ما تتعرض له أمتنا العربية هذه الأيام من تهديدات لأمنها القومى جد خطير.. فإسرائيل وسفاح القرن نتنياهو لا يتردد عن المضى فى تنفيذ الحلم الصهيونى الذى خططوا له من إبان مؤسس الحركة الصهيونية فى أواخر القرن قبل الماضى تيودر هرتزل، ولا يجد فرصة أفضل أكثر من هذه الفترة التى تشهد فيها منطقتنا العربية نزاعات وصراعات وفتناً، بعدما طالها خداع الربيع العربى باسم الديمقراطية ومشكلات الشعوب الاقتصادية والاجتماعية وسيطرة النظم الاستبدادية فى بعض هذه الدول.. حتى ان مثل هذه الشعوب صارت تفرح بالبديل وتهلل لقدومه حتى ولو مجهول الهوية أو يرتدى ثياب الواعظين المتأسلمين، مثلما نرى هذه الأيام الواقع المأساوى فى سوريا عقب استسلام الأسد وسقوط جيشه وهروبه والاحتماء فى الحليف الروسى الذى رفع يده عنه مثلما فعلت إيران وغيرها من أحزاب دينية، قلمت أظفارها يد اسرائيل الطولي.
الحقيقة، أننا لا نجد فى هذه التطورات الخطيرة التى تنال من أمتنا العربية وأمننا القومى العربى سوى موقف مصر القوى الذى يتجسد طوال هذه التهديدات ومنذ الوهلة الأولى لأحداث غزة فى السابع من اكتوبر 2023 برفض محاولة أى طرف إقليمى فرض واقع جديد على المنطقة، خاصة على الأراضى السورية بعد أن انتهزت اسرائيل الفراغ السياسى والعسكرى وسيطرت على المنطقة العازلة الاستراتيجية وجبل الشيخ فى الجولان فى خرق فاضح للاتفاقية الموقعة عام 1974 بعد حرب اكتوبر، التى أعادت الكرامة للأمة العربية.
بصراحة شديدة، فإن ما يحدث من مواصلة جيش الاحتلال الاسرائيلى لانتهاكاته فى اتجاهات مختلفة، وفى الوقت الذى تستمر فيه الضربات الاسرائيلية فى غزة ولبنان وسوريا، لا يتردد جيش الاحتلال الاسرائيلى يوم الجمعة الماضى عن كشف تفاصيل الهجمات الجديدة التى شنها الطيران الاسرائيلى فى اليمن باستهداف الاحتلال شل نشاط ثلاثة موانئ رئيسية يعتمد عليها الحوثيون فيما وصفه بأنه ضرر اقتصادى خطير للغاية.
>>>
وبعيداً عن التحرك السياسى الواسع للقيادة السياسية المصرية على مختلف الاتجاهات وعبر العديد من المؤتمرات التى استضافتها مصر وآخرها قمة الثمانية وتحذير الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن المنطقة تواجه تحدياً جسيماً يمكن أن يضع مقدرات الشعوب فى خطر والتنسيق مع كل الأطراف لتحقيق التهدئة لوقف حرب غزة، وكذلك رفض تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم.. أتساءل عن دور الجامعة العربية فى ظل هذه التطورات الأخيرة، خاصة احتلال الأراضى السورية وتهديد جنرالات اسرائيل بأن يدها الطولى يمكن أن تطال أى كيان فى المنطقة تزعم أنه يهدد أمن اسرائيل.
أتصور أن أقل القليل مع هذا التصعيد الاسرائيلى الصارخ والتمدد والغرور والصلف الذى يبدو عليه سفاح اسرائيل نتنياهو، هو الدعوة لعقد قمة عربية تضم كل قادة ورؤساء وزعماء الأمة العربية يعلنون خلالها عن رفضهم الواضح والقوى لهذا العدوان الاسرائيلى الذى لا أحد يعرف إلى من من دول المنطقة وشعوب الأمة العربية يمكن أن يمتد لها.
لقد كانت القمم العربية الطارئة التى كانت تعقد فى الظروف الخطيرة التى تواجه فيها الأمة العربية أخطاراً جسيمة مثل قمة الخرطوم عقب نكسة 1967، بل حتى قمة القاهرة عقب اعتداء الرئيس العراقى صدام حسين على دولة الكويت الشقيقة وغيرها من القمم غير الدورية، تأثيراً إيجابياً عظيماً إن لم يكن على النظام والمجتمع العالمى والقوى الدولية المؤثرة، فإنه كذلك على المواطن العربى وإحساسه بأن الكيان العربى وشعوبه مازالت حية باقية قادرة على أن تُسمع العالم صوتها وتنبه لحجم الخطر وتبجح الكيان الصهيونى الذى استباح دماء الأطفال على مرأى وسمع من العالم وفى صمت مريب يفضح رضاه عن المخططات الدولية والإقليمية التى تحاك ضد أمتنا العربية.