إذا تحدثنا عن سانت كاترين ودير سانت كاترين فنحن نحكى عن بقعة نادرة الجمال والقدسية والتميز، مدينة مصرية لها خصوصية شديدة و هى اكثر مدن سيناء تميزاً لكونها اكثر الاماكن المأهولة فى سيناء ارتفاعاً حيث تقع على هضبة ترتفع 1600 متر فوق سطح البحر ويوجد بها اماكن دينية إسلامية ومسيحية.. ولدير سانت كاترين تاريخ قديم لإنشائه وتسميته فهو دير القديسة كاترين التى عاشت فى الإسكندرية وكانت من عائلة أرستقراطية وثنية واشتهرت بجمالها وثقافتها ورغبها الكثيرين لجمالها إلا انها رفضت الجميع وآمنت بالمسيحية أثناء اضطهاد الإمبراطور مكسيمينوس واتهمته علناً بالتضحيات للأصنام وقاومت حتى تم قتلها، وقد اصبح الدير يحمل اسمها من القرن الحادى عشر كما توجد كنيسة بالإسكندرية ايضاً سميت باسمها.. ويقع الديرفى شبه جزيرة سيناء عند مصب مضيق عند سفح جبل سيناء، ويقال عنه انه اقدم دير فى العالم حيث يعد مزاراً سياحياً كبيراً تقصده أفواج سياحية من جميع بقاع العالم.. ويديره أسقف سيناء والذى لا يخضع لسلطة اى بطريك او مجمع مقدس ولكن تربطه علاقات وطيدة مع بطريق القدس لذلك فإن بطريق القدس يذكر فى القداسات التى تقام فى الدير.. وبالرغم من ان الوصاية على الدير كانت لفترات طويلة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية وكهنة الدير من اليونانيين وليسوا عرباً او مصريين شأنهم شأن أساقفة كنيسة الروم الأرثوذوكس فى القدس التى يسيطر عليها اليونانيون من عهود طويلة، فإن أسقف سيناء يديره إلى جانب الكنائس والمزارات المقدسة الموجودة فى جنوب سيناء فى منطقة الطور وواحة فيران وطرفة.. ويذكر من أهم الأحداث التى مرت بها تلك المنطقة انه فى القرن السابع عشر تم القضاء على مرافقه سيناء المسيحيين المعزولين وبَقى الدير فقط.. وقد بنى الدير بأمر الإمبراطورة هيلين ام الإمبراطور قسطنطين ولكن الذى قام فعلياً بالتشييد هو الإمبراطور جستنيان فى عام ٥٤٥ ليضم رفات القديسة كاترين.. وقد ذكر فى اقدم سجل للحياة الرهبانية من مجلة السفر التى كتبتها باللاتينية امرأة حاجة تدعى ايجريا.. وللدير قيمة أثرية كبيرة حيث يمثل قطعة من الفن التاريخى المتعدد فهناك الفسيفساء العربية والأيقونات الروسية واليونانية واللوحات الجدارية الزيتية والنقش على الشمع . كما يحتوى على مكتبة للمخطوطات يقال انها ثانى أكبر مكتبات المخطوطات بعد الفاتيكان، وقد تأسست فى وقت ما بين 548 و٥٦٥ وهى اقدم مكتبة تعمل باستمرار فى العالم.. وتحتفظ بثانى اكبر مجموعة من المخطوطات على مستوى العالم والتى لا يفوقها عدد سوى مكتبة الفاتيكان، حيث تضم كتباً يونانية ومسيحية فلسطينية وآرامية وسريانية ولاتينية وآرمنية وسلافية وكتب البانية قوقازية ومخطوطات وكتب عبرية نادرة جداً وبعض الكتب القبطية.. وفى عام 1844 و1859 زار الدير قسطنطين فون واكتشف المخطوطة السينائية التى يعود تاريخها إلى القرن الرابع وتعد أقدم مخطوطة للكتاب المقدس محفوظة بالكامل.. وفى عام 2003 اكتشف العلماء الروس قانون التبرع للمخطوطة من قبل مجلس مينوشيون بالقاهرة ورئيس الأساقفة كاليسترانوس، . وقد تم تجديد المكتبة بالكامل وعلى نطاق واسع واعيد فتحها نهاية عام 2017.. وفى عام 1988 اعلن عن محمية سانت كاترين وهى محمية تراث طبيعى وثقافى كبير، كما ان بها هضاب صحراوية صغيرة طبيعية وايضاً العديد من الاحياء النباتية والحيوانية وتعتبر اكبر محمية طبيعية فى الجمهورية من حيث المساحة حيث تبلغ مساحتها 4250 كيلو متر . وتحتوى الأنيمية البيئية فى هذه المحمية على ٤٧٣ نوعاً من النباتات الشاملة منها ١٩نوعاً متوطناً وشبه متوطن و170 نوعاً من النباتات الطبية والاقتصادية و85 نوعاً من الطحالب و41 من الثدييات و50 من الطيور و٣٣ نوعاً من الفراشات، ويذكر ان بالمحمية نباتات نادرة لا توجد فى أى مكان فى العالم.. وقد تأسست فى ٢ نوفمبر 2007 فى الجمعية الجغرافية الملكية فى لندن مؤسسة سانت كاترين وهى منظمة غير ربحية مقرها المملكة المتحدة وتهدف للحفاظ على الدير وهياكله المعمارية ولوحاته وكتبه.. وتعمل تلك المؤسسة مع شريكها الاكاديمى مركز أبحاث ليفالوس فى جامعة الفنون بلندن لزيادة الوعى بأهمية الدير الثقافية الفريدة من خلال المحاضرات والكتب والمقالات.. وتعتبر هذه المنطقة مجمعاً للأديان لما تضمه حيث توجد بها أقدم الآثار المسيحية الكنيسة الكبيرة التى تعود إلى عهد الإمبراطور جيستيان فى القرن السادس الميلادى والكنيسة الصغيرة التى شيدت على جبل موسى وكنيسة الموتى وكنيسة العليقة ومسجد الحاكم بأمر الله والمسجد القديم الذى يعود للعهد الفاطمي، وبئر يقولون عنه بئر موسى وقد بنى حول شجرة يقال انها شجرة موسى التى اشتعلت بها النيران فأهتدى اليها موسى ليكلم ربه، ويقال انه جرت محاولات لاستزراعها خارج الدير ولكنها باءت بالفشل وانها لا تنمو فى أى مكان آخر خارج الدير.. ولا يزال الدير محاطاً بالتحصينات الأضخم التى حافظت عليه طوال تلك السنوات.