واجه صندوق النقد الدولى (IMF) انتقادات فى السنوات الأخيرة بسبب سياسة الرسوم الإضافية، التى تفرض على الدول التى تتجاوز حدود الاقتراض، تلك السياسة التى أدت إلى وضع متناقض حيث أصبحت الدول المتعثرة ماليًا أكبر مصدر للإيرادات الصافية لصندوق النقد الدولي. كانت هذه الرسوم الإضافية تهدف فى البداية إلى ردع الاقتراض المفرط، لكنها بدلاً من ذلك زادت من الأعباء المالية على هذه الدول، مما يتناقض مع مهمة صندوق النقد الدولى فى الحفاظ على الاستقرار المالى العالمي.
لقد أثرت سياسة الرسوم الإضافية التى يتبعها صندوق النقد الدولى بشكل كبير على الدول التى تعانى بالفعل من الديون. على سبيل المثال، واجهت باكستان تحديات اقتصادية شديدة، بما فى ذلك الفيضانات المدمرة التى غمرت ثلث أراضيها. وكانت الرسوم الإضافية، التى ارتفعت مع معدل الصندوق الأساسى من أقل من 1٪ إلى ما يقرب من 5٪، سبباً فى دفع إجمالى معدل الإقراض للدول إلى حوالى 7.8٪ هذه الزيادة صعبت على هذه الدول الخروج من ضغوط الديون، حيث تُجبر على تخصيص المزيد من احتياطاتها الشحيحة من العملات الأجنبية لسداد ديون صندوق النقد الدولي.
بعد أن كنت قد قدمت المشورة إلى منظمة التجارة العالمية والأمم المتحدة فى مختلف المناصب القيادية، أرى أن سياسة الرسوم الإضافية غير مجدية وغير مؤيدة للدورة الاقتصادية بطبيعتها. فمن خلال زيادة العبء المالى على البلدان خلال أوقات الأزمة، تقوض هذه السياسة الأساس المنطقى لصندوق النقد الدولي، الذى تم إنشاؤه لتوفير التمويل المقابل لدورة الدول الاقتصادية. هذه الرسوم الإضافية لا تضمن السداد أو حماية موارد صندوق النقد الدولي؛ بل تجعل الدول أكثر اعتمادًا على الصندوق. هذا الاعتماد يحد من قدرتها على تراكم احتياطيات النقد الأجنبى واستعادة الوصول إلى الأسواق المالية الدولية، مما يزيد من الضغط المالى على الدول، وهو ما يتعارض مع مهمة صندوق النقد الدولى فى حماية الاستقرار المالي.
تمثل مراجعة لصندوق النقد الدولى المستمرة لسياسة الرسوم الإضافية فرصة لمعالجة هذه القضايا. وقد دعا العديد من الأصوات البارزة، بما فى ذلك مجموعة العشرين من الدول النامية، وعدد من المشرعين الأمريكيين، إلى إجراء إصلاحات. إن الحل الأبسط هو إلغاء الرسوم الإضافية تمامًا. وإذا ثبت أن هذا غير ممكن سياسيًا، فقد تشمل الإصلاحات الأخرى وضع حد أعلى لإجمالى رسوم الفائدة أو رفع الحدود فرض رسوم إضافية. ستساهم مواءمة هذه الحدود مع الحدود الحالية فى ضمان تطبيق الرسوم الإضافية فى الظروف الاستثنائية فقط.
بالإضافة إلى ذلك، فإن احتساب مدفوعات الرسوم الإضافية كسداد أصلى لقروض صندوق النقد الدولى قد يؤدى إلى تخفيف بعض الضغوط المالية على الدول المثقلة بالديون. ومن شأن هذه الإصلاحات ان تساعد فى تقليل العبء المفرط على الدول التى تعانى من ضائقة مالية، مما يسمح لها بالتركيز على تحقيق النمو المستدام والوفاء بالالتزامات الدولية، مثل أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 الخاصة بالأمم المتحدة واتفاق باريس المناخي.
من خلال تقليل أو إلغاء الرسوم الإضافية، يمكن لصندوق النقد الدولى دعم الدول فى الأزمات بشكل أفضل، ما يساعدها على التعافى فى بيئة اقتصادية عالمية صعبة، ويسمح لها بإعادة بناء دولها وتطوير اقتصادات تساهم بشكل إيجابى فى المجتمع العالمي.