لم يكن الملك الشاب «سقنن رع» يدافع عن جزء من أرض مصر، أثناء حربه للهكسوس، بل كان مدافعاً عن كامل الوطن بطوبغرافيته الأقرب لما نعايشه الآن، ارتقت روح الملك وهو فى عمر لم يجاوز الأربعين سوى بأعوام قليلة، ليكون أول شهداء الدفاع عن الأرض، قبل ان يبدأ التاريخ بحوالى 1539 عاما، واستكمل مسيرته الملك احمس – اصغر أبنائه – واستطاع ان يطرد الغزاة من بوابة مصر الشرقية – شبه جزيرة سيناء، رغم ان عاصمة ملكه كانت فى طيبة – الأقصر حالياً، لكنه الوطن الواحد.
شرفت – منذ عدة أيام – بالمشاركة فى قداس عيد الميلاد المجيد، بكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، لم يكن غريباً مشاركة المئات وربما الآلاف من المسلمين فى الاحتفال بمولد السيد المسيح – عليه صلوات الله وسلامه، وكان طبيعياً تواجد المحجبات بصفوف متعددة أثناء الصلوات، وبمجرد وصول الرئيس – عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، علت الأصوات مهللة بفرحة القدوم، وازدادت الفرحة بمصافحته لعدد من الحضور أثناء مروره وتحدثه معهم، فى صورة تؤكد ان الفرحة بالعيد – يتقاسمها جميع أبناء الشعب، وليس بعض منه، هنا الوطن الواحد والشعب الواحد. ذكرتنى الأجواء الاحتفالية – لبرهة من الوقت – بما يحدث حولنا وبما يحاك لمصر بالخارج، وبما يعانيه العديد من المصريين بالداخل، وتساءلت أين ذهبت المعاناة والشكاوى ومخططات افساد حياة المصريين، لكن قناعتى ازدادت تأكيداً.. بان ابناء الشعب مدركون لكافة الحقائق، وسيظلون»فى رباط إلى يوم الدين» مرابطين للعدو فى كامل عدتهم – كما قال فيهم من لم يكن ينطق عن الهوي، رسول الله محمد- عليه صلوات الله وسلامه.
أمام عينى ظهرت كلمات الشهيد الرائد أحمد بهجت – أحد شهداء الدفاع عن الأرض والعرض ضد التكفيريين بالعصر الحديث – ففى وصيته قبيل وفاته بسويعات، قال لكل المصريين «لا تتخاذلوا فى الدفاع عن وطنكم.. فهناك من لا يتخاذل عن خراب الاوطان» فقرأت لروحه الطاهرة فاتحة الكتاب، وكأننى ابعث له برسالة طمأنينة بان المسلم المصرى سيظل يحتفى بذكرى الميلاد مع كل عام جديد ويزين شجرة عيد الميلاد، والمسيحى المصرى سيظل يشترى فانوس رمضان محتفياً بحلوله ويعيش كافة أجواءه المبهجة، وستظل مصر ليوم الدين، وطنا واحدا، وشعبا واحدا، ومصيرا واحدا.