لا خلاف على الاطلاق أن الطب مهنة سامية ورسالة انسانية عظيمة والطبيب له مكانة خاصة فى القلوب وليس موظفاً مثل سائر الموظفين وإذا كان مسموحاً للمحاسب أن يخطيء ثم يصوب الخطأ أو يسجل كاتب السجل المدنى اسماء بالخطأ ثم يبادر بتصويب الخطأ فان مهنة الطب غير ذلك تماماً وأى خطأ ولو كان بسيطاً معناه «روح إنسان ضاعت» والطبيب كما اقول لس حكم كرة يصدر قر اراً فيبادر «الفار» إلى تصحيح الخطأ.
ومهنة الطب ليست كسائر المهن ونسبة الخطأ البشرى غير مسموح بها على الاطلاق وتختلف تماماً عن نسب الخطأ او بمعنى ادق نسبة نجاح العملية او العلاج فهذا نسب عالمية وعلمية ولا دخل لمهارة او اهتمام الطبيب بها والفرق كبير وشاسع بين خطأ الاهمال والاجراءات واتخاذ كافة الاحتياجات اللازمة وبين نسب النجاح المعلومة لعالم الطب والعمليات.
وإذا كان هناك تشريع يحمى الطبيب ويحمى المريض فهذه ليس معناه محاصرة الطبيب وغل يده وفكره واحجامه عن ممارسة عمله وليس مبرراً على الاطلق ان يبادر الكثير من الاطباء لمعارضة المشروع والتهديد بالاستقالات وعدم اجراء اى عمليات فهناك اخطاء اهمال جسيم وعدم الالتزام بالاجراءات الصحية اللازمة قطعاً عن دون قصد وكم العمليات المطلوب اجراؤها والضغوط الكثيرة على الطاقم الطبى ورغم ذلك لا مبرر على الاطلاق للاهمال وعدم الالتزام بالاجراء الطبية المطلوبة لذا لابد من وجود تشريع يلزم الطبيب اولاً باتخاذ كل الاجراءات الطبية اللازمة والاهتمام المطلوب لانجاز عمله ثم نترك نسبة النجاح وفقاً للعملية ومدى دقتها وخطورتها ونسب نجاحها.
>>>
على سبيل المثال ما يحدث كثيراً خاصة عند «تفنيش» العملية وترك طاقم التمريض لانهاء العملية وما يترتب على ذلك من مضاعفات تلوث او نسيان مقص صغير فى بطن المريض او لفافة شاش او استخدام منظار معطل او استخدامه بدون دقة و حدوث كوارث للمرضى جراء ذلك هذه اخطاء يتحملها الممارس قطعاً ووجود تشريع حاكم لذلك ضرورة لحماية الطبيب من الاهمال والحفاظ على حق المريض وعدم الاستهانة بأى خطوة او اجراء من اجل سلامته.
وعلى سبيل المثال اجراء غير المتخصص لأى خطوة خلال اجراء العمليات فلا يعطى المخدر إلا طبيب التخدير ولا يمسك بالمشرط إلا الجراح ولا يجرى عملية إلا المتخصص فى مجاله والطبيب هو المسئول عن كل الطاقم الطبى وما يقوم به داخل غرفة العمليات وقطعاً أى طبيب خبير يعرف ويدرك الفرق الكبير بين الاهمال.. ونسب نجاح اى عملية وأؤيد ما ذهبت إليه نقابة الاطباء من تشكيل لجنة من المتخصصين للتحقيق فيما ينسب إلى الطبيب لكن بالتوازى والتعاون مع تحقيقات النيابة الادارية او النيابة العامة إذا استلزم ذلك فالحقيقة ان المتابع للشكاوى ومحاضر المرض يؤكد ان هناك اخطاء تدخل تحت بند الاهمال والمضاعفات الناتجة عن عدم اتخاذ الاجراءات الكافية لحماية المرضى مما يستلزم تشريعاً منظماً للعملية الطبية يحمى الطبيب ويحافظ فى ذات الوقت على حقوق المرضى ولست مع ما يذهب إليه البعض بان النقابة هى جهة التحقيق الوحيدة وهى التى تحدد الخطأ من عدمه فقط دون اللجوء للتحقيق النيابى وانما يكون التحقيق بالتعاون بين الخبراء والنيابة بحيث يأخذ كل طرف حقه.
>>>
نحن نكن كل تقدير وإجلال للطبيب ومهنة الطب وقطعاً لا يوجد طبيب يريد ان يخطيء او يقصد ايذاء مريضه لكن التشريع المنظم للمسئولية الطبية هو حماية للمهنة وقدسيتها ولمكانة الطبيب قبل الحفاظ على حق المريض.