فى مراحل الحياة تختلف الآراء والاتجاهات وفقا لما نمر به من تجارب بعضها يساهم بشكل كبير فى تشكيل إدراكنا ووعينا بالحياة والبعض الآخر قد يكون سبباً فى تغيير رؤيتنا ومنظورنا فى الحياة لكن تظل تجارب الحياة الأولى هى الأكثر تأثيراً فى معتقداتنا والأكثر قدرة على تشكيل مفاهمينا ورؤيتنا لما يحدث حولنا وقد تكون أيضاً سبباً لما نتخذه من قرارات.
رغم محاولاتى البقاء فى مرحلة الصبا والشباب إلا أن الواقع من حولى كان قادراً على إخراجى من تلك الدائرة بعد أن بات كل شئ من حولى غريباً على جيلى وباتت هناك فجوة كبيرة بين جيلى وهذاالجيل الذى أصبحت التكنولوجيا وسيلته فى اكتشاف العالم فبات الاستسهال وسيلته وغلب النمط السريع على كل ايقاعاته فى الحياة.
على عكس ما تربيت عليه فى أن الأسرة هى الأكثر تأثيراً فى النشء فإن الواقع من حولى بات قادراً على نسف هذا المفهوم فمنذ أيام فاجأنى صغيرى بعبارة تتعارض تماماً مع أيديولوجيتنا ومعتقداتنا فى الحياة الأمر الذى أصابنى بالفزع وبدأت نقاشاً معه لاكتشف من أين له بهذه المفاهيم فكانت إجابته أن هذا ما جمعه من معلومات من خلال الفيديوهات القصيرة التى يشاهدها.
حاولت بقدر الإمكان تصحيح المفاهيم واستدعاء ما عايشته من أحداث علها تنجح فى طرد هذه الأفكار والمفاهيم الخاطئة من عقله وأنا أدرك أننا فى كارثة قد تعرض أبناءنا للتطرف الفكرى.
ما عايشته مع صغيرى أعادنى للوراء عندما كنت فى مثل سنه وكيف كانت الرحلات المدرسية ذات عامل مؤثر فى تكوين مفاهيمنا ففى المرحلة الابتدائية كانت أول رحلة لى إلى ميناء دمياط .. شاهنا وقتها أرصفة الميناء وما يتم تداوله عبرها من حاويات وعرفنا دورها فى حركة التجارة وتوالت الرحلات بعد ذلك إلى عدد من مصانع الغزل والنسيج والألبان لنتعرف على صناعة بلدنا وجودة المنتج المصرى ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فامتدت زياراتنا لبعض دور الأيتام لنعرف معنى التكافل وندرك قيمة الأسرة.
وفى مرحلة الجامعة وكنا وقتها لم نصل بعد لمرحلة العشرينات عندما نظمت لنا الكلية زيارة ميدانية للمواقع العسكرية فى حرب 73 والتى مازالت شاهدة على عظمة الجندى المصرى وشجاعته فى الدفاع عن الأرض وتضحياته من أجل تحريرها.
هكذا تشكلت عقيدتنا كجيل أحب هذا البلد وعشق ترابه كما تحملت الأجيال التى سبقتنا وسلمتنا الراية ليبقى المأزق الكبير فى هذا الجيل الذى شكلت تطبيقات التواصل الاجتماعى مفاهميه بشكل خاطئ.. اجعلوا رحلات المدارس لفرق الصاعقة وقوات المظلات والبحرية .. افسحو المجال للصغار لمشاهدة تدريبات طلاب الكليات العسكرية وكلية الشرطة .. نظموا لقاءات تجمهم بالقادة الذين خاضوا حروباً ليحكوا لهم تجاربهم .. احكو للأجيال تاريخ هذا البلد العظيم ليبقى عظيماً.