ربما يبدو ظاهر الأمور غير باطنها.. ربما تعتقد ان ما يحدث ويجرى هو حرب وصراع بين طرفين.. وفى الحقيقة ان ما يجرى صناعة وتخليق للمؤامرات والمخططات والحصار والإشعال.. فهناك «أدوار وظيفية» يقوم بها البعض.. قد تخيل على بعض الموتورين وما هى إلا توابع وأذناب لقوى الشر والمؤامرة.
الوعى والفهم والإدراك الحقيقى لما يواجه مصر من تحديات وتهديدات وجودية.. على كافة الاتجاهات الإستراتيجية ومخططات تحاول ان تفرض واقعاً على الأرض..
بالابتزاز والحصار والخنق والتضييق.. لكنها جميعا محاولات يائسة وفاشلة تحطمت على صخرة الشرف والشموخ المصري.. فليتأكد الجميع من أبناء هذا الشعب ان كل ما يجرى فى المنطقة من صراعات وتوترات ونزاعات وإشعال فى دول الأزمات التى باتت مثل «الطوق» تستهدف مصر بالدرجة الأولي.. فهى الهدف وغاية الأشرار بل أعادت المخططات القديمة.. بآليات وأشكال جديدة.. لكن مصر دائماً قادرة على اجهاض سيناريوهات المخططات.. فلا تصفية ولا تهجير ولا توطين على حساب مصر.. حتى وان تآمروا وتحالفوا ودبروا بليل.. لكن مصر لديها قائد عظيم.. وشعب على قلب رجل واحد ووطن لديه القوة والقدرة والحكمة.
الناس أنواع.. فى آرائهم ووجهات نظرهم.. هناك من يبالغ فى النقد.. وأحياناً يكون غير موضوعى لا يستند إلى إدراك حقيقى لطبيعة الواقع الذى نعيشه وحجم التحديات التى نواجهها.. وهؤلاء غارقون فى الرومانسية السياسية بعيدون عن الواقع الحقيقي.. غير مدركين لأسباب الأزمة.. البعض الآخر يرى أننا نواجه تحديات وتهديدات وجودية.. وتداعيات فرضت علينا لا ذنب لأحد فيها ولم نكن نتوقع هذا الحجم الكبير من الصراعات والحروب والاضطرابات العالمية والإقليمية غير المسبوقة.. قد يرى البعض أننى أسوق مبررات وذرائع وشماعات.. لكن الحقيقة هذا هو الواقع الذى نعيشه ويجب أن نعيه جميعاً من أجل الاطمئنان على سلامة الوطن الذى يواجه تحديات وتهديدات وجودية.. ولا توصيف لها سوى أنها وجودية ومصيرية بعد أن تكالبت قوى الشر علينا.. وتعمل على تطويقنا من كل الاتجاهات فى ظاهرة وتهديد خطير وغير مسبوق.. فعلى مدار التاريخ.. كانت التهديدات تأتى إلى مصر من اتجاه واحد.. وفى الغالب كان الاتجاه الشمالى الشرقي.. لكن الآن وبالنظر إلى الأوضاع الإقليمية المحيطة بنا.. نجد أنفسنا فى طوق ودائرة من النار تحتاج إلى حكمة بالغة.. واصطفاف وطنى قوي.. وصبر وتريث وقوة وقدرة موجودة على أرض الواقع بنيت على مدار السنوات القليلة الماضية.. تدار بحكمة ورشد وعدم اندفاع.. تعلى من شأن حماية الأمن القومى المصرى فقط.. ولن نتورط فى مقامرات وأهم ما يبشر ويطمئن المصريين أن لديهم قيادة وطنية اتخذت من الحكمة والفهم العميق والقراءة المبكرة وتوقع سلوكيات ومخططات قوى الشر فى استشراف للمستقبل.. ثم بناء القوة والقدرة والردع الذى يستطيع درء المخططات والمؤامرات والحفاظ على مصر من هذه التهديدات والمخاطر.
نعم.. يجب أن ننشغل بأبعاد الأزمة الاقتصادية التى جاءت من أزمات عالمية طاحنة وهى موجودة بالفعل.. الدولة بكافة أجهزتها تعمل على مدار الساعة.. وتنفذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى لتخفيف المعاناة عن المواطنين.. ودفع الاقتصاد المصرى إلى مساراته الطبيعية بتحقيق معدلات النمو السابقة.. لكن يجب علينا أن ننشغل أكثر بما يدور فى رحى الشرق الأوسط من أزمات وحروب يخشى أن تصل إلى مرحلة اتساع دائرة ونطاق الصراع.. لتصل إلى مرحلة الحرب الإقليمية الشاملة بمشاركة ورعاية قوى دولية لها مصالحها وحساباتها بطبيعة الحال فى المنطقة.
