وكأننى كنت على موعد معه بعد الضجة التى انفتحت على السوشيال ميديا بسبب رأى فيه من ممثلين جديدين، ودخول النقابة على الخط، وآخرين، صحفيين ونقاد، لكل منهم رأى مختلف، أما الاغلبية المحبة للفن، فلم تتكلم، وانما أسعدها ان تعرض القناة الأولى المصرية فيلم «شباب امرأة» النادر مساء الاثنين وكأنها تشارك فى محبة شكرى سرحان، بطولة الفنان والمبدع الكبير وأحد اهم نجوم السينما المصرية فى تاريخها الطويل، خاصة ان هذا الفيلم حصل على المركز السادس فى الاستفتاء الذى أجراه مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته العشرين برئاسة الكاتب سعد الدين وهبة بمناسبة الاحتفال بمئوية السينما المصرية، وشارك فيه أكبر وأهم عدد من السينمائيين والكتاب والنقاد، وليأتى ترتيب «شباب امرأة» بعد افلام «العزيمة» و«الأرض» و«المومياء» و«باب الحديد « و«الحرام» وبعده ينطلق الاختيار حتى رقم المائة « مع حرص الناقدين أحمد رأفت بهجت، ومحمد عبّدالفتاح مسئولا الاستفتاء على ذكر ان الخمسين فيلما التالية للمائة اقترب عدد الاصوات التى حصلت عليها من أصوات الثلث الأخير من أفلام القائمة، وكان أولها فيلم «الوردة البيضاء» لعبدالوهاب وآخرها فيلم «طيور الظلام» لعادل إمام، وهو ما تضمنه الكتاب – الوثيقة الذى أصدره المهرجان وقتها بعنوان «مصر و100 سنة سينما» ليكشف لنا العديد من المؤشرات الفنية والفكرية عن حالة السينما المصرية فى كل ما قدمته من أعمال تميزت فى القصة والسيناريو والحوار والتصوير والمونتاج والديكور والإخراج، والتمثيل من خلال دراسات مهمة تطرح تطور كل عناصر العمل الفيلمى على مدى مائة عام وأضافة الجديد من الأفكار والتوجهات لكل عشاق العمل السينمائى فى القادم من السنين، وهو ما يعنى أنه على وزارة الثقافة ومهرجان القاهرة ان يستعدا من الآن لعمل استفتاء جديد مع اقتراب مرور ثلاثين عاما على هذا الاستفتاء الاول، وذلك فى العام القادم 2026، وحيث بإننا وقتها سندرك متغيرات كثيرة حدثت فى ثلاثة عقود على مسيرة السينما المصرية ،بداية من القصص التى ترويها افلامها الى أساليب التصوير والتعبير بكل تخصصات هذا الفن، الى الاجيال الجديدة من الكتاب والمخرجين والممثلين، وهل لدينا نجوم الآن فى اهمية نجوم الاستفتاء الاول ؟
شكرى سرحان.. ومعنى النجومية
عرفت السينما المصرية معنى النجومية منذ الثلاثينات، وكان اول جيل من النجوم من أهل الغناء والذين حققوا شهرة كبيرة كعبد الوهاب وأم كلثوم وفقا لدراسة الناقد نادر عدلى ضمن هذا الكتاب عن اهم النجوم فى تاريخ السينما فى مصر، وبعد هذه المرحلة جاءت مرحلة النجم السينمائى فى نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات ومع ممثلين جاءوا من المسرح مثل حسين صدقى ومحسن سرحان ويحيى شاهين لينضم اليهم ممثلون جدد اصبحوا نجوما مثل عماد حمدى وكمال الشناوى وشكرى سرحان وفريد شوقي، ويتلقفهم مخرجون جدد امثـــــال صــلاح ابو سيف ويوسف شاهين وكمال الشيخ وعاطف سالم وتوفيق صالح، «وهو ما حدث مع الممثلات أيضًا» وليصبحن هن النجوم الاهم فى مرحلة تطور السينما وتزايد انتاجها، وهنا يحتل «شكرى سرحان « المركز الاول فى هذا الاستفتاء «كما احتلت فاتن حمامة نفس المركز بين الممثلات «، خاصة ان افلام الخمسينات والستينات المختارة كان عددها هو الاكبر فى الاستفتاء ومن هنا تصدر شكرى سرحان قائمة أفضل الممثلين برقم «16 فيلما»،ودون منافس، بينها 11 فيلما بطولة مطلقة وقدم فيها شخصيات شديدة التنوع والاختلاف ما بين الشاب الريفى القادم للقاهرة ليكمل تعليمه ولكنه يقع فى حبائل أمرأة شرسة أبهرتها مظاهر رجولته فى «شباب امرأة «، أو هو ساعى البريد فى احد مناطق الصعيد الباحث عن اماكن البشر الذين يتلقون الخطابات من ذويهم البعداء فى «البوسطجى « او الضابط الذى يتعرض وأخوه لمفاجآت كثيرة بعد قيام الثورة فى «رد قلبى « أو الطبيب العائد من بعثته الى ألمانيا ليعالج أهله ويستنكر لجوءهم الى زيت القنديل رافضا معتقداتهم فيرفضونه فى «قنديل ام هاشم «، وغيرها من الشخصيات التى عبرت عن كل الطبقات والمهن والأزمات الاجتماعية والانسانية قدمها هذا الفنان المبدع بكل ما تحتاجه من اجتهاد واخلاص فى فهم الشخصية وتقمصها والتعبيرعنها بصدق مؤثر وحرص شديد على تقديم أعمال ترتكز على أعمال روائية لكبار الكتاب ،وكبار المخرجين كجزء مهم من مسيرته. ورحلته للتعبير عن الحياة المصرية فى زمن التحولات الكبرى قبل وبعد ثورة يوليو 1952،وما بعدها من متغيرات طالت كل أمور الحياة فى مصر، وفى النهاية يؤكد نادر عدلى ان عبقرية السينما المصرية جاءت فى فرضها نجوما يعبرون بصدق عن مراحل التغيير المتعاقبة .