تابعت باهتمام شديد مداخلات السيد الرئيس فى الأكاديمية العسكرية المصرية فجر يوم الجمعة استخلصت من هذا الحوار اهتمام الرئيس بضرورة أن يفهم الشعب حقيقة ما جرى ويجرى على أرض مصر على مدار عقد كامل من الزمان، الأرقام والحقائق المجردة كانت أدوات الرئيس لتــوثيق هــذا الكــم الهــائل من الإنجــازات غير المسبوقة، 24 مدينة جديدة بالإضافة إلى العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة ومشروعات النقل والطاقة والمياه والزراعة والصناعة وتنمية الصعيد وسيناء وحياة كريمة ومشروعات الحماية الاجتماعية، كل هذا أدى إلى زيادة نسبة المعمور فى مصر من 7 ٪ إلى 14٪ بتكلفة تخطت عشرة تريليونات جنيه واختتم الرئيس حواره ومداخلاته «أقول هذا من أجل أن يفهم الناس الحقيقة وبدلا من قول البعض إننا مظلومون يقولون ربنا يساعده».
>>>
وهنا أتساءل هل يعرف الشعب كل تلك التفاصيل ؟ الإجابة بالتأكيد ليس كل الناس تعرف كل هذه الإنجازات وهنا أتساءل أين المشكلة إذن ؟ نحن فى الصحافة والإعلام نقول بلسان صادق ونكتب بمداد صدق وننقل من مواقع العمل والإنتاج والافتتاحات على الهواء ونستضيف الخبراء والمختصين فى كل المجالات ونكتب المقالات ونغرّد على وسائل التواصل وتصل رسالتنا إلى الجميع ونتعرض فى نفس الوقت للهجوم الضارى من أهل الشر ويتهموننا بالكذب والتضليل والتطبيل وينضم إليهم بعض الممتعضين وكل الخلايا النائمة من أجل ضرب مصداقية الإعلام بضرب الإعلاميين والسخرية منهم فى محاولة خبيثة للتشكيك والتشويه المستمرين، لكن الشعب يعى ذلك ويعلم فى قرارة نفسه أن مرتزقة الخارج يتعمدون تشويه كل ما يجرى على أرض مصر.
>>>
لكن فتح هذا الملف يقودنى إلى ملف آخر لا يقل أهمية عن دور الإعلام، بيد أن هناك دورا موازيا لا يقل أهمية وهو دور القوة الناعمة الوطنية ، وهنا أتساءل مجددا ، هل يعرف المثقفون كل تلك التفاصيل « تفاصيل الجمهورية الجديدة» ؟ وهل خان المثقفون «الفكرة»؟ فكرة الجمهورية الجديدة؟ وهل تغافل المفكرون عن «الحالة»؟ حالة تغيير واقع المجتمع؟ ما أراه من فعل المثقفين يمثل- فى تقديري- حالة «توهان» كامل، وغياب غير نبيل.. المثقفون لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس، رأيتهم بأم عينى يسيرون نيامًا غير عابئين، ولا مهتمين إلى أين هم ذاهبون.. تزاحم المثقفون فى منطقة نائية عن جغرافية الفكرة التى صاغها الرجل المصلح الذى يشغل أصعب منصب فى البلاد، وهو رأس الدولة..
>>>
الرئيس يشير بإصبعه إلى القمر، والمثقفون ينظرون فقط إلى إصبعه.. مَن مِن المثقفين صاغ مشروعًا ثقافيًّا متكاملًا عن حالات التغيير التى تشهدها مصر؟ مَن مِن المفكرين غاص فى أعماق أعماق الفكرة، وخرج منها بسطور مضيئة تنير الطريق أمام الباحثين عن البوصلة؟ مَن مِن المثقفين نظم قصيدة تتغنى بها الجماهير فى المناسبات الوطنية؟ مَن مِن المثقفين وقف وسط الجماهير ليشرح لهم ما لديه من أفكار، ويجيب عن أسئلتهم وتساؤلاتهم دون تسطيح؟ لماذا اكتفى المثقفون فى بلادى بالجنوح بعيدًا عن حلبات الاشتباك الإيجابى مع الأحداث؟ ربما تسمع من بعضهم تبريرات، «وينبغيات»، ينبغى وينبغي، وربما تجلس مع أحدهم وتخرج من تلك الجلسة بصفر كبير. الدولة المصرية الحالية غير محظوطة بمثقفيها المنسحبين من الاشتباك الفكرى والثقافي..
>>>
نحن بحاجة ماسة إلى طه حسين، والعقاد، والمازني، وإحسان عبدالقدوس، ويوسف إدريس، وثروت عكاشة، وعبدالقادر القط، ولطفى السيد، ومحمد «حسين وحسنين» هيكل، والرافعي.. نحن بحاجة إلى أم كلثوم، وعبدالوهاب، وعبدالحليم، حتى نحن بحاجة إلى تحية كاريوكا، التى قال عنها الزعيم عبد الناصر إنها بـ 100 رجل.
السيسى يصنع ما لم يصنعه كل الزعماء السابقين، لكنه يعمل دون وجود مثقفين ومفكرين يحملون أفكاره، ويبشرون بها المجتمع، ويعيدون صياغتها فى صور متعددة، يتعامل معها الناس بحب وقناعة. لماذا تركنا الرئيس يقاتل بمفرده، وقلنا له: اذهب أنت وقاتل، إنا ها هنا قاعدون؟