الرؤية الجديدة، التى تمتلكها الدولة المصرية، عظمت الاستفادة من كافة الموارد الطبيعية التى تمتلكها والمنتشرة فى كل بقعة من أرض المحروسة، وبالتالى تعظيم القيمة المضافة، بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطنى ودعمه.. ولهذا كانت الدولة حريصة فى إطار توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، على ان تولى اهتماما كبيرا بالعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية.
ومن أجل جذب الاستثمارات تم اتخاذ إلأجراءات لتحسين مناخ الاستثمار، أدت هذه الجهود إلى زيادة كبيرة فى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى الفترة الأخيرة من خلال صفقات واتفاقيات اقتصادية غير مسبوقة سوف تساهم فى تسريع الخطى نحو مكانة اقتصادية مصرية على خارطة التجارة والسياحة والصناعة العالمية خلال السنوات القليلة القادمة.. «الجمهورية الأسبوعى» استطلعت رأى الخبراء.. فى تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة فى السطور التالية…
محللون لــ «الجمهورية الأسبوعى»: دور حالى ومستقبلى
انطلاقة جديدة بــ «نهضة اقتصادية»
> نجلاء عبدالعال
أكد خبراء الاقتصاد، فى تصريحات لــ «الجمهورية الأسبوعي»، على أهمية التحركات العاجلة التى جرت فى كل الاتجاهات خلال وقت قصير، وأشاروا إلى أن التحضير لكل هذه الصفقات والقرارات استغرق شهورا واستعدادات كبيرة حتى يؤدى إلى النتائج المرجوة منها، مشددين على أهمية الدور الحالى والمستقبلى للقطاع الخاص -المحلى والأجنبي- للمساهمة فى النهضة الاقتصادية والبناء على ما تحقق من مشروعات فى البنية الأساسية والإنتاجية العملاقة التى نفذتها الدولة خلال الفترة الماضية.
قال،د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادى ورئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، إن إزالة التحديات التى دفعت إلى خفض التصنيف الائتمانى لمصر هوما أدى إلى تحويل النظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى من سلبى إلى إيجابي، منبها إلى أن وجود أكثر من سعر للصرف من أكبر المخاطر التى تؤثر على أى اقتصاد فى العالم وما يدفع المستثمرين إلى التردد كثيرا قبل ضخ أى أموال فى هذه الدولة؛ لأن إدخال التمويل لا يكون له ضمان بإمكانية الحفاظ على سعر الأرباح الحقيقى وضمان مرونة العمل وفق المخططات المالية للمشاريع الاستثمارية.
وأضاف أنه وبعد الصفقات المعلنة والتى فى طريقها للإعلان وتوقيع الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي،ومع وجود سعر صرف واحد وجدنا مباشرة تحسن النظرة المستقبلية والحالية للاقتصاد المصري، كما أنه يؤدى إلى الإفراج عن البضائع المكدسة فى الموانئ ونزولها إلى الأسواق وهو ما يؤدى إلى زيادة العرض وبالتالى تراجع أسعار السلع المختلفة.
وترى سهر الدماطى الخبيرة الاقتصادية والنائب السابق لرئيس بنك مصر أن الخطوة الإيجابية المهمة التى اتخذت مؤخرا بتوحيد سعر الصرف أزالت عائقا كبيرا أمام الاستثمار خاصة الأجنبي، وتقول إن استقرار سعر الصرف سيؤدى إلى تمكن أصحاب الأعمال من وضع تحديد ميزانيات واضحة لمشاريعهم الاستثمارية خاصة الكبيرة وتلك التى تعتمد على مستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج، وهو ما لا يمكن أن يحدث فى ظل وجود أكثر من سعر للدولار أو سوق سوداء.
