والسعادة والمال.. وحب الناس.. والدقيقة «72»..!
فى أحدث تقرير لمؤشر القوة النارية العالمى «جلوبال فاير باور» فإن التقرير صنف الجيش المصرى على أنه واحد من أقوى جيوش العالم وأنه فى المركز الأول عربياً.
ونحن نفخر بجيشنا.. نفخر بالنجاح فى الحفاظ على قدرات الجيش المصرى من الناحية العددية والتكنولوجية.. ونسعد بامتلاك قواتنا المسلحة للأسلحة المتطورة التى تحمى ولا تهدد.. فالجيش القوى هو قوة الردع التى تصون إنجازات الوطن وتحمى حدوده وأن يستمر جيشنا فى خططه وبرامجه التدريبية للحفاظ على مستوى المنظومة العسكرية فإن هذا يمثل إنجازاً كبيراً يضاف إلى تاريخ العسكرية المصرية المشرف وإلى الجهود التى تبذل لكى يكون جيشنا درعاً وسيفاً لهذا الوطن.
وعندما نتحدث عن الجيش الوطنى القوى القادر على حماية حدود الوطن فإننا نتحدث عن رجال عاهدوا أنفسهم على الاستشهاد فى سبيل أن تظل مصر قوية متماسكة، رجال قدموا من التضحيات الكثير والكثير فى معارك امتدت من تحرير الأرض إلى مقاومة ودحر قوى الإرهاب التى أرادت أن تنشر العنف والدمار فوق أرض مصر.
ونتحدث فى ذلك عن عزيمة الرجال التى هى أقوى أسلحة الجيش.. نتحدث عن رجال مصر. أشرف وأعز الرجال.
> > >
وتعالوا نستعيد ذاكرة الماضى القريب.. تعالوا نتذكر عندما استيقظنا ذات يوم فى أعقاب أحداث يناير من 2011 وعندما اكتشفنا أن هناك فراغاً أمنياً هائلاً.. عندما اكتشفنا أنه لا يوجد «عسكري» واحد فى أى ميدان ولا فى أى مكان.. عندما كانت أقسام الشرطة تحترق ويتعرض رجالات الشرطة لمحاولات لإيذائهم.. عندما كان البعض يبشر وينشر فوضى عارمة فى الشوارع يصاحبها شائعات مخيفة عن تعرض المنازل والبيوت والممتلكات للخطر.. فى هذه الأثناء التى كنا فيها نبحث عن طريق.. عن وسيلة لحماية بيوتنا وأعراضنا وشرفنا.. فى هذه الأثناء ظهرت دبابات الجيش فى كل شوارع مصر.. رجال ظهروا وأتوا يقودون دباباتهم، وسياراتهم العسكرية وانتشروا فى كل مكان ليمنحونا إحساساً رائعاً بالأمن والأمان، ليعيدوا التذكير بأن لمصر رباً وجيشاً يحميها.. يعيدون إلينا الطمأنينة بعد الخوف.. وتذكرون ونتذكر كيف كان البعض يصعد فوق الدبابات ليحيى رجالاتها ويشد من أزرهم ويبادلهم حباً بحب.. كيف كان المشهد معبراً عن قيمة ومكانة أبنائنا فى قواتنا المسلحة الذين أتوا يقدمون لنا ا لحماية ويؤكدون أنهم فى خدمة الشعب ومن الشعب.. كانت هذه الأيام هى ترجمة وتعبير عما حدث فى يناير 2011.. فوضى وضياع لمعالم الطريق.. وجيش انحاز لشعب فحمى البلاد من مخاطر الانهيار.. كانت تجربة تقول كل شيء فى كل عصر وفى أى وقت.. لا شيء يعادل أن تكون فى بيتك آمناً مطمئناً وأن تعود إلى بيتك فى سلام واطمئنان.
> > >
ومن حديث القوة إلى حديث السعادة.. والعلاقة بين السعادة والمال.. وهل يصنع المال السعادة؟ والملياردير نجيب ساويرس أجاب عن هذا السؤال بطريقة فلسفية عندما قال: «لا يمكن أن أكون سعيداً إذا كان الناس من حولى غير سعداء».
والإجابة تحمل إحساساً إنسانياً رفيعاً.. ولكن السؤال الأهم هو: كيف تجعل من حولك أيضاً سعداء..!! ويحدث ذلك ولابد أن يحدث إذا كان هناك تكاتف مجتمعى وإذا ما أيقن وأدرك العديد من رجال الأعمال أن نجاحهم يتوقف على مقدار ما يقدمون للمجتمع من إسهامات اجتماعية.. وإذا ما تفهموا واستوعبوا معاناة الآخرين وكفاحهم من أجل الحياة وابتعدوا فى ذلك عن مظاهر الإسراف والاستفزاز، والمال فى الحقيقة قد لا يصنع كل السعادة، ولكنه الطريق إلى السعادة.
> > >
وما الذى يحدث فى بعض مناسبات العزاء؟! لقد اختلط الأمر علينا، فلم نعد نعرف هل هى مناسبات للمشاركة فى الأحزان أم هى مناسبات اجتماعية للأفراح على طريقة «الحى أبقى من الميت»..!
إن هناك «تقاليع» جديدة فى مناسبات العزاء حالياً تتمثل فى اختلاط النساء بالرجال، وفى تبادل القبلات والأحضان و«الطبطبة».. وناس تدخل وناس تخرج.. وهرج ومرج.. والشيخ المقرئ يقرأ لنفسه.. وناس تلتقط صوراً.. وناس تجرى أحاديث.. والمتوفى يرحمه الله إن كان هناك من يترحم عليه..!!
> > >
ونتحدث عن الناس وحب الناس ونتذكر ما قاله الإمام على «رضى الله عنه»: «لا تجعل همك هو حب الناس لك، فالناس قلوبهم متقلبة، قد تحبك اليوم وتكرهك غداً».
ولا يوجد بعد كلام الإمام على كلام.. وإن كنا نقول.. عامل الناس وكأنك تتصفح كتاباً، تخطى السيئ وتجاهل السخيف.. وتوقف عند الأجمل..!! عامل الناس على قدر عقولهم.. ودعك من كلام الناس.. كلام الناس لا بيقدم ولا يأخر..!
> > >
ونذهب إلى معركة من نوع آخر.. فجمهور الزمالك وفى مباراة لفريقه مع النادى المصرى هتف لشهداء النادى من الجمهور فى الدقيقة 20.. ثم هتف لشهداء الأهلى فى بورسعيد فى الدقيقة 72.. وعندما هتف الجمهور لشهداء الأهلى فإن ذلك أثار «قلة» من جماهير المصرى التى ردت بالهتاف الحاد ضد الأهلى والزمالك معاً وهو ما دفع جمهور الزمالك إلى الرد العنيف مع جمهور المصرى رغم أنهما فى الأصل «حبايب».. وفى المباراة التى تلت ذلك فإن جمهور الأهلى رد الجميل لجمهور الزمالك وهتف لشهداء الزمالك عند الدقيقة عشرين وقدم التحية لجمهور الزمالك فى تجاوب بين مشجعى الناديين فى لعبة الأمم بين الجماهير التى لم تعد كروية فقط.. وإنما أساتذة فى الغمز واللمز والتنكيت والتبكيت..!
> > >
..وأخيراً:
والعزلة هى وطن الأرواح المرهقة
> وكل ما فى الأرض من فلسفة لا يعزى فاقداً عمن فقده
> وحيثما وجدت سكينة روحك.. أقم.. فذاك موطنك
> والأصدقاء كالسيوف.. منهم للعرض.. والبعض للحرب.