يشهد المشروع الوطنى الفلسطينى منذ عملية السابع من أكتوبر تطورًا ملحوظا فلم يعد مشروعا يتلقى الضربات ويشيع الشهداء، ولكنه بات مشروعا قويا يضرب عسكريا وسياسيا وثقافيا واعلاميا، ويقوم بفضح الاحتلال وجرائمه الوحشية التى يرتكبها الكيان الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة وفى الضفة الغربية على مدار عام ونصف العام سقط فيها عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين.
المقاومة الفلسطينية فى غزة التى انخرطت فيها أجيال مختلفة عن سابقيها تطورت كثيرا فى التدريبات والتكتيكات العسكرية واستفادت من التكنولوجيا وبات لديها تنوّع فى مصادر القوة من تصنيع السلاح وتنفيذ الكمائن والهجمات السيبرانية التى مكنتها من تعطيل منظومة الحماية الإسرائيلية وكشف بعض الخطط والتعامل معها وهذا ما مكنها من الاستمرار وعدم التوقف أو الانكسار أمام جيش يصنّف فى مقدمة الجيوش عالميا، بل ان هذه المقاومة تستنزف العدو الإسرائيلى كل يوم وتكبده قتلى وجرحى بالعشرات فضلا عن استمرار اطلاق الصواريخ على المدن والمستوطنات القريبة من غلاف غزة وسوف يستمر ذلك لأن معايير النصر والهزيمة غير موجودة بين الجانبين ولن يتمكن العدو من إحراز نصر واضح ولن تستسلم المقاومة وتسلم السلاح مهما طال العدوان.
الضفة الغربية التى رفضت الصمت على جرائم الاحتلال الاسرائيلى فى غزة والتى يحاول العدو الإسرائيلى خنقها وتفتيتها وقضم أراضيها وزرع عشرات المستوطنات فيها تشهد يوميا تصاعدا كبيرا ضد الجنود والمستوطنين بعمليات أكثر إيلاما للعدو من الفدائيين والمقاومين الذين يستهدفون حافلات وسيارات المستوطنين فى الطرق والمدن والقرى الفلسطينية التى يتواجدون فيها وهو ما سيؤدى بهم إلى الفرار من الضفة أو تحول المستوطنات إلى جيتوهات صغيرة وسط بركان هادر من أصحاب الأرض لان البديل هو القتل برصاص المقاومة.
فى الغرب نجحت جمعيات حقوقية فلسطينية أبرزها «إحدى المؤسسات» فى بلجيكا والتى تعمل على ملاحقة الضباط والجنود الاسرائيليين المشاركين فى العدوان على غزة باعتبارهم مجرمى حرب، وهو ما نجحت فيه فى دولتى تايلاند والبرازيل التى أصدرت المحكمة الميدالية فيهما مذكرات اعتقال ضد جنديين شاركا فى العدوان، هذه الملاحقات قد تتطور يوما ما لملاحقة قادة ورؤساء دول فى الغرب دعموا الكيان الإسرائيلى وأمدوه بالسلاح والذخائر التى قتلت واصابت عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء، مما يكشف عن أبعاد جديدة للصراع القانونى والسياسى الذى سيواجه الكيان الإسرائيلى على الساحة الدولية فى المستقبل.