وأضافت،أن القضاء على السوق السوداء سيساعد المناخ الاستثمارى على أن يصبح مشجعا فى مصر بالإضافة إلى عودة تدفق أموال العاملين فى الخارج إلى البنوك بدلا من تسربها على مدار أكثر من عام إلى الأسواق الموازية والسوق السوداء وشاهدنا أكثر من صورة للتلاعب فى أموال التحويلات من الخارج وتشكل عصابات للحصول على الأموال من الخارج وتسلمها بالعملة المحلية فى مصر وأصبح الدولار بدلا من كونه عملة بغرض التبادل تحولت إلى عملة للاستثمار وهو ما خرج بها إلى أسعار غير مسبوقة وغير معقولة.
وقال د. ريمون نبيل الخبير المالي، إن قرار البنك المركزى بتحرير سعر صرف الجنيه وتركه لعوامل العرض والطلب كان منتظرًا ومطلبًا ملحًا من قبل الخبراء ورجال الأعمال، خاصة بعد اشتداد الأزمة التى طالت جميع السلع والمستوى الذى وصل إليه سعر الدولار فى السوق السوداء وفاق خلاله ضعف السعر الرسمى فى البنوك، ومع صفقة رأس الحكمة، ثم القرارات التى صدرت من البنك المركزى كان من الطبيعى أن تراجع وكالات التصنيف ومراكز الدراسات الاقتصادية الكبرى نظرتها للاقتصاد المصرى والتى نتوقع أن تزداد تحسنا مع الوقت.
وأوضح، أنه لم يكن من الممكن الإعلان تحديد سعر عادل للجنيه بدون الارتكاز على قاعدة صلبة من رصيد مناسب من الدولار، وهو ما توفر مع تنفيذ صفقة «رأس الحكمة» وانعكاس تحرير سعر الصرف ربما سيكون على عكس المتوقع إذا نجحت البنوك فى استمرار توفير المعروض من الدولار لمقابلة الطلب عليه، لأن الأسعار الحالية مبنية على أساس سعر الدولار فى السوق السوداء خلال الأشهر الثلاثة السابقة والتى كان فيها السعر فى أعلى قمة يصل إليها بينما يتراوح حاليًا السعر فى متوسط الخمسين جنيها، ومع توفر الدولار للإفراج عن السلع فى الجمارك ونزولها إلى الأسواق الرقابة خلال الفترة المقبلة ومع الرقابة اللازمة فستشهد الأسعار تراجعًا متواليًا خلال الفترة القليلة القادمة.
د.محمد البهواشى : نجاحنا فى إيضاح إمكانياتنا فى دائرة اهتمام المستثمر العربى والأجنبى والمحلى
استثمارات الطاقة .. المستقبل
قال د.محمد البهواشى خبير الاقتصاد والطاقة، ان مصر تتفوق على نفسها بتدفقات استثمار أجنبى مباشر فى مجال الطاقة الجديدة والمتجدة والهيدروجين الاخضر بتوقيع سبعة اتفاقيات مع مطورين عالميين فى مجالى الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تتجاوز قيمتها نحو 40 مليار دولار، فى وقت استثنائى يمر بالاقتصاد العالمى نتيجة الازمات العالمية المستمرة والمتصاعدة الحادة، فما زالت الفرص الاستثمارية المتنوعة التى تمتلكها مصر محور انظار مستثمرى ومطورى العالم، ولا سيما فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة والتى تميزت مصر فيها بخطوات استباقية تمثلت فى انشاء البنية التحتية والاساسية اللازمة لانتاج الطاقة الجديدة والمتجددة من مزارع رياح وطاقة شمسية منتشرة على ساحل البحر الاحمر والتى اصبحت من أهم نقاط القوة التى تمتلكها مصر، إضافة إلى نتائج الثورة الاصلاحية فى كافة المجالات بداية من الاصلاح الاقتصادى والهيكلى والتشريعى ومرورا باستحداث كامل للبنية التحتية لتصبح البيئة الاستثمارية فى مصر قادرة على اجتذاب الاستثمارات التكنولوجية ولا سيما فى انتاج الهيدروجين الاخضر، والذى أصبح الشغل الشاغل للمستثمرين على مستوى العالم.
