيون.. بعد العودة إلى مدنهم
الجهود المصرية هى الضمان لتنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار فى غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى أهالى القطاع بالشكل الكافى، وانقاذا للقطاع من المأساة الإنسانية التى يواجهها، حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى ضرورة البدء فى جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحا للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع فى أقرب فرصة.
إعادة الأعمار أهم الامور التى يترتب عليها «غزة ما بعد الحرب»، خاصة وان المرحلة الأخيرة ستشهد «عملية إعادة إعمار قطاع غزة لمدة 3 إلى 5 سنوات، بما يشمل البيوت والمنشآت المدنية والبنية التحتية، تحت إشراف عدد من الدول والمنظمات، و فى المقدمة مصر وقطر والأمم المتحدة». كما ستشهد أيضاً فتح المعابر الحدودية لتسهيل حركة السكان ونقل البضائع.
وزير الخارجية و الهجرة بدر عبد العاطىأعلن استعداد مصر لاستضافة مؤتمر دولى لإعادة الإعمار فى قطاع غزة، ومن المقترح ان يتم إنشاء صندوق لإعادة الاعمار تشرف عليه الأمم المتحدة، مع دعوة المانحين لدعم اعادة الإعمار، من اجل منع محاولات التهجير من القطاع.
أكد الفلسطينيون ان مصر هى الاقرب والاكثر خبرة لتنفيذ اعادة الاعمار، و ان ما قامت به على مدار سنوات الحرب على غزة فى 2008 و2014 و2018 و2021، كان الابلغ حول من يستطيع إعادة الاعمار، خاصة وان مصر قدمت 500 مليون دولار فى 2021، وقامت باعادة الإعمار وبناء مدن كبيرة، وان مصر مارست دورها سياسيًا،وكانت الاكثر دعماً لابناء القطاع فى محنتهم ولم يتردد لحظة فى تقديم المساندة بكل السبل وامتد جهدها ليشمل البعد الإنسانى عبر توفير احتياجات الفلسطينيين من المؤن الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية.. بالإضافة إلى توفير العلاج للجرحى والمصابين بالمستشفيات المصرية، وستظل مصر ملتزمة بوفائها للشعب الفلسطينى وبمساندة قضيته العادلة.
أكد د.شفيق التلولى الكاتب والسياسى الفلسطينى، ان مصر أكثر الأطراف العربية المؤهلة لتولى إعادة الإعمار فى قطاع غزة وذلك خلال المرحلة الثالثة من اتفاق تبادل الرهائن ووقف الحرب، وتشمل تشكيل صندوق لإعادة إعمار غزة، وأن مصر فور الاعلان عن الاتفاق دعت إلى مؤتمر دولى لاعادة الإعمار، وهو الأمر الذى يحتاج إلى حراك دولى، ومصر بعلاقاتها تستطيع ان تكون الدولة المحورية فى هذا الإطار، وإسناد إعادة الإعمار لمصر ليس فقط سياسيًا ولكن من خلال تولى تنفيذه فعليًا على الأرض عبر شركاتها ومؤسساتها، سواء بمفردها أو بالشراكة مع آخرين مع تمويل دولى وعربى لهذا الأمر، وقد تساهم مصر فى تحمل جزء من التكلفة أو تقديم جزء من عمليات الإعمار دون مقابل، وهذه عادة مصر طوال التاريخ ، وأعلنت مصر عن الدعوة الى مؤتمر دولى من اجل دعوة الداعمين الدوليين، لان تكلفة الاعمار سوف تكون باهظة وسوف تأخذ سنوات من التنفيذ.
وقال ان مصر الاقرب فى الجوار الجغرافى المباشر، وهى المنفذ الوحيد لدخول المواد اللازمة لإعادة الإعمار لأنه من المتوقع رفض إسرائيل دخولها عبر البحر أو عبر معبر كرم أبو سالم مع القطاع، وإن سمحت فسيكون بشكل محدود وبطيء للغاية، لذا سيسمح الجوار الجغرافى لمصر بتوليها الجزء الأكبر من تنفيذ إعادة الإعمار لأنه يتيح بسهولة إدخال المواد اللازمة بجانب انخفاض التكلفة.
وقال ان مصر تمتلك خبرات فنية تؤهلها لتولى تنفيذ عملية إعادة الإعمار وامتلاكها خبرات خاصة فى غزة، ففى مايو 2021، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى، تخصيص 500 مليون دولار كمبادرة مصرية لصالح عملية إعادة الإعمار فى قطاع غزة عقب حرب إسرائيلية على القطاع والتى استمرت لمدة 15 يوماً، وكانت حرباً مدمرة ومصغرة من الحرب الحالية، وقامت الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك فى تنفيذ عملية إعادة الإعمار، و نفذت مصر بالفعل معظم المشروعات، وأنشأت مصر حتى أغسطس 2023 ثلاث مدن جديدة فى غزة على 3 مناطق من القطاع وهي: «دار مصر1» فى منطقة الزهراء جنوب مدينة غزة، و»دار مصر 2» غرب جباليا شمال القطاع، و«دار مصر 3» فى بيت لاهيا بعدد 117 عمارة سكنية، وقرابة 2500 وحدة سكنية ومحال تجارية مجهزة بالبنية التحتية، بجانب المرافق العامة، وشارع كورنيش مصر، وقد بلغت نسبة الإنجاز فى شارع الكورنيش حوالى 70 ٪، وفى المدن السكنية بلغت النسبة حوالى 55 ٪.
