لا تتوقف الشكوى من ارتفاع تكاليف العلاج فى كافة المستشفيات ومراكز الأشعة ومعامل التحاليل الخاصة فى مصر بعد أن ارتفعت أسعارها بشكل مزعج مع بداية العام الجديد، وأصبح السباق بين هذه المستشفيات والمراكز الطبية محموما فى رفع الأسعار دون مراعاة للظروف الاجتماعية والاقتصادية التى تمر بها معظم الأسر،ودون أن نجد من يوقف هذا الاستغلال أو يحجمه مراعاة لظروف المرضى ومعظمهم من محدودى او متوسطى الدخل، وأصبحت تكاليف العلاج من فحوصات طبية أو أجور مستشفيات أو أطباء فوق قدراتهم وامكاناتهم المادية، ويضطر بعضهم الى الاستدانة أو التضحية بمدخراته من أجل التعلق بفرصة العلاج.
المؤسف أن التغالى فى تكاليف العلاج لم يعد ظاهرة تقتصر على المراكز الطبية الكبيرة أو الشهيرة والتى يذهب إليها القادرون ماديا.. بل انتقلت هذه الآفة الى مراكز تحاليل واشعات كانت ملاذا لمئات الالاف من المرضى من شرائح اجتماعية متنوعة حيث رفعت أسعارها مع بداية العام الجديد بشكل مبالغ فيه مما اضطر نقابات مهنية مثل الصحفيين والمهندسين والمحامين الى رفض هذا الاستغلال ووقف التعامل معها.. ومع ذلك لا تزال هذه المعامل وغيرها من المراكز الطبية تصر على فرض ما تريد من أسعار وهامش ربح مرتفع على من يذهب إليها وكأنها تعمل فى جزيرة منعزلة عن الدولة وما بها من كيانات رسمية تستطيع محاسبتها على هذا الاستغلال.
مشكلة هذه المراكز الطبية والقائمين عليها أنهم لا ينظرون الا الى الربح الذى يمكن أن يحققوه دون النظر الى أى بعد اجتماعى أو انسانى يحيط بنشاط هذه المراكز والمؤسسات الطبية الخاصة.. ولذلك كثرت الشكوى منها وتعددت صور المشاحنات بين موظفيها والمرضى نتيجة الضغوط النفسية للمرضى واسرهم وكان الدافع إليها فى معظم الأحيان حالة الاحتقان لدى المترددين عليها.
يجب أن يدرك القائمون على هذه المنشآت الطبية الخاصة أنهم لا يقدمون نشاطا ترفيهيا أو سياحيا.. بل يقدمون خدمات طبية قد يضطر اليها الكثير من محدودى الدخل ولذلك فإن مراعاة البعد الاجتماعى والانسانى فى تسعير هذه الخدمات مهم للغاية وفوائد التسعير المعتدل ستعود عليهم كما تعود على المجتمع.
فى العيادة الخارجية بأحد المستشفيات الخاصة منذ أيام حدثت مشاجرة بين أسرة مريض أصيب فى حادث وبعض العاملين فى المستشفى بعد أن طلبت المستشفى منهم مبلغا كبيرا نتيجة بعض الاسعافات الأولية والفحوصات التى اجروها للمريض ورأت أسرته فيها مبالغة كبيرة وتوقف الشجار فى ساحة المستشفى بعد تدخل بعض الأطباء والموظفين الحكماء واحتواء أسرة المريض وعمل خصم مرضى لهم.. وللأسف هذا المشهد أصبح يتكرر كثيرا وبصور مختلفة داخل المراكز الطبية الخاصة نتيجة المغالاة فى اسعار الخدمات الطبية وخاصة خلال الشهور الأخيرة.
>>>
هذه المغالاة بالتأكيد تدفع كثيرا من المرضى الى الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية أو الجامعية وهذا فى حد ذاته يمثل ضغوطا كبيرة عليها نتيجة الزحام الشديد وهو ما قد يؤدى الى ارتباك فى تلك المراكز والمستشفيات يؤثر بشكل ما على جودة الخدمات التى تقدمها للمواطنين الذين يعتمدون على الخدمات الطبية المجانية أو التى تقدم بأسعار رمزية.
وهنا يبقى السؤال المهم: من المسئول عن ضبط أسعار الخدمات الطبية فى المنشآت الطبية الخاصة ومراقبة الأداء فيها وما دور وزارة الصحة ونقابة الأطباء فى ذلك؟
فى أحد معامل التحاليل سألت الموظف عن قيمة الزيادة التى تمت على أسعار التحاليل هذا العــام وهى زيادة مبالغ فيها تزيد عن 25 ٪ فقال: لا أعرف بالضبط اسأل الحسابات.. ثم تطوع موظف يجلس الى جواره وقال: كل حاجة زادت يا أستاذ بسبب الدولار!!
وهكذا أصبح الدولار حجة دائمة للمستغلين والجشعين الذين يعتبرونه شماعةلجشعهم واستغلالهم حتى ولو كان سعر الدولار مستقرا كما هو حادث الآن!!
استغلال المرضى يتم يوميا فى معامل التحاليل والمستشفيات والمراكز الطبية الخاصة بكل مستوياتها الأمر الذى يتطلب تدخلا عاجلا من وزارة الصحة وأجهزتها الرقابية التى أنشئت أساسا لحماية حقوق المرضي..كما يتطلب تدخلا من نقابة الأطباء خاصة فيما يتعلق بأجور الأطباء فى عياداتهم ومراكزهم الطبية الخاصة حيث لا ينبغى أن تنشغل النقابة طول الوقت بحقوق الأطباء وإعفائهم من المسئولية عند وقوع أخطاء أو تجاوزات مهنية ولا تشغلها حقوق المرضي.