هنا.. أكرر لا أسوق ذرائع أو مبررات على الاطلاق ولكن هدفى لفت الانتباه إلى المرحلة الوجودية التى نعيشها ومحاولات قوى الشر إحكام الحصار علينا.. وهو ما يستلزم من الجميع الاحتشاد والإدراك والفهم والصبر والتضحيات.. فالاختيار الأساسى للجميع قولاً واحداً.. هو الوطن وهناك من ضحى بروحه وحياته من أجل تحقيق هذا الهدف.. وربما يستلزم الأمر منا الصبر والتحمل بعض الوقت حتى تمر هذه العواصف أو الطوفان الذى قد ينفجر فى المنطقة.
لا أبالغ إذا قلت إن كل ما يجرى فى المنطقة من أحداث واضطرابات وصراعات وصناعة أزمات وتهديدات الهدف منه الدولة المصرية واصطيادها واستدراجها فى محاولة للتوريط والاستنزاف من خلال محاصرتها من كل اتجاه بالتهديدات والمخاطر.. لكن الدولة المصرية أو قل (مصر- السيسي) أكبر من أن تستدرج أو تسقط فى مستنقع الاستنزاف المخطط لتحقيق أهداف شيطانية قديمة وجديدة فى النيل من الدولة المصرية وإضعافها والاجهاز على مشروعها الوطنى لتحقيق التقدم الذى ظهرت بشائره بشكل واضح قبل اندلاع الصراعات الأخيرة.. وهو ما قض مضاجع المتآمرين وقوى الشر.. لذلك بدأ التحرك فى كافة الاتجاهات من أجل ضرب وتعطيل المشروع المصرى الذى ظهرت عليه ملامح النجاح بقوة وبدأت التوقعات الدولية تشير إلى جلوس ووصول مصر إلى قائمة الدول المتقدمة اقتصادياً.. وصاحبة قوة وقدرة وتفوق إستراتيجيى سواء على المستوى الإقليمى أو الدولي.
الحقيقة انه بالنظر إلى المنطقة التى نعيش فيها.. لم نكن نتوقع يوما أن بعض الاتجاهات الإستراتيجية تمثل خطراً وتهديداً للدولة المصرية.. لكن الواقع يقول: إن جميع الاتجاهات تمثل خطراً حقيقياً الآن.. بل هناك تهديدات مستجدة بعيدة المدي.. لذلك هناك ملفات كثيرة فى مصر.. يسهر عليها رجال شرفاء يواصلون الليل بالنهار ولا يتوقفون عن العمل والمتابعة والتعامل من أجل درء المخاطر عن الدولة المصرية والحفاظ على أمنها القومى واستقرارها واستكمال مسيرة البناء والتنمية.. الأمن القومى المصرى شديد الارتباط بدول الجوار فيكفى أن أقول: إن حدود مصر مع الجانب الليبى فى الاتجاه الغربى 1200 كيلو متر ومع الجانب السودانى 1280 كيلو متراً ومع غزة 14 كيلو متراً ومع دولة الاحتلال يزيد على 260 كيلو متراً.. لذلك فى ظل الأحداث والاضطرابات والاشتباكات والصراعات والحروب والاقتتال الأهلى فإن مسئولية حماية وتأمين الحدود أمر شديد الأهمية وهو عملية صعبة للغاية ولم تكن لمصر القدرة على تأمينها لولا قوة الدولة المصرية وإدراكها واستعدادها لمجابهة كافة التهديدات والمخاطر.
لكن حديثى سيكون عما يحدث فى الأراضى الفلسطينية عموما.. وقطاع غزة على وجه خاص من تصعيد للعدوان وحرب إبادة حقيقية يشنها جيش الاحتلال على سكان غزة.. ولا توصيف آخر لها سوى أنها حرب إبادة.. دمر فيها الحجر والبشر وقضى على كافة مقومات الحياة فى القطاع.. وقام بحصار وتجويع الفلسطينيين وقطع سبل ومصادر الحياة عنهم ناهيك عن القتل وسفك الدماء.. لم يرحم الأطفال أو النساء أو المدنيين الأبرياء ولم يحترم قدسية المساجد والكنائس ولم يترك المستشفيات والمخابز ومحطات المياه والكهرباء.. فى مخطط همجى وحشى لا يصدقه عقل.. كل ذلك من أجل محاولات تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين وتوطينهم فى سيناء على حساب الأراضى المصرية والأمن القومى المصري.
