أيها القارئ ..»العزيز».. لقد وعدنا باستعراض ..»حالات ثلاثة».. قد تميزت بالانفراد الهام جدا.. السياسي العقائدي التاريخي.. والذي بتدارسه علميا بمقياس .. «الذكر الحكيم».. يمكننا إدراك مفاهيم كثيرة هامة منها.. حق عمق مفهوم ..»الوهن».. كمرض نفسي سياسي.. وكذا كيفية التطهر منه ..»سياسيا عمليا».. بل والوقاية من أسباب الإصابة منه .. وحينذاك.. يمكننا بلوغ مقام ..»عباد الله أولي البأس الشديد».. بكل مجالات العمل الإنساني سياسيا.. وانتهاء بحق القتال ..»قتلا».. بساحات المعارك الحربية عسكريا.. وذاك قد أشرنا إلي بعض من بيانه سابقا.
والآن.. وقبل ذكر.. الحالات الثلاثة ..قد توجب علينا التوقف أمام رحابة مفهوم ..»مرض الوهن».. وأسبابه وأثاره المرضية.. (1) «الوهن».. هو بصفة عامة يعني ..استبدال حب الحياة الدنيا ..بحب لقاء الله بالحياة الأخرة.. أي.. استبدال الضار بالنافع.. استبدال المتغير بالثابت.. استبدال الباطل بالحق ..»استبدال الفاني بالأبدي».. نعم.. استبدال ظلمة الجهالة بنور حق العلم ..نعم.. «استبدال الذي هو أدني بالذي هو خير».. إلخ.. أما بصفة خاصة.. فالوهن هو ضعف كلي ..»متكامل».. نعم .. (ا) ضعف علمي ..وذلك لأخذه ببغي العلم من دون حقه.. (ب) يأخذ سياسيا.. بمظاهر بطش القوة من دون عدلها ..(ج) لا يأخذ بحق استشارة أهل حق العلم.. (د) يحيط حكمة السياسي بمجرمي أهل استبداد الظلم.. (5) يعمد إلي تحريف حق الكلم حتي يمهد ..»للاستخفاف السياسي».. سبل التحكم حكما.. (و) يعشق الادعاء بأسباب ..»القوة».. التي تستبدل ..»الاغتيال بدلا للقتال»… ومن ادعاءاته هو.. أنه مخلوق فوقي ذات قدرات خاصة .. «ربوبية وألوهية».. الغيبية بها قائمة.. وذلك لتخويف البشر.. «الناس».. إلخ..
أهم سمات وأوصاف ..»المريض بالوهن».. الذي أحاط نفسه بكل .. «ظاهر إمكانيات».. قوة البطش الإجرامية .. «هو أنه جبان كذوب».. جبنه دائما أبدا يتمسك ..»بالغدر».. كوسيلة دفاع استباقي ..أما كذبه المستديم ..فهو معتصم بسمة .. «المنافق».. الذي إن حدث كذب ..وإن عاهد أخلف.. وإن أؤتمن خان .. وإن خاصم فجر.. هكذا كذّب بحق سبب ..»خلقه».. وهو عبادة الله الذي قال ..»وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون».. (56/ الذاريات).. وقد ماثل بمثاله.. الذين كفروا من بني إسرائيل ومعهم الذي أشركوا.. فمثالهم هو ..»أنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا».. (82/ المائدة).. نعم ..هو منهم.. ومن سعيهم .. «للعلو الكبير».. في الأرض والناس.. العلو الكبير المحكوم عليه وعلي أهله ..بالتدمير والإذلال.. (من 7:4 الإسراء).. ومثاله أيضا مثال .. «فرعون مصر».. والذي منه.. مصر القرآنية وشعبها ..»براء».
(2) عباد الله أولي البأس الشديد.. أري .. والرؤية الحق بعلمها وحكمها .. «لله سبحانه وتعالي».. أن عباد الله بنوعية وكمية وكيفية عبادتهم .. هم وكذا بأسهم الشديد ..»نوعان».. (ا) النوع الأول هو.. من قامت عبادتهم لله ..«بالاختيار الحر».. وهؤلاء من آمنوا بكل رسل الله .. «ولم يفرقوا بين أحد منهم».. وأمنوا بكل حق ما أنزل علي رسله.. من كلمات وصحف وكتب.. واتبعوا سياسيا عمليا سيرة ومسيرة الرسل .. «بكل زمان ومكان».. وبعمق حق اليقين منهم بذلك.. ويقينهم بحق خلق وتقدير .. «الموت».. وقوامته علي .. «الحياة والأحياء».. فقد امتلأت أنفسهم.. حبا وشوقا ورجاء .. «بحق لقاء الله».. وبإدراك حق أن الحياة الدنيا .. «مجرد زمن ابتلاء».. نهايته فناء بينما الآخرة زمن ..»خلود».. فاستبدلوا الآخرة بالدنيا .. «اختيارا».. هكذا صارت سياستهم عمليا بالحياة الدنيا.. «حب طاعة لما أحب الله».. وبذلك بات .. «القتال في سبيل الله».. من أفضل السبل للقاء الله وهم .. «شهداء».. وحينئذ.. وبنيل حق المرتبة والدرجة العظمي .. «للشهادة».. يأتي تفجر شدة القتال .. «وبأسه الشديد».. (ب) النوع الثاني وهو.. مؤمنون قد خالط إيمانهم بالله.. «حب المال والبنون».. وغرور تصوراته المتعددة.. فصار بأنفسهم شبه .. «حجاب».. أضعف يقينهم لحب لقاء الله.. «وعظم بأنفسهم كره الموت».. وكذا كره القتال في سبيل الله.. رحمة الله الواسعة .. «عدلا».. تأتي عليهم بشدة.. «الابتلاء».. بابتلاءات حكم السياسة.. حتي تتهدد كرامة تواجدهم بعدد صور الموت.. ولا يجدوا لأنفسهم ملجأ آمناً سوي .. «اللجوء إلي الله».. والقتال بما استطاعوا به ..«في سبيل الله».. فيحبب الله لهم لقاءه ..فيشتد بأس قتالهم.. وهكذا يصبحون عبادا لله أولي بأس شديد.. «جبرا من الله».. فيصبون بأس قتالهم علي من حاربوا الحق .. وسعوا بغيا للعلو الكبير في الأرض.. والعلم والحكم لله.
وإلي لقاء إن الله شاء
ملاحظة هامة
علي أهل الوهن أن يعلموا أن مآرب سعيهم الباطل في الحياة الدنيا.. هو في نفس الوقت تعظيم لمخاوف أنفسهم من زوال تلك النعم.. وهكذا لا يستطعمون النعم التي سعوا إليها بالباطل…