تساؤلات كثيرة فرضها اتفاق الهدنة وتبادل الأسرى والرهائن والمحتجزين بين إسرائيل وحماس أو المقاومة الفلسطينية من أجل وقف مستدام لإطلاق النار بوساطة مصرية- قطرية- أمريكية.. أبرز هذه التساؤلات ما هو اليوم التالى لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة؟.. هل استوعب الجميع تداعيات قرار طوفان الأقصي.. وأيضاً هل ستعود غزة إلى ما قبل 7 أكتوبر 2023 وما هو مستقبل القطاع ومن ثم القضية الفلسطينية بل وما هو مستقبل حركة حماس فى القطاع وكذلك المقاومة؟.
الحقيقة أنه يجب أن نتوقف طويلاً بالدراسة والتحليل والدروس المستفادة بعد أن تضع الحرب أوزارها على كافة الأصعدة والمجالات.. ونسأل من الرابح والخاسر خلال أكثر من 15 شهراً من الإبادة والإجرام؟.. وهل باتت العنتريات والحماسيات والقرارات غير المحسوبة تجدى نفعاً؟.. وما هى النتائج الإستراتيجية لطوفان الأقصي؟.. وأيضاً العدوان الإسرائيلى ليس فى قطاع غزة والضفة فقط ولكن فى حاضر ومستقبل المنطقة.. وما هو مستقبل الكيانات الموازية والحركات والميليشيات وهو أمر محير يجب أن يخضع لدراسة ما بين المد والجزر.. فهناك حركات وميليشيات تسقط وأخرى تصعد.. هناك من تتوارى وأخرى تتصدر المشهد.. أم أنها لعبة المصالح والتحالفات والحروب بالوكالة؟.
بطبيعة الحال أهالى غزة هم أسعد من فى الكون.. بعد أكثر من 15 شهراً من القتل والإبادة والحصار والتجويع والتشريد واستشهاد أسر وعائلات بالكامل وتدمير شامل للقطاع.. فإن لحظة توقف العدوان الإسرائيلى وتوقف القصف والتدمير هو أسعد لحظات هؤلاء الذين ظلموا ودفعوا ثمناً باهظاً لقرارات وحسابات لم تضعهم فى الحسبان على الإطلاق هو مثل من كاد يموت من العطش وفجأة وجد الماء.. لكنهم فى النهاية يشعرون بالنصر والفخر ليس لانتصار عسكري.. بل لأنهم صمدوا وتمسكوا بالحياة.. وحافظوا على أرضهم لم يتركوها.. من أهم نقاط الاتفاق دخول 600 شاحنة مساعدات غذائية وإنسانية واحتياجات هؤلاء الناس الذين عانوا من كارثة حقيقية ومأساة بكل المقاييس وآن لهم أن يلتقطوا أنفاسهم ويجدوا الغذاء والماء والدواء والدفء.. ورغم كل ذلك انطلقت حناجرهم بكلمات الشكر والامتنان والتحية لجهود مصر وقيادتها السياسية.. فهى جهود مخلصة وأمينة لم تزايد أو تتاجر بهم.. بل كان الأشقاء وتخفيف المعاناة عنهم والكارثة الإنسانية التى يتعرضون لها.. حديث مصر الدائم ومطلبها الذى يتجدد يومياً وأياديها التى امتدت بالمساندة والدعم بأكثر من 70 ٪ من حجم المساعدات الدولية.. أعظم ما فى أهالينا فى غزة أنهم لم يصدقوا الأباطيل والأكاذيب والتشويه والتشكيك فى دور مصر العظيمة لأنهم عايشوا على أرض الواقع ولامسوا الحقيقة وعرفوا حجم الجهود المصرية.. لذلك عبَّرت كلماتهم عن شرف مصر وصورتها الحقيقية فى عقول وقلوب أبناء الشعب الفلسطينى الشقيق.
ما بعد انتهاء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ووقف إطلاق النار لابد أن يتوقف الجميع متساءلين.. كيف نمنع تكرار هذه المأساة من جديد؟ وما مصير القضية الفلسطينية؟.. وهل يكون حل الدولتين كما تؤكد مصر دائماً هو الضمانة الرئيسية لأمن واستقرار الشرق الأوسط والأمن والأمان للفلسطينيين والإسرائيليين.. هل فشلت أوهام بنيامين نتنياهو وانتهت أم أنها ستعاود الكرة من جديد حتى لمن سيأتى بعده من فصيلة المتطرفين والموهومين بإقامة إسرائيل الكبرى وهو ما يدفعنا كمصريين أن نتمسك دائماً بامتلاك القوة والقدرة والردع.. وأن نستثمر دائماً فى بنائها.. وحقيقة أن ما جرى من اتفاق هو إنجاز عظيم وإستراتيجى يحسب لقيادة الرئيس السيسى الحكيمة ويؤكد عمق وصدق رؤيته وانه وراء فشل المخطط.. فلم ولن تتم تصفية القضية الفلسطينية ولا تهجير سكان غزة ولا توطينهم ولم ولن يحدث على حساب مصر.. هذا ما قاله الرئيس السيسى وحدث بالفعل.
مصر العظيمة صاحبة الرؤية والإرادة التى استعدت مبكراً من أهم وأكبر المستفيدين من اتفاق حماس وإسرائيل سواء فى انتصار إرادتها وموقفها وثوابتها.. ورؤيتها وأنها قوة لا يمكن كسرها أو ابتزازها أو مساومتها.. أيضاً على المستوى بناء الوعى والفهم أدرك الجميع عبقرية الرؤية والموقف المصرى وما أنجزه الرئيس السيسى خلال العشر سنوات وأهمية بناء القوة والقدرة بشكل مستمر كما ان مصر مع استعادة الهدوء والاستقرار فى المنطقة ستواصل البناء والتقدم وأيضاً استثمار الفرص الثمينة وتدفق الاستثمارات وأيضاً فى ظل ما لديها وما يتحدثون عنه من اكتشافات بترول وغاز وصفقات استثمار واستعادة قناة السويس لمواردها وعوائدها بعد أن وضعت الحرب أوزارها.. فبعد أن فقدت 7 مليارات دولار فى 11 شهرا سوف تشهد صعوداً كبيراً فى الموارد والعوائد وتعويض هذه الخسائر لأن العالم أدراك أهمية وقيمة قناة السويس فى حركة الملاحة البحرية والتجارة العالمية.. من أهم دروس الـ15 شهراً من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.. وما شهدته من أكاذيب وحروب التشويه والتشكيك وأحاديث الإفك عن مصر سواء من الجانب الإسرائيلى أو الجماعة الإرهابية وأبواقها وان الجانبين وجهان لعملة واحدة.. هو انتصار الموقف والشرف المصرى وسقوط قلاع الكذب الصهيو- إخوانى المتهاوية والمتهالكة.. وباتت بضاعة فاسدة ليتأكد للجميع فى الداخل والخارج ان مصر دولة عظيمة وقوية وشريفة.. ولا تستطيع أية قوة معادية أن تهزها أو تنال منها أو تفرض عليها ما لا تريده ويتنافى مع ثوابتها وأن جل أهدافها هو الحفاظ على الأشقاء وأرواحهم ومقدراتهم وأوطانهم وسلامة وحدة أراضيهم.