تلقينا دعوة كريمة من وزير التعليم مع مجموعة من الزملاء الإعلاميين والصحفيين ورؤساء التحرير لحضور الجولة الرابعة من الحوار المجتمعى الدائر حول النظام الجديد للثانوية العامة « البكالوريا «، كنا قد قرأنا بعضا مما قيل عن هذا النظام من المؤيدين والمعارضين، لكن لم يتسن لنا الاطلاع على الصورة الكاملة لهذا النظام إلا بعد هذه الجلسة، الوزير النشط دكتور أيمن وزير عاشور التعليم العالى بدأ بعرض الفكرة من حيث الأهداف الكبرى وهو خلق نظام تعليمى يلبى احتياجات سوق العمل ويتوافق مع وظائف المستقبل فى عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى والحياة الرقمية،
>>>
قدم لنا الوزير بشكل دقيق خريطة التعليم الجامعى فى مصر من حيث جغرافية التوزيع وإحصائياته ومضمونه وخارطة الطريق نحو المستقبل، ثم تحدث السيد / محمد عبداللطيف وزير التعليم شارحا الفكرة من الألف إلى الياء والتى تستهدف فى المقام الأول وضع حد لحالة الفوضى المجتمعية المصاحبة لفكرة الثانوية العامة بوضعها الكلاسيكي، الوزير قَّدم عرضا متكاملا عن المشروع بكل ثقة وفهم ووضوح وشفافية، ثم دارت المناقشات والاسئلة والتساؤلات التى شكَّلت فى مجملها محاولة للفهم، الوزيران ردا على كل الاستفسارات المطروحة بشكل منطقى ودون استعلاء او مواربة.
>>>
وعندما طلب منى الاستاذ أسامة كمال التعليق على المشروع او توجيه اية اسئلة أو استفسارات، قلت إن المنظومة المعروضة علينا تبدو متكاملة وهادفة ويمكن ان تصنع الفارق المطلوب ونحن متحمسون لها، لكن للأسف الشديد العبرة بالتطبيق وهو بيت القصيد، واضفت أننى قرأت جميع مشروعات محاولات إصلاح التعليم فى مصر منذ عهد على مبارك مرورا بالأسماء العظيمة محمود فهمى النقراشى وعدلى يكن وسعد زغلول وطه حسين ومحمد حسين هيكل وأحمد ماهر وصولا إلى فتحى سرور وحسين كامل بهاء الدين ومحمود ابو النصر وطارق شوقى ورضا حجازى والآن محمد عبداللطيف.
>>>
قلت بوضوح أدعو وأتمنى أن يكون هذا المشروع وهذه المنظومة مشروع الدولة ومنظومتها وليس مشروع الوزير أو الحكومة، لأننا سئمنا من تعدد المشروعات غير المكتملة والتى تساهم فى الإساءة إلى التعليم المصرى الذى يجب أن نبحث له عن «براند» ونحافظ عليه، حيث إننا نستهدف تصدير خدمات التعليم بشكل مباشر وغير مباشر، الحقيقة أننى تذكرت ما كتبته منذ أكثر من 15 سنة مضت عن التعليم فى كتاب حمل اسم «التعليم وسنينه» وكنت أتعجب من حال التعليم فى مصر رغم قدم التجربة المصرية لإصلاح التعليم والتى نجحت نجاحا مذهلا جعلت اليابانيين يأتون إلى مصر لمعرفة أصل الحكاية، وكان مصطفى باشا كامل من الذين كتبوا عن هذه الرحلة اليابانية فى كتابه «الشمس المشرقة»
>>>
بيد أن كل المشروعات الإصلاحية كانت براقة، وكل المشكلات والتحديات معروفة وكذلك الحلول، لكن احدا لم يجب عن السؤال المفصلي، لماذا لم نبدأ؟ لكن الحقيقة أن الإرادة السياسية أو الظروف المجتمعية التى تحكم وتتحكم فى اى محاولات اصلاحية ربما كانت السبب فى تأخر الشروع فى التطبيق، أتذكر أيضا مقولة نهرو الشهيرة « لأننا أمة فقيرة فلا يسعنا إلا أن ننفق على التعليم بسخاء « واتذكر كذلك ما قيل عن التعليم فى الولايات المتحدة حينما اكتشف الخبراء تقدم مستوى التعليم فى روسيا خاصة فى المواد العلمية والرياضية مقارنة بمستوى التعليم الأمريكى فظهرت تلك المقولة المهمة « أمة فى خطر « ونحن ايضاً أمة فى خطر لكنه خطر شديد».