عندما شرعت فى كتابة هذه السطور وجدت ان أكثر ما يعانى منه المصريون فى الوقت الحالى هى أزمة الضمير التى يتحلى بها تجارالأزمات والمحتكرون والمضاربون وبعض رجال الأعمال، إذ كشفت الأزمات العالمية المتتالية وتأثيراتها على مصروالسوق المصرى عن وجههم القبيح الذى مازال ينظر إلى الأمور من منظور مصالحهم الخاصة ورغبتهم فى الثراء السريع وتكنيز الأموال على حساب اخواتهم وجيرانهم وأهاليهم ضاربين عرض الحائط بكل القيم الدينية والمبادئ النبيلة التى تميز بقية جميع فئات الشعب المصري.
>> أقول ذلك بمناسبة إنه لم يعد من اللائق هذا السعار المحموم من التجار معدومى الضمير والأخلاق فى شيطنة أسعار السلع الغذائية وتأزيم الأمور على المواطنين، وازدياد الجشع والاستغلال أيضاً نتيجة إقبال المواطنين على استحواذ حاجاتهم من الطعام والشراب بكميات أكثر من المعتاد وبشكل أكبر مع بداية شهر رمضان الكريم الذى أمرنا فيه الله ورسوله بالتقوى والتعبد، وبالتالى يزداد الضغط على الحكومة لبذل جهوداً كبيرة لتوفير وضخ كميات أكبر من السلع الغذائية من خلال المنافذ الثابتة والمتحركة لكى تكفى الحد الزائد من الاستهلاك فى الأسواق.
>> الحقيقة التى لا ينكرها أحد ان الدولة تقوم بجهود كبيرة لضبط الأسواق، ولكن الواقع يؤكد ان الضبط الكامل للأسواق يحتاج بعض الوقت فى ظل أنعدام ضمير أباطرة الاحتكار والتجارة، وهنا أتصور انه لابد من دور أكبر لأعضاء البرلمان فى مراقبة الأسواق بتشريعات وحلول خارج الصندوق حتى وان كان من بينهم تجار ورجال أعمال وهو درس يجب ان يتعلمه الجميع فى المرات القادمة، وكذلك تفعيل دور منظمات المجتمع المدنى المختصة بمراقبة الأسواق، مع الحرص على استمرار تشديد الرقابة والعمل على تقليل الوسطاء فى وصول السلع من»الحقل» إلى البائع للقضاء على تلك المافيا، وكذلك يمكن منح سلطات أكبر لمباحث التموين كى يتخطى دورها من كونها تراقب وصول السلع المدعمة إلى مستحقيها خاصة رغيف الخبز ومكافحة الغش إلى إلزام التجار والباعة بعدم رفع الأسعار وتفعيل الالتزام بالتسعيرة الاسترشادية وأسعار السلع التى تمت كتابتها على المنتجات المختلفة حتى لا تباع السلعة بأكثر من سعر فى وقت واحد، مع الأخذ فى الاعتبار ان قيمة غرامة المحتكر لا تشكل عبئا عليه وان الجمع بين عقوبة الغرامة والحبس من الممكن ان تشكل رادعاً قويًا له، ومن شأنها ان تؤدى إلى إلحاق الضرر بكرامته وشرفه وسمعة شركته ومن ثم يمكن ان يسهم ذلك فى ردع أباطرة الاحتكار بالسوق.
>> على الرغم من ذلك فى تصورى انه بعد الإجراءات الإصلاحية التى اتخذتها الحكومة مؤخراً بتحديد سعر عادل للجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية والأفراج التدريجى عن السلع الموجودة بالجمارك فإن جميع الشواهد والمؤشرات تشير إلى اتجاه الأسعار إلى الاستقرار وانحسار الموجة التضخمية شريطة الاستمرار فى ملاحقة معدومى الضمير والمحتكرين وتجار الأزمات للسيطرة على الأسعار وتحقيق الحماية المجتمعية خاصة للأسرالفقيرة ومتوسطى ومحدودى الدخل، وكلى ثقة أن الحكومة تبذل كل الجهود الممكنة للتخفيف عن المواطن الذى ثقلت أحماله بسبب جرائم احتكار غير مسبوقة من فئة معدومى الضميرالذين يجب التصدى لهم بحسم وحزم لأننا فى ظروف غير طبيعية وما يرتكبونه فى حق المواطن أصبح فوق احتماله.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. مع عظيم احترامنا للدور الذى تقدمه الحكومة باقتدار فى التخفيف عن المواطنين وتوفير احتياجاتهم الأساسية تحت وطأة أزمة الغذاء العالمية، وكذلك استغلال وجشع «تجارالأزمات» الذين فقدوا ضمائرهم بشهوة المال، فان الأمر يفرض بإلحاح ونحن فى بداية الشهر الكريم أهمية تكثيف خطباء المساجد الحديث عن حرمة احتكار السلع خاصة فى ظل هذه الحروب العالمية وتداعياتها، وعن التراحم فيما بين الناس، وعن أهمية التكافل الاجتماعي، وعن مصير المحتكرين والفاسدين، وان الأزمات ترقق القلوب، وأن الدين معاملة وليس صلاة وصيام وعبادات فقط.. حفظ الله مصر وشعبها.