بدأ شهر رمضان المعظم والذى من المفترض انه شهر للعبادة والتقرب إلى الله بصالح الأعمال، لكن الواقع الذى نعيشه يحتاج إعادة قراءة وتفكيك ثم تركيب على الأسس الصحيحة التى حاد عنها الكثيرون منا دون أن ننتبه، هنا نرصد بعض المظاهر السلبية التى ارتبطت بهذا الشهر واولها واخطرها هى التبذير والإسراف فى الطعام والشراب وجعله هو بيت القصيد، حالة غريبة وعجيبة تنتاب الأسر المصرية فى شهر رمضان حيث الاهتمام غير المبرر بالولائم والعزومات وأدق تفاصيل أنواع وأشكال الأكلات والمقبلات والمشهيات والحلويات، هذا الاهتمام المبالغ فيه يتكرر كل يوم وفى كل الأوقات خلال هذا الشهر، وتشير الإحصاءات إلى أن المصريين انفقوا فى رمضان الماضى أكثر من 100 مليار جنيه على الطعام فقط، والسؤال المهم ما هى نسبة الهدر التى استقبلتها صناديق المخلفات امام بيوت المصريين ؟ ربما يتوقف القارئ هنا ويقول هذا الكلام غير صحيح فالمصريون يعانون من استفحال نسب التضخم وارتفاعات الأسعار وظروف المعيشة الصعبة ومن ثم لن تجد هذا الإنفاق ولن تشهد هذا الهدر، وهنا أقول ان المصريين يستدينون من اجل الإنفاق على الطعام والعزومات فى رمضان، وتكون المائدة عامرة بكل أنواع الأكلات وبكميات أضعاف ما يجب أن تكون، فثقافة « الناس تقول علينا ايه ؟» ثقافة قاتلة ويجب تغييرها دون إبطاء « ست البيت تطالب سيد البيت بمصاريف العزومات، يعترض ويمتعض ويتمتم بكلمات غير مفهومة، ست البيت لن تدخل معه فى نقاشات فارغة لا تقدم ولا تؤخر فقط ستردد تلك العبارة المصرية الشهيرة « الناس تقول علينا ايه « و سيوافق فى النهاية على كل الطلبات دون استثناء خوفا من الناس ! وبعد الانتهاء من مناقشة ميزانية العزومات نأتى إلى الملابس التى يجب ان نستقبل بها نحن وأولادنا الشهر الفضيل وضيوفنا الكرام، ست البيت تطالب مجددا سيد البيت بضرورة تدبير المبالغ اللازمة لشراء عبايات وفساتين تليق بشهر رمضان خاصة الخروجات وصلاة التراويح واستقبال الضيوف، الرجل يصرخ ويشد فى شعره حتى يكاد يفقد الوعى لكن ست البيت لا تحرك ساكنا فى هذه اللحظات حتى لسانها سيتجمد ولن تنطق بكلمة حتى يهدأ صاحبنا وتبدأ من جديد « هو احنا مش زى الناس ؟» كل الناس عاملين كده انت بس اللى مش عارف، كل سنة وانت طيب يا حبيبى وربنا يخليك لينا! يتمتم وبحولق ويقول حاضر يا ستي، وبعدها بقليل تقول ست البيت لسيد البيت هو احنا مش هنعمل كام شنطة لرمضان «زى الناس « وكمان عاوزين نشارك فى اطعام الغلابة فى موائد الرحمن « زى الناس « واوعى تنسى فلوس زكاة الفطر والصدقات عشان ربنا يكرمنا دى الناس كلها بتعمل كده، ورغم ما فى هذه السلوكيات من تكافل وجدعنة وعادات تبدو جميلة إلا ان واقع الأمر ان حياتنا أسيرة لعاداتنا وتقاليدنا الثابتة والتى يغلب عليها طابع المظهرية « زى الناس « كل سنة وأنتم طيبين.