اشعلت حرائق الغابات التى تجتاح جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية وتنتشر بسرعة مرعبة لتحرق وتدمر المدينة ملف قضية المناخ من جديد وذلك تزامنا مع عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض، وفى حين أن تغير المناخ لا يتسبب بالضرورة فى حرائق الغابات، إلا أنه يجعلها أكثر انتشارا وتكرارا.
انتقد ترامب وقاعدته من الحزب الجمهوري، زعماء الحزب الديمقراطى فى كاليفورنيا، بما فى ذلك الحاكم جافين نيوسوم، واتهمهم بالمساهمة فى الدمار بمقاطعة لوس أنجلوس، وفسرها البعض أنه يستغل الكارثة البيئية فى انتقاد الديمقراطيين.
لكن حقيقة الأمر أن الرئيس المنتخب عدو « للطاقة النظيفة» ووعد بإلغاء السياسات التى انتهجها الرئيس جو بايدن، والتى وصفها بأنها «خدعة خضراء جديدة»، كما تعهد بزيادة إنتاج النفط والغاز، قائلا مرارا وتكرارا إنه يريد «الحفر، يا عزيزي، الحفر»، بمجرد دخوله البيت الأبيض الأسبوع المقبل.
أثارت تصريحات ترامب التساؤلات حول الوضع المناخى فى فترة ولايته خاصة مع انتشار الحرائق، هل سيظل عند رأيه المناهض لاتفاقية باريس للمناخ أم أنه سيتغير من الأمر شيئا؟! ..
فى السنوات الماضية، وصف ترامب تغير المناخ بأنه «خدعة»، وخلال حملته الرئاسية لعام 2024، زرع الشكوك كثيرا حول تغير المناخ، بما فى ذلك عندما قدم ادعاءات غير صحيحة حول معدل ارتفاع مستويات سطح البحر.
وحذر المفوض الأوروبى لشئون المناخ، الأسبوع الماضى من أن الجهود العالمية لمعالجة تغير المناخ ستتعرض لضربة شديدة إذا قرر ترامب الانسحاب مجددا من اتفاقية باريس.
فى مجلة «نيوزويك» الأمريكية، أشار العديد من أساتذة العلوم البيئية إلى أن سياسات الطاقة التى ينتهجها الرئيس المنتخب قد تؤدى إلى تفاقم حرائق الغابات فى المستقبل. يقول روبرت ويلسون، الأستاذ المشارك فى قسم الجغرافيا والبيئة بجامعة سيراكيوز، لنيوزويك: «نحن نعلم جيدا أن ترامب لا يقبل علم تغير المناخ وواقع تغير المناخ. إنه يرفضه بشدة» .
وتابع ويلسون: «لذا، فإن هذا محبط للغاية لأنه يبدو أنه يشير إلى أنه لن يفعل الكثير لمعالجة تغير المناخ ولن يأخذ التهديدات الحالية والناشئة لتغير المناخ، وخاصة حرائق الغابات، على محمل الجد أيضا».
وأوضح جاكوب بنديكس، الأستاذ الفخرى فى نفس القسم الذى كان يعمل فيه ويلسون، كيف أن سياسات ترامب فى مجال الطاقة من شأنها أن تؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض وجفافها، وهو ما يشكل الظروف المثالية لتأجيج حرائق الغابات.
قال بنديكس لنيوزويك «إن الاستغلال المتزايد للوقود الأحفورى الذى وعد به ترامب من شأنه أن يؤدى إلى تفاقم مشاكل حرائق الغابات الشديدة بالفعل.
وفى حين أن هناك عوامل عديدة ومتنوعة تساهم فى اندلاع حرائق كبيرة فى غرب الولايات المتحدة وكندا، فإن جميعها تشترك فى شيء واحد ألا وهو الظروف الحارة الجافة. وتنشأ الحرائق عن الحرارة والوقود الجاف، وكلما ارتفعت درجات الحرارة وقلت الأمطار، كلما اشتعلت حرائق الغابات بسهولة أكبر وانتشرت بشكل أسرع» .
أضاف «نحن نعلم أن استخدام الوقود الأحفورى يضيف غازات الاحتباس الحرارى إلى الغلاف الجوي، مما ينتج عنه ارتفاع درجات الحرارة وزيادة وتيرة الجفاف. لذا فهناك صلة مباشرة بين سياسات استخدام الوقود الأحفورى وزيادة حرائق الغابات».
قد رسم جيمس كلارك، أستاذ العلوم البيئية المتميز بجامعة ديوك الامريكية، صورة لما قد تعنيه إدارة ترامب الثانية للبيئة، وقال لنيوزويك: «من الواضح أن هناك الكثير من التكهنات حول ما قد يفعله بشأن سياسة الطاقة، إنه يحيط نفسه ببعض الأشخاص الذين من الواضح أنهم سيروجون للوقود الأحفوري، ولكن فى نفس الوقت من المحتمل أن يتبنوا وجهة نظر أوسع لسياسة الطاقة» .
أضاف «أى شيء يستمر فى زيادة انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحرارى فى الغلاف الجوى سيستمر فى إحداث تأثير كبير على حرائق الغابات» .