الرئيس عبدالفتاح السيسى – وهذه قولة وشهادة حق- قائد وطنى شريف واستثنائى مخلص لهذا الوطن.. وسوف يتوقف أمامه التاريخ بالإجلال والاحترام والاعتزاز – تصدى بكل قوة وحسم وبشكل قاطع لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية.. فمصر الشريفة هى الراعى والداعم التاريخى لحقوق الأشقاء الفلسطينيين وقضيتهم العادلة.. كذلك أجهض مخطط تهجير الفلسطينيين أو توطينهم فى سيناء ولا يمكن لبشر أن يتوقع حجم الضغوط والإغراءات والحصار والخنق والتضييق على مصر من أجل أن تركع وتستجيب لمطالب ومخططات قوى الشر.. فمصر الحرة أكبر وأعظم من أن تركع إلا لله.
رغم موقف مصر الواضح والصريح والحاسم والقاطع برفض التهجير والتوطين إلا أن قوى الشر مازالت تمارس الضغوط والابتزاز بعد أن فشلت فى كل المراحل والمحاولات واتخذت قوى الشر أساليب شيطانية فما يحدث فى المنطقة من اشعال حرائق فى البر والبحر وما يجرى من صراعات وتوترات واقتتال أهلى الهدف منه مصر بالدرجة الأولى فهى المطلوبة.. وفى ظل الأدوار الوظيفية لبعض الدول والميليشيات التى تبدو وكأنها على خلاف وتوترات وصراعات مع قوى كبرى تشتعل حرائق جديدة للإضرار بمصر واقتصادها وإضافة أعباء جديدة عليها من أجل الابتزاز ومحاولات التركيع اليائسة والفاشلة ومصر أكثر فهماً وإدراكاً لما يدور ويستهدفها من ألاعيب قوى الشر من حصار وخنق.. فالبحر الأحمر وتحديدا باب المندب وما يحدث فيه بطبيعة الحال له تأثيراته السلبية على مصر خاصة قناة السويس وهو ما يزيد أيضاً من أوجاع وآلام الاقتصاد العالمى ويؤدى إلى تفاقم الظروف والأوضاع الاقتصادية فى العالم والشعوب من زيادة فى معدلات التضخم وارتفاع الأسعار وتحرك سعر برميل البترول وإعلان شركات التأمين رفع أسعار التأمين على السفن بسبب الأوضاع فى البحر الأحمر وباب المندب سواء من خلال استهداف الحوثيين للسفن العابرة إلى إسرائيل فى البداية.. ثم استهدافها لسفن قوة التحالف بعد أن قامت أمريكا وبريطانيا بعمليات عسكرية تستهدف المواقع الحوثية فى اليمن وهو ما يزيد الأمور تعقيداً وتصعيداً ويرفع من حدة التوتر فى المنطقة.. فالأولى هو وقف العدوان والتصعيد الإسرائيلى على قطاع غزة والضفة الغربية واستئناف المفاوضات بدلاً من التفكير فى علاج أعراض المرض وهو ما ترفضه واشنطن ولندن.. وهناك ترويج وزعم بأن هناك خلافاً بين أمريكا وإسرائيل – أو قل نتنياهو – فى ظل وجود أزمات وأشك فى ذلك تماماً فالأقرب انه توزيع وتبادل للأدوار.. والحقيقة أن هناك مباركة ودعماً وتأييداً مطلقاً وهو ما تكشفه جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن وتدفق للسلاح والمساعدات واطلاق يد جيش الاحتلال فى مزيد من حرب الإبادة.
