استكمل الحديث بشأن الإستراتيحية الوطنية للزراعة، ويدور حول أهمية تجهيز البنية التحتية لزيادة الإنتاج الزراعى والدور المهم الذى تلعبه الحكومة والقطاع الخاص فى هذا الشأن.
تعتبر الزراعة ركيزة أساسية لأى مجتمع، فهى توفر الغذاء والدخل وتساهم فى التنمية الاقتصادية المستدامة.. ومع تزايد عدد السكان وزيادة الطلب على الغذاء، أصبح من الضرورى الاستثمار فى تطوير البنية التحتية الزراعية لتحقيق زيادة فى الإنتاج وتلبية الاحتياجات المتزايدة. يشمل تجهيز البنية التحتية مجموعة واسعة من العناصر التى تعمل معاً لضمان كفاءة وفعالية العمليات الزراعية.
أولاً، يعتبر توفير المياه الجيدة والصالحة للزراعة أحد أهم أركان البنية التحتية الزراعية. فالمياه هى شريان الحياة للنباتات، وتلعب دوراً حاسماً فى نموها وتطورها. لذلك، يجب تطوير أنظمة الرى الحديثة مثل الرى بالتنقيط والرش، والتى تساهم فى ترشيد استهلاك المياه وتحسين كفاءة استخدامها. بالإضافة إلى ذلك، يجب إنشاء السدود والخزانات لتخزين المياه خلال مواسم الأمطار والاستفادة منها فى فترات الجفاف.
ثانياً، تلعب شبكات الطرق والمواصلات دوراً حيوياً فى تسهيل نقل المنتجات الزراعية من الحقول إلى الأسواق. فطرق جيدة تربط المناطق الزراعية بالأسواق الرئيسية تساهم فى تقليل التكاليف وزيادة دخل المزارعين.. كما أن وجود شبكات نقل فعالة يساعد فى التسويق السليم للمنتجات الزراعية والحفاظ على جودتها.
ثالثاً، تعتبر الأراضى الزراعية هى الأساس الذى تقوم عليه الزراعة. ولذلك، يجب حماية الأراضى الزراعية من التدهور والتلوث، وتحسين خصوبتها من خلال استخدام الأسمدة العضوية والممارسات الزراعية المستدامة. كما يجب العمل على استصلاح الأراضى الجديدة وتطويرها لزيادة المساحات الزراعية.
رابعاً، تلعب الأبحاث والتطوير الزراعى دوراً حاسماً فى زيادة الإنتاجية. فمن خلال إجراء البحوث العلمية وتطوير التقنيات الزراعية الحديثة، يمكن تطوير أصناف جديدة من المحاصيل ذات إنتاجية عالية ومقاومة للأمراض والآفات، وكذلك تطوير أساليب زراعية جديدة تزيد من كفاءة استخدام الموارد.
خامساً، يجب توفير الخدمات الزراعية للمزارعين مثل خدمات الإرشاد الزراعي، وتوفير المدخلات الزراعية بأسعار معقولة، وتقديم التسهيلات الائتمانية. فمن خلال توفير هذه الخدمات، يمكن تمكين المزارعين من اتخاذ القرارات الصحيحة وتحسين ممارساتهم الزراعية.
سادساً، تلعب التكنولوجيا الحديثة دوراً متزايداً فى الزراعة. فمن خلال استخدام أنظمة المعلومات الجغرافية وأجهزة الاستشعار عن بعد، يمكن مراقبة المحاصيل والتربة والطقس بشكل دقيق، واتخاذ قرارات زراعية أكثر دقة. كما يمكن استخدام التكنولوجيا فى تجميع البيانات وتحليلها لتطوير استراتيجيات زراعية أفضل.
سابعاً، يجب الاهتمام بالبنية التحتية لتخزين وتعبئة وتسويق المنتجات الزراعية. فمن خلال توفير مخازن باردة وحديثة، يمكن الحفاظ على جودة المنتجات الزراعية لفترة أطول وتقليل الفاقد منها. كما يجب تطوير أسواق الجملة والتجزئة لضمان وصول المنتجات الزراعية للمستهلكين بأسعار مناسبة.
ويجب توعية المزارعين بأهمية تطبيق الممارسات الزراعية المستدامة، والتى تساهم فى حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية. فمن خلال تبنى هذه الممارسات، يمكن تحقيق التنمية الزراعية المستدامة وضمان أمن غذائى مستقبلى للأجيال القادمة.
إن تجهيز البنية التحتية الزراعية هو استثمار طويل الأجل يساهم فى تحقيق الأمن الغذائى والتنمية الاقتصادية المستدامة. ويتطلب ذلك تضافر جهود الحكومات والقطاع الخاص والمزارعين للعمل معاً لتحقيق هذا الهدف.
وفى ظل التحديات المتزايدة التى تواجه القطاع الزراعي، مثل تغير المناخ وزيادة الطلب على الغذاء، أصبح من الضرورى الاستثمار فى تطوير البنية التحتية الزراعية. وتتطلب هذه المهمة الشاقة تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص، والعمل معاً لخلق بيئة جاذبة للاستثمار والابتكار فى المجال الزراعي.
تلعب الحكومة دوراً محورياً فى تطوير البنية التحتية الزراعية من خلال وضع السياسات والإستراتيجيات اللازمة لدعم هذا القطاع. تشمل هذه الجهود توفير التمويل اللازم لمشاريع البنية التحتية، وتقديم الدعم الفنى للمزارعين، وتطوير الأبحاث الزراعية، وتشجيع الاستثمار فى التقنيات الزراعية الحديثة. كما تعمل الحكومات على تسهيل الحصول على الأراضى الزراعية وتوفير المياه بكفاءة، وتطوير شبكات الرى الحديثة. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الحكومات إلى تحسين البنية التحتية للمساعدة فى نقل المنتجات الزراعية إلى الأسواق، وتوفير التخزين المناسب للحفاظ على جودة المنتجات.
من جهة أخري، يساهم القطاع الخاص فى تطوير البنية التحتية الزراعية من خلال الاستثمار فى مشاريع زراعية كبيرة، وتقديم التقنيات الزراعية الحديثة، وتطوير سلاسل الإمداد الغذائية. وتلعب الشركات الزراعية دوراً هاماً فى تحسين إنتاجية المحاصيل، وتسويق المنتجات الزراعية محلياً ودولياً. كما تساهم الشركات العاملة فى مجال الزراعة فى تطوير البنية التحتية الريفية، وتوفير فرص العمل للشباب فى المناطق الريفية.
الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص هى مفتاح لتحقيق النمو المستدام فى القطاع الزراعي.. من خلال العمل معاً، يمكن للقطاعين الحكومى والخاص تحقيق أهداف مشتركة، مثل زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين جودة المنتجات، وتوفير فرص عمل، وتقليل الفاقد الغذائي. ويمكن تحقيق ذلك من خلال توفير حوافز للاستثمار فى الزراعة، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتسهيل الوصول إلى التمويل، وتشجيع الابتكار فى مجال الزراعة.
وللحديث بقية