الاتجاه بعمق نحو أفريقيا هو قرار مصيرى اتخذته القيادة السياسية منذ البداية بلا رجعة إيمانًا منها بالمصير المشترك والأمن القومى الإستراتيجى لجميع دول القارة بما فيها مصر، ومن هذا المنطلق اتخذت الدولة على عاتقها المسئولية كاملة لتوطيد العلاقات، وبناء جسور الثقة مع الجميع فى إطار المصالح المشتركة، والتنسيق، والتكامل.
حقًا.. إن مصر حققت نجاحات كبيرة داخل أفريقيا على مدار الفترة الماضية، وذلك بعد حالة من الفتور دامت ثلاثة عقود قبل العقد الماضى الذى شهد تطورًا ملحوظًا فى العلاقات المختلفة خاصة العلاقات الاقتصادية التى نالت حظًا وافرًا من برنامج الإصلاح المصرى الذى نقل بكل صدق إلى بعض الدول، وأصبحت هذه التجربة فى دول كثيرة، وأصبح هناك بنية تحتية تخاطب التنمية المستدامة مثل شريان «القاهرة – كيب تاون» الذى يربط أكثر من تسع دول، والممر المائى «الإسكندرية – فكتوريا»، وغيرها من شبكات السكك الحديد والربط الكهربائى الذى يربط أفريقيا بأوروبا، وإقامة العديد من السدود لتوليد الكهرباء، وآبار المياه النظيفة، والمياة الجوفية، هذا بجانب مشروعات إنشاء الطرق، والمستشفيات، والمراكز الصحية، وتطبيق مبادرات الحماية الاجتماعية مثل مبادرة حياة كريمة وغيرها.
قدمت مصر للأشقاء الأفارقة خبرات كثيرة، وعديدة خاصة أثناء رئاستها للاتحاد الأفريقى فى 2019 مثل الخبرات المصرفية، والضريبية، والسياسات النقدية والمالية، وكذلك دورها الكبير فى مكافحة الإرهاب، وقضايا تجارة البشر، وغسيل الأموال، وجميع المخاطر التى تحاصر التنمية الشاملة داخل القارة.
لاشك أن القارة السمراء هى سلة غذاء العالم، وسوق كبيرة واعدة قوامها أكثر من 1.5 مليار نسمة، وناتجها المحلى أكثر من 3.4 تريليون دولار، كل هذه عوامل نجاح، وللأسف معدل إنتاجنا لا يتجاوز 18 ٪ من التجارة البينية للقارة مقارنة بالقارة الأوروبية التى تتجــاوز 70 ٪، والآســـيوية 50 ٪، الأمر الذى يتطلب المزيد من الجهود، وتعزيز التعاون المشترك للاستغلال الأمثل لهذه الثروات الكبيرة.
طموحات كبيرة، وآمال بلا حدود تنتظر هذه البقعة الغنية، فهناك مستهدف للوصول بحجم التبادل التجارى بيننا وبين القارة إلى 33 مليار دولار حتى 2035 الذى لا يصل إلى 10 مليارات دولار حتى الآن، إن الوصول لهذا المستهدف لابد أن يكون هناك آليات خارج الصندوق للتوسع فى مشروعات عناصر التكلفة مثل الطاقة الجديدة والمتجددة، والاستفادة من خامات الإنتاج المحلية بدلًا من استيرادها، وإقامة صناعات مختلفة تتميز فيها دول القارة مثل الصناعات الغذائية، والملابس الجاهزة، والمفروشات، والكيماويات، وإنتاج الحاصلات الزراعية، وغيرها من المنتجات التى تحتاجها السوق الأفريقية والعالمية وبذلك نكون قد نجحنا فى تحقيق التنمية القائمة على الصناعة والزراعة والتصدير.