إسرائيل بعد مضى أكثر من 100 يوم على عدوانها على قطاع غزة لم تربح أى شيء ولم تحقق أى هدف.. بل الآن تخرج دباباتها وآلياتها من غزة تجر أذيال الهزيمة النكراء بعد تدمير 1000 دبابة وآلية وخسارة آلاف القتلى والجرحى والمصابين والمعوقين أو الذين أصيبوا بأمراض نفسية ومازال الأسرى والمحتجزون الإسرائيليون فى حوزة المقاومة الفلسطينية التى تتفنن فى زيادة أوجاع نتنياهو ومجلس حربه وحكومته من خلال إنزال القتل والإصابات بجنوده وضباطه وآلياته.. أو بث فيديوهات للمحتجزين أو الأسرى الإسرائيليين أو الإعلان عن فقد الاتصال ببعضهم.. أو مقتل عدد منهم أو سقوطهم قتلى بنيران صديقة من جيش الاحتلال وهو ما يزيد الضغوط على نتنياهو.. وأصبحت المظاهرات والاحتجاجات فى الداخل والسب والقذف من أسر الأسرى والمحتجزين ودخولهم فى اعتصام أمام مقر جيش الاحتلال ومجلس الوزراء.. يقض مضجع نتنياهو وحكومته ويدق رءوسهم بمطرقة.. هذا من جانب.. أما الشق الثانى من خسائر دولة الاحتلال فهى سقوط الصورة المزيفة لجيش الاحتلال وظهوره فى حالة ضعف وارتباك وهلع وفزع وانقسامات بين الجيش والحكومة.. ناهيك عن خسائر فادحة فى الاقتصاد ووصول عجز الموازنة إلى 6.6٪ وهروب السياحة والمستثمرين وايقاف المصانع والإنتاج وحالة الذعر والهلع والرعب التى تنتاب الإسرائيليين مع إطلاق زخات الصواريخ من المقاومة ومن المناطق التى أعلن جيش الاحتلال السيطرة عليها فالصواريخ تنطلق من شمال غزة وفى الجنوب يجرى اصطياد ضباط وجنود إسرائيل مثل صيد البط وتحول الركام والأطلال كما قلت فى بداية العدوان الذى خلفه القصف الجوى البربرى والمسعور إلى سلاح فى يد المقاومة لإسقاط المزيد من القتلى فى صفوف جيش الاحتلال.
محاولات إسرائيل لاستدراج مصر هى محاولات يائسة وفاشلة هدفها محاولات التغطية على الفشل الذريع والاخفاق المزرى أودى بمستقبل نتنياهو السياسى وبات قاب قوسين أو أدنى إلى استخراج شهادة الوفاة.. أو ما ستسفر عنه تحقيقات الفساد والفشل والتقصير وقتل الجنود والضباط وخسارة الجيش المادية والأدبية والمعنوية.. لذلك يحاول ايجاد أى محاولة لصناعة أفلام «ركيكة» أو تحقيق مجرد نصر وهمى يخدع به الرأى العام الإسرائيلى الذى بات على قناعة أن الحل فى رقبة نتنياهو وباقى حلفائه المتطرفين مثل ايتمار بن غفير ووزير الطاقة والمالية.. والذين نجحوا فى إلحاق هزيمة نكراء بدولة الاحتلال حتى بات البعض من نخبهم ومؤرخيهم يتوقع فناء إسرائيل فى ظل حالة التصدع والانشقاق والدعم الدولى غير المسبوق للقضية الفلسطينية وفى ظل هجرة الإسرائيليين إلى خارج دولة الاحتلال دون رجعة.
مصر لن تخضع ولن تركع ولن تفرط فى حبة رمل واحدة ولن تتنازل عن ثوابتها الشريفة.. ولا تصفية للقضية الفلسطينية ولا تهجير قسرياً لسكان غزة.. ولا توطين فى سيناء.. تلك المخططات القديمة التى يحاولون إعادة تسويقها من جديد.. لكنها تتحطم دائماً على صخرة الشموخ المصري.
ما أريد أن أقوله للجميع.. نعم لدينا أزمة اقتصادية فرضتها علينا ظروف ومتغيرات وتحديات عالمية لم نكن نتوقعها أو يتوقعها أحد فى العالم.. والدولة تتعامل مع هذه التحديات الاقتصادية بجدية وتكافح على كافة الجبهات.. تحاول اجهاض التضييق والحصار الاقتصادى ومحاولات التطويق الإستراتيجى لمصر.. لكن لابد أن ننظر للأمور بشكل أكثر عمومية وشمولاً ولا نغفل أننا نواجه تهديدات وجودية من كل صوب وحدب.. تشكل خطراً داهماً على الحاضر والمستقبل وهو ما يتطلب الوعى والإدراك والفهم والاصطفاف أيضاً والصبر لحين عبور الأزمات وقبلها التهديدات.. فمصر تواجه تحديات وتهديدات غير مسبوقة تحيطها المخاطر من كل اتجاه وهناك أبطال ساهرون على أمنها واستقرارها ورجال يواصلون الليل بالنهار وملفات كثيرة يعكف عليها هؤلاء الشرفاء تحت قيادة قائد عظيم قادر على العبور إلى بر الأمان كما عودنا دائماً.. بحكمة وهدوء وصبر وعن قوة وقدرة.