بعد النجاح الرائع الذى حققته الدولة المصرية فى تطوير التعليم الجامعى ودخول الجامعات المصرية فى منافسة حقيقية مع الجامعات الدولية، كان لابد من خوض معركة تطوير التعليم قبل الجامعي، خاصة فى المراحل من رياض الأطفال حتى الثانوية العامة. وكلنا يعلم الحالة السيئة التى آل إليها هذا التعليم الحالى ومن هذا المنطلق تخوض الدولة المصرية معركة أخرى بالغة الأهمية. وهى تطوير التعليم قبل الجامعى وهناك الآن محاولات جادة فى ذلك تقوم بها الحكومة حاليًا.
يعتبر التعليم قبل الجامعى الركيزة الأساسية لبناء أى مجتمع متقدم، وهو الاستثمار الأمثل فى المستقبل. فى مصر، يشهد قطاع التعليم تحولات كبيرة تهدف إلى رفع كفاءة العملية التعليمية وتحسين مخرجاتها. إن تطوير التعليم قبل الجامعى ليس مجرد خيار، بل ضرورة ملحة لبناء جيل قادر على مواجهة تحديات العصر والمساهمة فى بناء مصر الحديثة. وهو الأساس لبناء الإنسان المصري، وتزويده بالمهارات والمعارف التى تمكنه من المشاركة الفعَّالة فى بناء المجتمع. فالتعليم الجيد هو شرط أساسى لتحقيق التنمية المستدامة، حيث يساهم فى بناء اقتصاد معرفي، وزيادة الإنتاجية، وتحسين مستوى المعيشة. ويتطلب العصر الحالى مهارات جديدة تتناسب مع التطورات التكنولوجية المتسارعة، والتعليم الجيد هو السبيل لتزويد الطلاب بهذه المهارات، حيث يساهم التعليم فى تعزيز الهوية الوطنية والقيم الأخلاقية، وبناء مجتمع متماسك.
يعانى قطاع التعليم فى مصر من نقص فى الموارد المالية والبشرية، مما يؤثر على جودة التعليم المقدّم.
هناك تفاوت كبير فى جودة التعليم بين المدارس الحكومية والخاصة، وبين المناطق الحضرية والريفية، كما تعانى الفصول الدراسية من الكثافة العددية، مما يقلل من فرص التفاعل بين المعلم والطالب وتحتاج المناهج الدراسية تحديثاً مستمراً لمواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية.
كما يحتاج المعلمون تدريباً مستمراً لتطوير مهاراتهم وتزويدهم بأحدث الأساليب التعليمية.
الهدف الرئيسى هو تحسين جودة التعليم المقدّم فى جميع المدارس، وتوفير بيئة تعليمية جاذبة ومحفزة للطلاب والعمل على زيادة معدلات التحاق الطلاب بالمدارس، وخاصة الفتيات والأطفال من الأسر الفقيرة.
الأمر يتطلب تطوير المناهج الدراسية لتكون أكثر تفاعلية وتركيزا على المهارات العملية، وتشجيع التفكير النقدى والإبداع، إضافة إلى توفير برامج تدريب مستمرة للمعلمين لتطوير مهاراتهم التربوية والتعليمية، مع توفير البنية التحتية الملائمة للمدارس، بما فى ذلك الفصول الدراسية المجهزة، والمختبرات، والمكتبات.
أما الاستثمار فى التعليم فهو يعنى زيادة الاستثمارات فى التعليم، وتخصيص ميزانية كافية لتحسين جودة التعليم. ولابد من تطوير المناهج الدراسية لتكون أكثر تفاعلية وتركيزًا على المهارات العملية، وتوفير برامج تدريب مستمرة للمعلمين لتطوير مهاراتهم التربوية والتعليمية ولا يمكن إغفال استخدام التكنولوجيا التعليمية فى العملية التعليمية، مثل الحاسبات والأجهزة اللوحية، وتطبيقات التعلم الإلكتروني. كما أن تشجيع البحث العلمى فى مجال التعليم ضرورة لتطوير إستراتيجيات جديدة لتحسين جودة التعليم.
هناك أهمية لتشجيع دور المجتمع المدنى فى دعم التعليم، وتوفير التمويل والبرامج التدريبية.
وتلعب الأسرة والمجتمع دورًا حيويًا فى دعم العملية التعليمية، وذلك من خلال تشجيع الطلاب على الدراسة وتوفير بيئة منزلية تساعدهم على التركيز، مع المدرسة فى متابعة تقدم أبنائها، وحل أى مشاكل قد تواجههم.
كما يجب على المجتمع توعية أفراده بأهمية التعليم، ودعم المبادرات التى تهدف إلى تحسين جودة التعليم.
إن تطوير التعليم قبل الجامعى فى مصر هو استثمار فى المستقبل، وهو شرط أساسى لبناء مجتمع متقدم ومزدهر ويتطلب هذا التطوير تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدنى والأسرة، والعمل معًا لتحقيق هذا الهدف العظيم الذى طال انتظاره.