فى ظل ظروف قاسية ووسط حرب وعدوان إسرائيلى غاشم على غزة يأتى شهر رمضان هذا العام على الفلسطينيين، وهم يعانون من المجاعة والمرض والدمار جراء الحرب، والغريب ان ذلك كله لم يمنع أهل غزة رغم الألم والوجع من إظهار البهجة بحلول شهر الكريم وتعظيم شعائر الله، وإظهار حبهم وتعلقهم بالشهر الفضيل، واحتفى الأطفال على طريقتهم باستقبال أولى ليالى رمضان.
فقد تداول رواد منصات التواصل الاجتماعى فيديوهات تظهر كيف استقبل أهالى غزة شهر رمضان بكل فرحة، وحملت تلك الفيديوهات شعارات «لن يسرقوا منا رمضان»، «الفرحة من بين الجراح»..»رمضان كريم .. من غزة «.. وغيرها.. ففى مدينة رفح أقام السكان صلاة التراويح بمسجد الفاروق المدمر فى أول ليالى رمضان، حيث افترشوا الأرض لإقامة الصلاة، ولم يتركوا المساجد رغم العتمة والظلام، وأشعلوا القناديل متحدين عتمة المحتل والظلام الذى فرضه على القطاع.
وفى مخيم جباليا وبعد تدمير المساجد على يد الاحتلال، قام الأهالى بتنظيم صلاة التراويح فى الشوارع، فى اليوم الأول من شهر رمضان، تعبيرا عن صمودهم وتلاحمهم وتمسكهم بأرضهم ودينهم.
وفى مخيمات النازحين، حضرت زينة رمضان لتضيء الخيم وسط فرحة للأطفال والأهالى بحلول الشهر الفضيل.
وعلى الجانب الآخر يواصل الاحتلال الإسرائيلى ارتكاب الجرائم فى حق المدنيين، حيث قصف الجيش الإسرائيلى مدنيين فى رفح ــ فى الوقت الذى يستعد فيه العالم الإسلامى للسحورـ وهدم منازل وأسقط شهداء وإصابات ليصبح سحور أهل غزة قنابل وصواريخ.
ورغم ذلك كله فإن الادارة الأمريكية تحاول اجراء عملية تجميل لسمعتها من خلال تصريحات لباديدن ونائبته كاميلا هاريس برفضهم قتل الاطفال والمدنيين وارسال المساعدات لاهالى وغزة وفى نفس الوقت وخلال نفس التصريحات يدعمون الاحتلال الاسرائيلى بمساعدات عسكرية وغيرها تقتل وتفتك باطفال ونساء وشيوخ غزة.. قمة التناقض لتفشل عملية التجميل وتصبح تشويه للإدارة الأمريكية.
تناقضات الخطاب الأمريكى واضحة وجلية، فقد كان يمكن للولايات المتحدة وقف إطلاق النار وتنهى المعاناة، وربما لم تكن تحتاج إلى إسقاط مساعدات من الجو أو إقامة أرصفة..بايدن قال فى بيان بمناسبة شهر رمضان، إنه سيواصل الجهود لإيصال مزيد من المساعدة إلى قطاع غزة، ووصف ما يجرى بالمأساة الكبري– يعيشها الفلسطينيون فى قطاع غزة من جراء الحرب– وكأنه يتحدث عن حرب لا تدور بمعرفته ودعمه، تسببت فى معاناة رهيبة للشعب الفلسطيني، وقُتل آلاف الأطفال، وتم تشريد ما يقرب من مليونى فلسطيني، والعديد منهم فى حاجة ماسة إلى الغذاء والماء والدواء والمأوي.
الموقف الأمريكى «للأسف» مثيرا للدهشة، فهو يبكى على الضحايا، ويدعم قتلهم، وكأنه يدعو للقتل ولكن «بشويش»، لكن حتى هذا لا يروق لـ»نتن ياهو» فهو يتمسك بإبادة الفلسطينيين تماما وتهجير البقية، ولا يعترف بهم ويرفض أى أفق للحل، بل إنه يجر المنطقة لنزاع قد يتسع ليشعل المزيد من الحرائق، وهو ما حذرت منه مصر على مدى شهور الحرب.
ما يحدث الان هو محاولة تنفيذ مخطط التهجير بسيناريو مختلف، بعد ان رفضت مصر تماما فكرة التهجير إلى سيناء وأفشلت المخطط تماما، ولو صح أنهم يحاولون رسم سيناريو جديد، فإن عبء الوقوف ضده وافشاله يقع على الفلسطينيين أنفسهم برفض الخروج من أرضهم والدفاع عنها أو الموت من أجل ترابها.