تحل علينا الذكرى 101 على أول برلمان مصرى منتخب، فى التاريخ المعاصر، ففى مثل هذه الايام، عندما أجريت أول انتخابات، وتحديدا فى 12 يناير عام 1924م، كانت أجواء تاريخية بعد ثورة 1919م، وقتها أصدرت بريطانيا تصريح 28 فبراير الذى يُعطى مصر استقلالًا نسبيًا، وكذلك صدر دستور 1923م، وهو أول دستور يتم تفعيله فى تاريخ مصر الحديث، وضعته لجنة مكونة من ثلاثين عضواً، ضمت ممثلين للأحزاب السياسية، والزعامات الشعبية، وقادة الحركة الوطنية والتى طالبت بالكثير من الحريات والحقوق التى كان يفتقدها الشعب المصرى آنذاك، ونجحت ثورة 1919 فى تأسيس حياة نيابية.
نص الدستور على إقامة حياة نيابية فى مصر يشارك فيها الشعب حكم البلاد من خلال مجلس نيابى يختار الشعب أعضاءه، ويقوم الحزب الذى يحظى بأغلبية الأعضاء بتشكيل الحكومة، وأسفرت عن تشكيل سعد زغلول وزارة برئاسته، فكان أول مصرى من أصول ريفية يتولى هذا المنصب، وسميت وزارته بـ»وزارة الشعب».
كان من أبرز أهداف النظام البرلماني، هو تنظيم العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، حيث سمح للبرلمان بالمراقبة، لكن الأزمة كانت أن الملك بات من حقه حل البرلمان والحق فى دعوته للانعقاد واقالة الوزارة، فمكن الملك صاحب السلطة التنفيذية من التحكم فى السلطة التشريعية، بينما فى الوقت نفسه منح أحقية البرلمان فى الانعقاد بموعده المحدد بحكم الدستور حال تخلف الملك عن ذلك. كان البرلمان، مدة عضويته 5 سنوات، وتكون مجلس النواب من 264 عضوًا بطريق الانتخاب العام، اما مجلس الشيوخ 147 عضوا، وثلاثة أخماس أعضائه منتخبون، والخمسان معينان. عقب انتهاء المنافسة بين الاحزاب المتواجدة على الساحة فى هذه الفترة (الوفد – الأحرار الدستوريين – الحزب الوطني).
جاءت نتيجة أول انتخابات برلمانية فى مصر بفوز ساحق لحزب الوفد، بعد حصول أعضائه على غالبية مقاعد البرلمان وحصل الوفد على الأغلبية من مقاعد مجلس النواب بـ 195 مقعدا، بينما نجح عدد قليل من حزب الأحرار الدستوريين برئاسة عبد الخالق ثروت، وتم افتتاح البرلمان فى 15 مارس من نفس العام. ولما طرح سعد زغلول – رئيس الوزراء – مطالب وزارته وهى (الاستقلال التام وجلاء القوات الانجليزية عن البلاد، وقيام مصر بمسئوليتها فى حماية قناة السويس، وحرية الحكومة المصرية فى وضع سياستها الخارجية، وتوليها شئون الأقليات والأجانب) رفض الاحتلال ذلك وناصب وزارة سعد زغلول العداء، حتى قدم استقالته فى اعقاب اجلاء الانجليز لقوات الجيش المصرى بالقوة من السودان، ورحب الملك بالاستقالة، ولجأ الى تزوير الانتخابات المتتالية ليمنع وصول الوفد أو أى ممثل حقيقى للشعب إلى السلطة، ونجح الملك فى أغلب الأحيان.