معركة ضد التضليل الاعلامى
فى ظل التحولات الجيوسياسية العالمية الراهنة، تواجه الدولة المصرية تحديات جسيمة وغير مسبوقة تهدد أمنها القومى واستقرارها.. هذه المخاطر تتنوع بين التدخلات الخارجية والتوترات الإقليمية، ومحاولات زعزعة الاستقرار الداخلي، وهو ما يجعل دور الإعلام ضرورة وطنية لتشكيل جبهة داخلية قوية، قادرة على الصمود أمام هذه التحديات.
ففى الوقت الذى تشهد فيه ساحات الإنترنت منصات تعج بالشائعات والأخبار المضللة، يتحمل الإعلام مسئولية كبيرة فى التصدى لهذه الحملات التى تهدف إلى إضعاف الثقة بين الدولة والمواطنين، فالإعلام هنا ليس مجرد وسيلة نقل للأخبار، بل هو سلاح دفاعى يعمل على كشف الحقائق ودحض الأكاذيب التى تروجها قوى خارجية تسعى إلى تفكيك النسيج الاجتماعي.
وبدون شك أن المعركة ضد التضليل الإعلامى ليست معركة تقليدية، فهى تتطلب احترافية ومصداقية ووعياً إعلامياً عالياً، حيث الإعلاميون مطالبون بتحرى الدقة وعدم الانجراف وراء السبق الصحفى على حساب الحقيقة، مع تقديم محتوى يرسخ مفاهيم الولاء والانتماء دون المساس بحق المواطن فى الحصول على المعلومة.
تعزيز الوعى الوطنى
أرى أن الإعلام له دور محورى فى بناء وعى وطنى متماسك، عبر تسليط الضوء على التحديات التى تواجه البلاد، وكيفية مواجهتها، فالشفافية هنا هى المفتاح ويجب أن يكون المواطن شريكاً فى عملية مواجهة هذه التحديات وليس مجرد متلق للأخبار.
ومن خلال البرامج الحوارية والتقارير الميدانية والندوات التليفزيونية، يمكن للإعلام أن يشرح للمواطنين خطورة المخاطر التى تحيط بالدولة، مثل النزاعات الإقليمية فى الشرق الأوسط، ومحاولات قوى كبرى فرض أجندتها على المنطقة، كما يجب أن يتناول الإعلام قصص النجاح والإنجازات الوطنية التى تحققها الدولة فى مختلف المجالات لتكون دافعاً للتفاؤل والثقة بالمستقبل.
الإعلام كمنصة لحوار داخلى بناء
التماسك الداخلى لا يتحقق إلا بالحوار، وفى هذا السياق يلعب الإعلام دوراً مهماً كجسر يربط بين القيادة والشعب من خلال فتح قنوات تواصل فعالة مع مختلف فئات المجتمع، حيث يمكن للإعلام أن يعبر عن تطلعات المواطنين وينقل صوتهم إلى صانع القرار، وفى الوقت ذاته يشرح للمواطنين طبيعة التحديات التى تواجهها الدولة والسياسات المتبعة لمواجهتها.
هذا الحوار يعزز الشعور بالوحدة، ويخلق كتلة صلبة من المواطنين الذين يشعرون أنهم جزء من الحل وليسوا مجرد متفرجين.
الإعلام كحافز للالتفاف حول القضايا الوطنية فى أوقات الأزمات، يبرز الإعلام كمنصة جامعة تجمع المواطنين حول قضاياهم الوطنية ، فمن خلال التغطية الموضوعية والمهنية يستطيع الإعلام أن يعزز روح التضامن ويشجع على الاصطفاف خلف الدولة فى مواجهة التهديدات الخارجية، مثل النزاعات على الموارد الطبيعية أو التدخلات فى شئونها الداخلية.
إحدى أبرز التحديات التى تواجهها مصر فى هذا السياق هى قضية الأمن المائى ، وهى قضية وجودية تستدعى وحدة الصف الداخلي، وهنا يجب أن يلعب الإعلام دوراً توعوياً وتعبويا يوضح أهمية هذه القضية، ويحث المواطنين على دعم الجهود الدبلوماسية والسياسية التى تبذلها الدولة.