وقال ان توسيع كورنيش البحر كان من الأمور المذهلة لأنه تم فى وقت قياسى وغير معالم القطاع، لانه كان يصل فقط إلى مدينة غزة، وبالجهود المصرية اصبح يصل إلى جباليا وصولا إلى منطقة حدود ايريز وبيت لاهيا، وكان قبل تدميره من الاحتلال طريقا سريعا يسهل الحياة فى القطاع و احد المظاهر الحضارية التى يتمتع بها الفلسطينيون، وتم اعادة رصف الطرق فى كافة المدن بأيادٍ مصرية وشاحنات ومعدات مصرية، مضيفا ان مصر منفردة استطاعت اعادة القطاع عروسا لا مثيل لها، وذلك بعد حرب مدمرة، و قفزة نوعية وكانت على مرحلتين، مرحلة الابنية ومرحلة الطرق.
واوضح ان مصر هى السند الكبير لنا، وأن كل التقارير التى يتم نشرها عن صعوبة اعادة الاعمار وانها سوف تأخذ وقتاً ومجهوداً يمتد إلى سنوات طويلة، هى تقارير مغلوطة، ومصر فى تجاربها السابقة فى إعادة الإعمار فى غزة اثبتت انها قادرة على المستحيل وفى وقت قياسى،لكن لابد أن يساعدها العالم .
وأشاد التلولى بالقيادة المصرية الرشيدة، والتى أدركت مخططات التهجير، ووقفت ضدها على مدار الحرب، ورفضتها ما بعد الحرب، ولن ينسى الفلسطينيون هذا الدور للرئيس السيسى مضيفاً أن إعادة الإعمار هو فى نفس اطار رفض تصفية القضية الفلسطينية والتهجير القسرى، وفى هذا الإطار قام وزيرا التخطيط والتنمية الفلسطينيان بتقديم خطة لإعادة الإعمار لقطاع غزة وتشكيل لجنة بالتنسيق مع مصر، حتى لا تتعطل الحياة فى غزة، وإعادة تشكيل المرافق الهامة مثل المستشفيات و شركات الكهرباء وقطاع المياه، مشيرا الى وجود لجان فنية وخاصة بالتعاون مع مصر.
أكد مراد حرفوش الكاتب والباحث السياسى فى الضفة الغربية، ان إعادة الإعمار تتعلق بتنفيذ مراحل الاتفاق الثلاثة، ووقف إطلاق النار وتنفيذ المرحلة الثالثة حسب ما تنص عليه الاتفاقية، وهى البدء فى إعادة الإعمار وهذا يحتاج إلى توافق اولاً إقليمى ودولى، فيما يتعلق بإعادة الإعمار وبالفعل أعلنت الشقيقة مصر عن استعدادها لاستضافة مؤتمر دولى لإعادة إعمار غزة، وهذا المؤتمر يبحث آليات تسخير الجهود وتوفير الميزانيات الضخمة لإعادة الإعمار، مشيرا إلى ان اكثر من 29 ٪ من مبانى القطاع مدمرة، وبحاجة إلى تكلفة كبيرة جدا، وجهد دولى وإقليمى كبير حتى تتوافر القدرة على إعادة الإعمار، فى كل قطاعاتها المختلفة لذلك العامل الأساسى هو الحديث عن تنفيذ المراحل لوقف إطلاق النار، والتزام كلا الطرفين بتنفيذ بنود الهدنة دون أى خروقات ومن ثم عقد المؤتمر الدولى لدعم جهود مصر و هى الأكثر خبرة و قربا فى المنطقة.
وقال د.نزار نزار باحث سياسى فلسطينى فى الشأن الإسرائيلى من جنين ان ملف إعادة الإعمار ملف شائك وكبير وبه الكثير من التعقيدات خاصة انه كان هناك تجارب فى 2008 و2014 و2018 و2021 وكان هناك تدمير كبير جدا، وكان إعادة الإعمار يواجه تعنت الاحتلال و الحصار على القطاع وكان الإعمار يتم بشكل بطيء جدا، واليوم هناك الكثير من المنغصات التى من الممكن ان تعترض عملية الاعمار، ومنها ان يتحجج الاحتلال بأن المعدات الداخلة فيها اسلحة لحماس، و الحرب لم تنته وكل مرحلة تستغرق 24 يوماً، وبالتالى المفاوضات ستبدأ فى اليوم الثالث عشر، ووقف الحرب أيضا يعنى سقوط حكومة نتنياهو، وسقوط اليمين ووقف الحرب يعنى كل هذه الأمور، وأيضا إقرار هزيمة لاسرائيل، وما اعتقده ان نتنياهو لن يقبل بذلك، و سوف يحاول عرقلة جهود الاعمار، وإيقاف الحرب يعنى الصراع الرئاسى والتجربة التى نسختها اسرائيل فى لبنان عام 2002، وفى تقديرى الشخصى تنقل هذه التجربة إلى قطاع غزة ولذلك تستغرق وقتاً للوصول إلى اتفاق.