غرق النازحين
للعام الثانى على التوالى يأتى الشتاء على غزة حاملا معه أمطار، توصف فى بقاع أخرى بالخير، لكنها جلبت للفلسطينيين مزيدا من الآلام والمعاناة بعد أن غمرت المياه خيام النازحين فى مناطق متفرقة من دير البلح ومواصى خانيونس جنوب القطاع.
قال المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة، بإن النازحين أمضوا ليلة عصيبة داخل خيامهم التى غرقت بمياه الأمطار وعصفت بها الرياح خلال المنخفض الجوى الذى بدأ منذ مساء الأحد، موضحا أن خطرا كبيرا يشكل تهديدا حقيقيا لخيام النازحين ومن فيها وأضاف أن 81 ٪ من خيام النازحين لم تعد صالحة للعيش.
وأشار المكتب إلى أن هذه الأزمة الإنسانية العميقة مستمرة فى ظل وجود المجتمع الدولى والمنظمات الدولية والأممية دون أن يحركوا ساكنا، ودون أن نرى خطوات عملية لتجاوز هذه الأزمة الإنسانية الخطيرة التى تودى بحياة النازحين والمواطنين.
كما حذر بسام زقوت، مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة، من تدمير خيام النازحين جراء البرد والأمطار وتكدس مياه الصرف الصحي، مشيرا إلى أن عدداً كبيراً من الأطفال دون سن العامين، يعانون البرد والجوع وأمراض الالتهابات التنفسية.
يذكر أن الظروف الإنسانية الكارثية الناتجة عن العدوان الإسرائيلى المستمر منذ 14 شهرا دفعت نحو مليونى نازح منذ 7 أكتوبر 2023، إلى العيش فى خيام تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة، ولا تقى من برودة الشتاء ولا من موجات الصقيع القاسية، بعد أن دمرت إسرائيل منازلهم.
وتأتى أزمة غرق الخيام تزامنا مع استهداف قوات الاحتلال للمستشفيات فى قطاع غزة لتضيف مأساة وجريمة جديدة ضد الفلسطينيين، حيث أكد خليل دقران، المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة، إن الاحتلال أخرج معظم المستشفيات فى غزة عن الخدمة واعتقل أكثر من 100 من الكوادر الصحية، إضافة إلى اعتقال 4 مرضى أثناء نقلهم إلى مجمع الشفاء، وطالب المنظمات الدولية بالتدخل لوقف جرائم الاحتلال.
من جانبها، طالبت منظمة العفو الدولية، إسرائيل بالإفراج عن المعتقلين العاملين فى مجال الصحة، ومن بينهم مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور حسام أبو صفية، «فوراً ودون شروط».
وقالت المنظمة إن على إسرائيل الإفراج فوراً عن كل الفلسطينيين المعتقلين تعسفياً وخاصة العاملين فى مجال الصحة، مشيرة إلى ضرورة تحرك المجتمع الدولى بشكل عاجل لإنهاء الإبادة الجماعية الإسرائيلية فى غزة.
وكانت منظمة الصحة العالمية قالت، فى وقت سابق، إن مستشفى كمال عدوان شمال غزة أصبح خالياً تماماً، ولا يوجد أى تواصل مع مدير المستشفى منذ اقتحامه.
كما أكد مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس فى منشور على منصة «إكس»، أمس: «أصبحت المستشفيات فى غزة مرة أخرى ساحات للمعركة، والمنظومة الصحية تحت تهديد خطير». وأضاف: «نكرر: أوقفوا الهجمات على المستشفيات. الناس فى غزة يحتاجون إلى الوصول إلى الرعاية الصحية. العاملون فى الخدمات الإنسانية يحتاجون إلى إتاحة المجال لهم لتقديم المساعدات الصحية. أوقفوا إطلاق النار!».
وبالرغم من سيل المناشدات بإنهاء الحرب، قالت وزارة الصحة بغزة، ان الاحتلال الاسرائيلى ارتكب 3 مجازر ضد العائلات فى قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 27 شهيدا و 149 اصابة خلال الـ «24 ساعة الماضية».
وتواصل القوات الإسرائيلية قصفها لمختلف مناطق غزة فى اليوم 451 من الحرب، حيث شهد القطاع أمس قصفاً جوياً ومدفعياً إسرائيلياً عنيفاً طال مناطق متفرقة، بعد أن أطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية النيران اتجاه منطقه المواصى غربى مدينة رفح جنوبى القطاع، فيما كثفت المدفعية قصفها على المناطق الشمالية الغربية لمدينة رفح أيضاً.. وفى مؤازاة ذلك هزت انفجارات عنيفة وسط غزة، جراء نسف مبان سكنية فى أرض أبو مهادى غرب مخيم النصيرات. كما أطلقت مسيرات إسرائيلية النار صوب منازل المواطنين غربى المخيم.
من ناحية أخري، اعلنت هيئة الأسرى ونادى الأسير أمس عن استشهاد 5 اسرى من قطاع غزة فى سجون الاحتلال خلال 24 ساعة.. وقالت الهيئة ونادى الأسير، إن «ما يجرى من ارتفاع فى أعداد الشهداء الأسرى هو كارثة إنسانية متصاعدة، وتأكيد جديد على ما حذرنا منه أن الاحتلال ودون أدنى اعتبار للإنسانية جمعاء يعمل على تصفية الأسرى بشكل ممنهج وعلنى».
وشددا على أن «عامل الزمن اليوم يشكل الحاسم الأساس لمصير الأسري، وذلك مع استمرار الجرائم الممنهجة وعلى رأسها جرائم التعذيب غير المسبوقة بمستواها وكثافتها، والتى ستؤدى إلى نتيجة واحدة فقط هو استشهاد المزيد من الأسرى والمعتقلين.