اقترح الرئيس الأمريكى بايدن أثناء خطاب حالة الاتحاد فكرة إنشاء ميناء بحرى مؤقت « رصيف عائم « يساهم فى إيصال المواد الإغاثية للشعب الفلسطينى ، وبسرعة البرق جاءت الموافقة الممزوجة بالترحيب من تل ابيت ! وهنا هو مكمن اللغز والشفرة السياسية المسمومة التى تحتاج الى فك وتفسير وإعادة تركيب الأحداث وفقا لمجرياتها الزمنية والجغرافية ، وهنا نسأل ونتساءل وبشكل مباشر وهل هناك عيب فى معبر رفح؟ خاصة وان مصر التى جفت حلوق مسئوليها فى المطالبة بتسهيل خروج المساعدات المصطفة امام المعبر فى جانبه المصري؟ والسؤال الأهم لماذا الآن تقدم امريكا وتوافقها اسرائيل دون إبطاء؟ ولماذا قامت اسرائيل بالإعلان من جانبها عن نيتها فتح ممر غربى لادخال المساعدات!؟ وهنا أيضا نسأل اسرائيل ولماذا لا تسمحون بإدخال المساعدات من معبر رفح؟ لماذا كل هذه العراقيل والمطبات امام المعبر المصرى ؟ ولماذا فى نفس التوقيت يتم البحث عن بدائل أكثر صعوبة وكلفة رغم أن معبر رفح مفتوح طوال الـ 24 ساعة منذ اندلاع الأزمة ؟ هناك تفسيرات سطحية وهى ان الإدارة الأمريكية فى ضائقة انتخابية بسبب الأوضاع فى غزة وتحاول تلك الإدارة ان تدق على أوتار القلوب المكلومة بفكرة الميناء البحرى ، وهناك من يربط بين تلك المقترحات وبين النوايا الاسرائيلية فى اطالة امد الحرب، وهناك من يشير إلى فكرة أن الولايات المتحدة وإسرائيل تتجهان إلى تسطيح وتمييع القضية وحصرها فى إدخال المساعدات دون التطرق إلى وقف إطلاق النار والانخراط فى حلول نهائية تفضى إلى إقامة دولة فلسطينية، وربما كانت كل تلك التفسيرات صحيحة ، لكن ما أميل اليه هو أن هناك اتجاها ونية أمريكية واسرائيلية للتشويش على دور مصر وصوتها فى هذه الأزمة ، والمعلوم وكما أكد الرئيس اكثر من مرة أن هناك مخططات لتصفية القضية وتهجير الفلسطينيين إلى خارج أراضيهم ، الرئيس تحدث فى مناسبات عدة ، فى الاحتفال بانتصارات اكتوبر وتحديدا يوم الاصطفاف الجيش المصرى وبعدها فى الكلية الحربية ثم أكاديمية الشرطة ثم عيد الشهيد ، الرئيس تحدث بحكمة بالغة ووعى تاريخى بكل ما يدور حولنا من صراعات ولا يغلق الباب عن فكرة المؤامرات التى تحاك بالمنطقة منذ عقود طويلة ، وهنا أطرح مقترحا قد يكون كاشفا حال تطبيقه أو حتى بمجرد عرضه ، المقترح هو قيام مصر بتحريك حاملة الطائرات الميسترال شرقا الى سواحل غزة كما حركتها غربا الى السواحل الليبية إبان كارثة الإعصار حيث ساهمت الحاملة فى إنقاذ الآلاف من الإخوة الليبيين واقامت مستشفى على ظهر الحاملة وكان ذلك موضع تقدير وإشادة من الجميع ، اليوم أمريكا وإسرائيل يقدمان فكرة إقامة رصيف بحرى مؤقت لاستقبال المساعدات وإيصالها الى سكان غزة ،فإذا كانت الفكرة إنسانية بحق فيكون السؤال المباشر والبسيط هو «وماله معبر رفح ؟» ثم يتم طرح فكرة الميسترال توفيرا للوقت والجهد وكشفا للنوايا المنتقبة ، وهنا اتساءل بالمرة لماذا وفجأة تتحرك الطائرات الأمريكية والاوروبية لإلقاء المساعدات من الجو على السكان؟ ما هو الجديد الذى دفع الأمريكان الى القيام بذلك ؟ وما هى دوافع اسرائيل للموافقة العاجلة على كل تلك التحركات ؟ بيد ان الأمر ليس له علاقة بالجوانب الإنسانية وان كان له ارتباط بالجوانب الانتخابية داخل امريكا وبالخطط الحزبية الإسرائيلية، أكتب ذلك وانا أتابع توقف او تعقد او تباطؤ مفاوضات الهدنة بسبب التعنت الاسرائيلى الواضح، ما يهمنى هنا هو إنقاذ الشعب الفلسطينى من الإبادة الجماعية التى يتعرض لها والتهجير الممنهج والمخطط الذى تستهدفه إسرائيل، وفى نفس الوقت الحفاظ على الدور المصرى النزيه والذى يحاول البعض الانتقاص منه او تشويهه والتشكيك فيه، يا سادة أنا غير قادر على هضم واستساغة فكرة الميناء البحرى رغم وجود المعبر البري.