على أغلب الشاشات المصرية الآن يعرض علينا عدد غير محدود من المسلسلات التليفزيونية الجديدة، منها عشرون مسلسلاً من إنتاج الشركة المتحدة وحدها، وبينها المسلسل الأكبر إنتاجياً (الحشاشين) للكاتب عبدالرحيم كمال والمخرج بيتر ميمي، والذى يطرح قضية تاريخية عن فئة ظهرت وأثارت الكثير من الغضب والرفض لسياساتها المتطرفة تجاه البشر ومحاولاتها للسيطرة على الجميع باستخدام العنف، وهناك تساؤلات يطرحها البعض من الحلقة الأولى حول اللهجة التى استخدمها المسلسل، وهل تصلح العامية المصرية لها؟ والحقيقة أن أهمية هذا العمل الكبرى تتجلى فى وصوله للأغلبية من مشاهديه، وأن العربية الفصحى أو اللغات الاخرى كالفارسية مثلاً من الصعب استخدامها فى عمل يطرح قضايا هامة تخص ملايين الناس من المشاهدين الباحثين عن الجمال الفنى والقيمة الفكرية فى إطار درامى جذاب، وهو ما تحقق فى العام الماضى من خلال مسلسل (رسالة الإمام) عن حياة الإمام الشافعى والذى تمت صياغته فكرياً وفنياً بأسلوب واضح وقوى وجذاب وللدرجة التى أضافت كثيراً للدراما المصرية عامة ودراما العام 2023، بعد هذا التوضيح الضرورى حول المسلسل التاريخى يلفت النظر فى أعمال هذا العام أنها تقريبا تقدم كل النوعيات التى اعتدنا عليها، ومنها ما كان اختفى مثل المسلسلات المأخوذة عن الأدب.
من الإمبراطورية
إلى عتبات البهجة
فى العودة للرواية المصرية تستعيد الدراما المصرية هذا العام رواية إحسان عبدالقدوس الشهيرة (إمبراطورية ميم) التى قدمتها السينما المصرية فى فيلم كتبه الكاتب الكبير نجيب محفوظ وأخرجه حسين كمال عام 1972 وقامت ببطولته فاتن حمامة عن امرأة تقوم بواجبات الأم والأب لنصف دستة أولاد وبنات بعد وفاة الزوج، فى المسلسل الذى بدأ عرضه مساء الاثنين الماضى أول رمضان عن سيناريو وحوار محمد سليمان عبدالمالك وإخراج محمد سلامة سنكتشف أن البطولة هنا للأب الذى توفت زوجته (يقوم بالدور خالد النبوي) وليس الأم، وأن شقيقته، عمة الأبناء (نشوى مصطفي) تعيش معهم، وأن الستة أولاد وبنات ينتمون بالطبع إلى الجيل الجديد الآن وليس جيل الرواية، أو الفيلم. أما مسلسل (عتبات البهجة) فهو مأخوذ عن رواية الكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد التى تدور حول وكيل وزارة متقاعد، توفت زوجته فوجد فى الحياة مع أحفاده ورعايتهم غايته، ومعهم يكتشف فى نفسه قدرات جديدة واهتمامات بأمور لم تكن ضمن اهتماماته فى الماضى مثل التفاعل مع السوشيال ميديا، وتكوين صداقات جديدة وهو ما يتم من خلال أداء الفنان الكبير يحيى الفخرانى أو (بهجت الأنصاري) الجد بطل المسلسل الذى كتبه للتليفزيون د. مدحت العدل ويخرجه القدير مجدى أبوعميرة الذى يعود للعمل بعد غياب ٤ سنوات. وغير مسلسلات الأعمال الأدبية، فى مهرجان الدراما أعمال اجتماعية مثل مسلسل (مسار إجباري) للمخرجة الشابة (نادين خان) المهتمة كثيراً بقضايا الشباب مثل والدها المخرج السينمائى الكبير الراحل محمد خان، والتى رأينا لها مسلسل (مين قال) منذ عامين عن محاولات بعض الشباب البحث عن المستقبل الذى يفضلونه ورفض آبائهم لهذا، وفى هذا المسلسل الجديد يكتشف شابان هرعا إلى المستشفى لرؤية أبيهما بعدما عرفا بمرضه، كل بمفرده، يكتشفان أنهما شقيقان، وأن الأب تزوج امرأتين بدون أن يعرف أحداً، وأنجب منهما، ليصبح على الشابين أن يتعاملا مع واقع جديد، وأب لا يرغب فى الحياة، الشابان هنا من أهم الممثلين الجدد (أحمد داش وعصام عمر)، كتب المعالجة الدرامية للعمل باهر دويدار، وكتب كل من أمين جمال ومحمد محرز السيناريو والحوار فى عمل من 15 حلقة يعبر عن تطور جديد فى التعامل مع الدراما المصرية الآن وحيث سنرى نصف عدد المسلسلات فى ثلاثين حلقة، والنصف الثانى فى خمسة عشرة حلقة، وفقا لما تحتمله القصة والسيناريو، وهو تطور محمود بالنسبة للإنتاج، والدراما، والمشاهد نفسه الذى كان يحتمل أحيانا مسلسل من ثلاثين حلقة لا تتعدى الأحداث فيه النصف، فيصبح التطويل هو الحل! الآن كل قصة بما يساويها من الحلقات، وفى الأسابيع القادمة سنوقف عند أفضل الأعمال فى هذا المهرجان الفنى الوحيد المفتوح أمام كل الناس.