أسأل نفسى كثيراً متى ولماذا أشعر بالحزن والأسي؟ وأرى الإجابة أمامى واضحة عندما أقرأ أو اسمع نقداً لهجوم عملية طوفان الأقصى بواسطة شباب المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر 2023 الذى أوقع إسرائيل كلها حكومة وجيشاً وشعباً فى دائرة الذل والضعف والهوان وأوضح الهجوم قدرة الشعب الفلسطينى على مواجهة العدو الإسرائيلى الهمجى البربرى وتحقيق المفاجآت الإستراتيجية وقتل 1200 إسرائيلى وأسر مئات الصهاينة فى ثلاث ساعات وأشعر بالحزن عندما يقال إنه يجب محاسبة المقاومة الفلسطينية لتنفيذها هذا الهجوم لأسباب غير منطقية.. والحق يقال إن الفلسطينيين واقعون تحت الاحتلال والحصار منذ عام 1948 و1967 وأن السبيل الوحيد للتحرير هو المقاومة بصورها المتعددة وإيذاء العدو وإنذاره بأنه من الممكن معاناته من الخسائر البشرية والمادية والنفسية والمعنوية من خلال تعظيم المقاومة الفلسطينية.. وأشعر بالحزن والأسى عندما لا يتم توضيح أن نجاح الجيش الإسرائيلى فى قتل أكثر من 45 ألف فلسطينياً وإصابة أكثر من 110 آلاف آخرين يرجع أساساً إلى الدعم العسكرى والمعنوى والمادى والمخابراتى والمعلوماتى من عدة دول برئاسة الولايات المتحدة وانجلترا وألمانيا. وأشعر بالحزن والأسى لعدم الإشادة بالشعب الفلسطينى فى قطاع غزة والأمهات والآباء والأولاد الرافضين لمغادرة أراضيهم بالرغم من جبروت وقسوة وهمجية الجيش الإسرائيلى والحصار المستمر لمدن جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا لمدة ثلاثة شهور حتى الآن وتدمير وإحراق المستشفيات والمدارس والمحلات لإجبار الفلسطينيين على النزوح من الجزء الشمالى من قطاع غزة وبصورة لم تحدث منذ غزو التتار.. وأشعر بالحزن والأسى عندما اقرأ بعض المقالات التى تنادى بعودة تمثال الفرنسى فرديناند ديليسبس إلى مكانه القديم فى مدخل قناة السويس فى مدينة بورسعيد..والغريب أن ديليسبس عندما اقترح حفر قناة السويس كان لتحقيق أهداف اقتصادية وعسكرية وإستراتيجية للدولة الفرنسية وتسهيل حركة التجارة بين دول شرق آسيا وأوروبا عامة وفرنسا خاصة ولم يكن هدفه مصلحة الدولة المصرية نظراً لأن إدارة قناة السويس وعائدها المادى منذ حفرها كان لشركات فرنسية وأفراد فرنسيين ولم تعد قناة السويس ملكاً للشعب المصرى إلا بعد تأميمها عام 1956 بواسطة قرار من الزعيم الوطنى الراحل جمال عبدالناصر ونظراً لأن هذا القرار كان صدمة قوية لفرنسا وانجلترا وسحب سيطرتهما على جزء مهم من الدولة المصرية تحالفت فرنسا وانجلترا وإسرائيل للهجوم على بورسعيد وسيناء فى أكتوبر 1956 ونظراً لبسالة المقاومة العسكرية والشعبية لأهالى بورسعيد وباقى محافظات مصر تم إيقاف الحرب وانسحاب القوات المعتدية يوم 23 ديسمبر 1956.. وأشعر بالحزن والأسى بالقول إن ديليسبس كان له الفضل الأكبر فى تنفيذ مشروع حفر قناة السويس وننسى دور الفلاحين المصريين الذين تم تسخيرهم وتجميعهم بالقوة من الشرقية والدقهلية ومنهم أجدادى للعمل فى حفر قناة السويس بالدم والعرق وأشعر بالحزن والأسى عندما نرى تدمير وإحراق مستشفيات كمال عدوان والأندونيسى والعودة وغيرها والقبض على الأطباء الفلسطينيين العاملين ومديرى المستشفيات لمنع أداء المنظومة الطبية للمرضى الفلسطينيين حتى الوصول لمرحلة الموت.. وأشعر بالحزن والأسى عندما يحتفل العرب بأعياد رأس السنة الميلادية وأبناء فلسطين لا يجدون الماء والطعام.