هناك «وجه ثالث» لواشنطن هو تأجيج الصراعات وإشعال الحرائق فى أى مكان فى العالم
من يتابع مواقف وقرارات الإدارة الأمريكية قبل رحيلها بأيام يجد الكثير من المتناقضات فى مواقف واشنطن لدرجة تجعلك تتأكد أن أمريكا تتعامل مع العالم بأكثر من وجه.. هكذا تفعل أمريكا فى تعاملها مع الأزمات والصراعات والحروب خاصة الدائرة فى منطقة الشرق الأوسط.. تجدها فى أزمة ما تتعامل بوجهين من النقيض إلى النقيض كما حدث مع الأزمة السورية والطريف فى الأمر أنها مواقف ليست سرية بل هى معلنة ورسمية وفتحية إذا لزم الأمر لكنها بالتأكيد ليست زكية!.
إنها السياسة لا يوجد فيها أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون أيضا.. المصلحة هى التى تحكم المواقف الأمريكية حتى ولو بدت متناقضة.
تعامل أمريكا بوجهين ظهر بوضوح أيضا حين قررت فرض عقوبات على ميلشيا الدعم السريع فى السودان لارتكابها إبادة جماعية وهى بالفعل ميلشيا متمردة تستحق العقاب وفى نفس الوقت أمريكا تشاهد إسرائيل وهى ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين منذ أكثر من عام وبدلا من فرض عقوبات ضدها تمدها بالسلاح لقتل المزيد من الفلسطينيين وهى بالتالى تعتبر شريكة فى هذه الإبادة.. وربما لو تغير الوضع فى السودان مثلا وهذا مالا نتمناه وتمكنت هذه الميلشيا المتمردة من بسط نفوذها لسارعت واشنطن للجلوس مع قائدها والحديث حول العلاقات الثنائية المتميزة بين واشنطن والخرطوم.. وتنفذ أمريكا بالتالى نفس السيناريو الذى نفذته مع سوريا يبقى فقط أن ترصد ملايين الدولارات للقبض على «حميدتي»!.
وهناك «وجه ثالث» لواشنطن هو تأجيج الصراعات وإشعال الحرائق فى أى مكان فى العالم وهو وجه أمريكى قديم استخدمته مع العديد من الدول فشل أحيانا ونجح أحيانا أخرى وهو وجه لم تزل تستخدمه إذا دعت الحاجة فى بحر الصين الجنوبى مثلا لتأجيج الصراع بين الصين وتايوان.. وهذا الوجه واضح ومكشوف فى الحرب الروسية – الأوكرانية.
الوجه الرابع لأمريكا هو استخدام القوة والتدخل المباشر فى النزاع كما يحدث فى اليمن حاليا أو مثلما فعلت فى أفغانستان والعراق.. هذا الوجه أصبحت لا تعتمد عليه إلا فى حالة الضرورة القصوى بعد أن ظهرت أساليب جديدة للحروب وأيضا حرصا على عدم تكبد خسائر بشرية ومادية كما حدث فى كابول وبغداد.
زمان كنا نتهم أمريكا بانتهاج سياسة الكيل بمكيالين لنكتشف فيما بعد أن لأمريكا أكثر من مكيال وأكثر من وجه.