لقد خص الله عز وجل شهر رمضان بخصائص وقيم عظيمة بأن جعل الله صومه الركن الرابع من اركان الاسلام وان الله سبحانه وتعالى انزل فيه القرآن وجعل فيه ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر.. كما ان الله سبحانه وتعالى جعل صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا سبباً للمغفرة ولهذا فإننا جميعا نترقب ونستعد ونفرح بقدوم أعظم الشهور شهر البركة والرحمة والمغفرة.
ولكنى أواجه مأزقاً هذا العام وأنا استقبل شهر رمضان ولأول مرة فى حياتى بدون أمى «رحمة الله عليها» أتى رمضان من دونها ودون ملامحها.. أتى رمضان وأمى فى أحضان قبرها.. أتى وأنا من الفاقدين وأمى من المفقودين.. أتى رمضان هذا العام ومن الطبيعى أن قرب رمضان وحلوله يولد الفرحة والبهجة والسرور والسلام النفسى ولكن هذا الشهر اتبعه هذا العام شعور موجع وقاس جداً لأنه أول رمضان بدون أمى الغالية بدون حسها بدون دعواتها بدون ملامحها الطيبة الجميلة المتوازنة المتصالحة مع نفسها.
أمى الغالية العزيزة على قلبى القريبة لروحى الساكنة فى وجدانى المالكة لكل كياني.. رغم فرحتى بالشهر الفضيل يغمرنى أسى عدم وجودك بيننا، كنت أجد سعادتى فى ملامح عينيك وأجد فرحتى وأنا اقبل قدميك.. اسأل الله جل علاه ان يمنحنى الصبر على فراقك وان يجعل قبرك روضة من رياض الجنة ويجعل رمضانك أجمل فى الجنة.
فى أول رمضان من غير أمي، تغمرنى مشاعر الحزن والاشتياق. أفتقد صوتها العذب وهى تقرأ القرآن الكريم، وابتسامتها الجميلة، وحنانها الدافئ وهى تساعدنا على أداء العبادات. أفتقد كل شيء فيها، من رائحتها العطرة إلى نظراتها الحنونة.
لم يعد رمضان كما كان فى السابق. فغياب الأم يفقد المنزل روحه، ويحول أجواء الفرح إلى حزن وألم. لم يعد هناك من يشاركنا مشاعر الفرح والبهجة.
ما أشد فقدان الأم وما أصعب أن يأتى شهر رمضان بدون الأم ولا يستطيع أحد أن ينكر فضلها علينا فكم تعبت وضحت من أجلنا لنكون الأفضل فى المجتمع دون أن تشعر بملل تجاه ما تتحمله وكم تخلت عن سعادتها من أجل أن نكون سعداء، لذا يجب على الأبناء ألا ينسوا فضل أمهاتهم ، ففى أول رمضان بدون أمى لا يسعنى إلا أن أقول رب أدخلها الفردوس الأعلي، اللهم إن أمى قد أحسنت إلينا وهى فى دار الدنيا فأحسِن إليها وهى جوارك، اللهم انقل أمى من ضيق اللحود إلى جنات الخلود، اللهم ارحمها واعف عنها وتجاوز عن سيئاتها وجازها بالإحسان إحسانًا وبالإساءة عفوًا وغفرانًا، اللهم فى أول أيام رمضان ارحم من لا يصوم معنا هذا العام واجعل رمضانه أجمل فى الجنة، اللهم ارحم أرواحا طاهرة كانت تترقب رمضان معنا وتفرح به، واليوم هى فى قبورها، اللهم أسألك أن ترحم روحا رحلت وتركتنا فى هذه الدنيا لا نستطيع العيش من دونها، أمي.. كلما دخلت إلى المنزل فتشت عنك لأضمك إلى قلبي، لكننى كل مرة لا أجد منك ردًا، يا أمى يا حبيبة عمرى يا صاحبة العطاء انقطعت روحى بفراقك، فصوتك لا يغادر عقلي، وبسمتك لا تغيب عن خيالي، سلام الله عليك يا أمى الحبيبة، سلام على راحتيك الحنونتين، وعينيك الطيبتين وحضنك الدافئ الذى اتسع لكل أهل الأرض محبة وحنانًا، أبكى دمًا يا أمى على فراقك، فهل تشعرين باللهب المتقد فى صدري، وتعرفين كم أحبك وأفتقد نظرة إليك، فما أحوج قلبى الكسير لدعوة من فؤادك الصافى تمنحنى السكينة والأمان والاطمئنان، لقد ذهبت الضحكة التى كانت تملأ قلوبنا، وبقيت الذكرى التى لن تنمحى مهما مرت الأيام، غاب جسدك يا أمى عن عيننا، ولكن روحك مازالت معنا تبارك لنا حياتنا ويقولون إن الأشياء الثمينة لا يوجد منها قطعتين، لهذا يا أمى فنحن لا نملك إلا أمًّا واحدة.
وختاما فارقت أمى الحياة رحلت وتركت خلفها جرح لا يبرى ذهبت وتركت وراءها فراغا كبيرا لا يملؤه شئ اللهم ارحمها بقدر شوقى لها واجعل رمضانها بقربك أجمل واجبر كسر قلبى بعد فقدها.