وأضاف، فى تصريحات لـ»الجمهورية الأسبوعي» ان مصر استطاعت ان تسلط الاضواء على امكانياتها و مقوماتها فى كافة مجالات الاقتصاد الاخضر خلال استضافتها لقمة المناخ كوب- 27 نهاية عام 2022، باستغلالها هذا الحدث العالمى الهام وافتتاحها أول مشروع صناعى منتج على ارض الواقع بمنطقة الشرق الاوسط، بالمنطقة الصناعية بالسخنة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لتستكمل بعد هذه الخطوة اجراءات اعتماد الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون والتى تضمنت العديد من الحوافز الجاذبة للاستثمارات فى هذا المجال، ولذلك فإن التوقيع على الاتفاقيات السبع ما بين الحكومة المصرية ومطورين عالميين فى مجالى الهيدروجين الاخضر والطاقة المتجددة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس هى خطوة البداية فى طريق اعادة مسار الاقتصاد المصرى للمكانة التى يستحقها، لتؤكد قدرة الاقتصاد المصرى على استقدام التكنولوجيا الجديدة واستيعاب الاستثمارات الاجنبية المباشرة فى كافة المجالات.
وأشار، إلى ان التوقيع على هذه الاتفاقيات وفى هذا الوقت الاستثنائى رسالة طمأنة للداخل المصرى لتثبت ان ما تم من مشروعات قومية فى سنوات قليلة اعادت صياغة الخريطة الاقتصادية لمصر بالكامل لتصبح قبلة المستثمر الاجنبى فى كافة المجالات.
وفق شهادات مؤسسات دولية: خطوات قوية تسبب التوازن
اقتصاد مصر..جاذب وإيجابى
بينما كان البعض يترقب وضع الاقتصاد المصرى وهو فى غرفة العناية المركزة كانت أيدٍ غير مرتعشة تقرر ضرورة إجراء الجراحة المنقذة، فكانت القرارات الاستثمارية والمالية والصفقات تعمل فى جسد الاقتصاد سريعًا ليخرج بما يشبه المعجزة خلال 10 أيام فقط، ليس إلى غرفة الإنعاش، وإنما إلى حالة من الاستفاقة الكاملة والحيوية المطلقة، تتدفق فى شرايينه العملات الصعبة من كل جهة بعد أن أزالت القرارات الجريئة كل انسداد منع تدفقها فيما سبق، وهو ما حرك مؤسسات عالمية لتقدم شهادة انصاف جديدة لــ «نجاحات مصرفية».
خبراء وكالة بلومبرج قالوا: نصًا: «فى غضون 10 أيام فقط، انتقلت مصر من حافة الكارثة الاقتصادية إلى إطلاق أكثر من 40 مليار دولار من الاستثمارات والقروض من الإمارات العربية المتحدة وصندوق النقد الدولي، وربما المزيد فى المستقبل من المملكة العربية السعودية وغيرها».
وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية أكدت رفع التوقعات الائتمانية لمصر إلى إيجابية مع حصول البلاد على تمويل جديد من صندوق النقد الدولى والمقرضين الثنائيين، وتغيير النظرة المستقبلية لمصر من سلبية إلى إيجابية، فى اليوم التالى مباشرة لإعلان قرارات البنك المركزى المصرى والاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وكتبت المحللة إليسا باريسى كابونى فى بيان وكالة التصنيف أن هذه الخطوة «تعكس الدعم الرسمى والثنائى الكبير المعلن والخطوات السياسية الملحوظة التى تم اتخاذها فى الأسبوع الماضى والتي، إذا استمرت، ستدعم إعادة التوازن للاقتصاد الكلي».
قال، تقرير صادر عن ستاندرد أند بورز، قبيل إعلان قرارات البنك المركزى مباشرة، إن الاتفاق الذى أبرمته الحكومة فى مصر مع الإمارات للاستثمار فى منطقة رأس الحكمة يضمن شطب 11 مليار دولار من الدين الخارجى أى نحو 2٪ من الناتج المحلي، ويعزز احتياطيات النقد الأجنبى فى البلاد ومن المحتمل أن تضمن سيولة كافية تمكن الحكومة من خفض قيمة الجنيه، ما قد يقنع صندوق النقد الدولى بإعلان الاتفاق حول حزمة تمويل جديدة وموسعة.
