عرفنا الخيال العلمى من الأفلام التى تحمل نفس الاسم، لكننا لم نعرف الخيال السياسى بعد رغم أننا نشاهد تفاصيله وخطوطه ومنحنياته على أرض الواقع ونراها فى التغطيات الإخبارية على الهواء مباشرة، فما يجرى أمام أعيننا من أحداث وصراعات وحروب تنفجر فجأة ودون مقدمات وتتوقف ايضاً فجأة ودون مقدمات، ففى إقليمنا البائس «على سبيل المثال» انفجرت الحروب والصراعات والمناوشات وبشكل متزامن فى كل غزة ولبنان واليمن وايران واختتمت الجولة الأولى بأحداث سوريا، وفجأة تم توقيع اتفاقات وقف إطلاق النار فى لبنان وغزة ورحل بشار واحتفل اليمنيون ووقفت إيران تغزل وحدها ما يستر ثغراتها وعوراتها أمام الغرب المتربص والشرق المتحمس.
>>>
والسؤال الذى يحتاج فى إجابته خيالاً سياسياً هو ماذا حدث بالضبط؟ وماذا يحدث الآن على وجه الدقة؟ وماذا سيحدث غدًا؟ وقبل الإجابة عن هذه الاسئلة يجب أن نفكر بعقلانية شديدة لنصل إلى بيت القصيد حيث الإجابة الحائرة عن السؤال المفقود من يدير العالم؟ من يخطط ومن يرسم ومن يقرر؟ ان حدود معرفتنا تتوقف عند من ينفذ، فنحن نعرف المنفذين وأدوارهم، نعرف الوكلاء وفعالهم، لكننا لا نعرف يقينا من بيده القرار، ربما قال قائل ينظر إلى الأمور ببساطة، انها القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، هم الذين يديرون العالم، وهنا أقول دون تردد بالتأكيد الإجابة خاطئة، فليس كل ما تريده الولايات المتحدة يتحقق، وليس كل ما تخطط له ينجح.
>>>
لقد تابعنا حروب فيتنام وافغانستان والعراق والصومال وغيرها من الحروب التى دخلت فيها الولايات المتحدة ولم تكن هى المنتصرة، بل خرجت بخفى حنين، كذلك ونحن نتابع تفاعلات وتجاذبات السياسة الداخلية الأمريكية بكافة تفاصيلها ومفرداتها سنقف على ناصية الاندهاش والاستغراب وربما السخرية، وعندما نغوص فى تفاعلات العلاقات الغربية الأمريكية سنجد ما نقوله عن النفاق السياسى الشديد، إذن ما الحكاية؟ هل هناك لهو خفى يدير العالم من وراء حجب أو جدر؟ سيقول احد المثقفين المطلعين عن تاريخ الحركة الصهيونية: إنكم ماكرون، تحاولون الذهاب بنا إلى منطقة نائية عن جغرافية الحقيقة.
>>>
إنهم اليهود الذين يديرون العالم من خلال سيطرتهم على مقدرات أقوى دول العالم، وهنا سنقول إن الحوادث والأحداث الجارية أمام أعيننا تشى بأن اليهود والصهاينة ورغم إيماننا بمؤامراتهم الكونية إلا أنهم ليسوا بالقوة ولا السيطرة التى يحاول إعلامهم تصديرها لنا ورسم صورة ذهنية للكائنات المرعبة، كل هذه الرؤى والآراء لها رصانتها واعتبارها ويمكن ان تكون صحيحة جزئيًا، لكن بتدقيق النظر فيما سطّره وخلّفه لنا التاريخ نصل إلى حقيقة صلبة قد تفسح المجال أمام العقل لينطلق سابحًا فى عوالم الخيال، بيد ان هناك مجموعة تدير هذا العالم! فى زمن مضى كان رجال النفط والطاقة الذين يملكون مقاليد الاقتصاد العالمى هم من يتحكمون، بعدها جاء رجال صناعة السلاح الذين حملوا راية التحكم، والآن نعيش زمن تحكم رجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إنهم يتحكمون فيمن يحكمون فصاروا هم الحاكمون.