ومع تثبيت ستاندرد آند بورز جلوبال توقعاتها لنمو الناتج المحلى للعام المالى الحالى عند 2.8٪ على أن يرتفع إلى 5.3٪ العام المالى المقبل، فقد ذكرت أن الصفقات الاستثمارية الكبيرة تدعم التوقعات بنمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى 4.6٪ سنويًا على المدى المتوسط.
د.ضياء حلمى : شراكة مع دولة كبرى ..
تؤكد جاذبية مناخنا الاستثمارى .. والثقة فى قدراتنا
منطقة صناعية صينية .. نجاح مصرى
< نجلاء عبدالعال
قال د.ضياء حلمى عضو لجنة الشئون الآسيوية واللجنة الاقتصادية فى المجلس المصرى للشئون الخارجية، والأمين العام المؤسس لغرفة التجارة المصرية الصينية بالقاهرة فى إطار الشراكة الإستراتيجية ان المباحثات مع العملاق الصينى لإنشاء منطقة صناعية على البحر المتوسط فى مصر تشكل نقلة أخرى تستحق التوقف عند مدلولاتها وكيفية الاستفادة منها، مؤكدا عمق العلاقات الإستراتيجية القوية التى تربط مصر والصين والتى تمثل قاعدة أساسية فى تعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى والاستثمارىta بين البلدين، وفى وقت يشهد فيه العالم تحديات اقتصادية ضخمة، فإن هذا يعتبر سبباً إضافيا لدعم العمل المشترك بين مصر والصين خاصة فى ظل الإرادة السياسية وعلاقة الصداقة الوطيدة التى تربط القيادتين السياسيتين فى مصر والصين.
ويري، ان بحث إمكانية إنشاء منطقة صناعية صينية كبرى فى مصر على البحر المتوسط يشير بشكل عملى إلى نجاح خطة مصر فى جذب الاستثمارات الأجنبية بعد أن خطت مصر خطوات إيجابية فعالة لتطوير مناخ الاستثمار، كما يحقق رؤية مصر فى السعى لنقل التكنولوجيا الحديثة وتوطين الصناعة، بما يتيح توفير المزيد من فرص العمل للشباب، ويساعدهم على تطوير قدراتهم، ولهذا كان ملف هذا المشروع الصينى الكبير حاضراً على طاولة المباحثات التى تمت منذ أيام معدودة فى اجتماع المهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة مع وانج وينتاو وزير التجارة الصيني.
وأضاف، «د.ضياء حلمي» فى تصريحات لـ»الجمهورية الأسبوعي» أن التعاون المصري- الصينى المشترك فى الاقتصاد والتجارة يصب فى صالح البلدين، مشيرا إلى أن الصين تعمل على تعزيز تواجدها الاقتصادى فى أسواق أفريقيا وأوروبا واسيا، ومصر تعد بوابة أفريقيا الحقيقية، بالإضافة إلى اتفاقيات التجارة المصرية الأفريقية والأوروبية التى تعطيها امتيازات مهمة إقليمياً ودولياً، كما أن مصر تتمتع باستقرار اقتصادى وسياسى رغم الظروف العالمية وتعتبر فى حد ذاتها سوقا مهما، بالإضافة إلى أنها جسر موثوق به فى الاقتصاد والتجارة مع كل دول الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم العربي، ولا يمكن إغفال أهمية قناة السويس الممر التجارى العالمى الذى يساهم فى حركة التجارة الدولية بشكل إيجابى ويربط الأسواق فى أنحاء العالم.
وقال، ان وجود منطقة صناعية صينية كبرى على البحر المتوسط يدعم وبلا حدود نقل التكنولوجيا الصينية من خلال منتجات الصين المتطورة ذات الجودة العالية فى مرحلتها الحالية إلى آفاق رحبة من الأسواق فى الإقليم.